نظمت حملة "غنوشي لست وحدك" ندوة فكرية سياسية بعنوان "في ذكراها الـ42، وزعيمها المؤسس في السجن، أي مستقبل لحركة
النهضة؟"، شارك فيها المفكر الموريتاني محمد المختار الشنقيطي ووزير الخارجية الأسبق رفيق عبد السلام والباحث في الأنثروبولوجيا الثقافية الأمين البوعزيزي، إلى جانب القيادي ومستشار رئيس حركة النهضة رياض الشعيبي. وأدارها الإعلامي العراقي ورئيس مؤسسة قرطبة أنس التكريتي.
بداية، أشار الشنقيطي، خلال تطرّقه إلى التطور التاريخي لحركة النهضة وارتباطه بفكر زعيمها المعتقل
راشد الغنوشي، إلى أن "الحركة وُلدت في سياقات ما بعد استعمارية حاربت خلالها كل شعوب المنطقة من أجل الدفاع عن موروثها وهويتها المتجذّرة".
في المقابل، اعتبر عبد السلام أن النهضة امتداد للحركة الوطنية التي قاومت الاستعمار ثم الاستبداد، وأن أهم إضافة قدمتها هي أنها ربطت النضال من أجل الإسلام بالنضال من أجل تجذير قيمة الحرية ومقاومة الاستبداد.
أما البوعزيزي، فذهب إلى أن فكر الغنوشي كان سابقا لتطور جسم حركة النهضة نفسها، داعيا إلى تحويل كتاباته إلى تربية داخلية بين أنصار الحزب ومناضليه.
المشاركون في الندوة أشاروا إلى أن فكر الغنوشي قد تجاوز حدود
تونس، فيما بقيت تجربة حزبه محكومة بضغوط السياق المحلي ومناخ إقليمي معاد للديمقراطية وللإسلاميين على حد سواء، بحسب ما اتفق على توصيفه الشنقيطي والبوعزيزي.
الشعيبي أضاف أن هذه الأفكار وإن كانت قد تحولت إلى ممارسة فعلية، فإن صراع النخبة الذي يميل نحو رسم الحدود الإيديولوجية بين مكونات المشهد التونسي كان هو الطاغي.
أما عبد السلام فاعتبر أن تقييم مردود الحركة خلال السنوات العشر التي تلت الثورة ضروري، مشترطا أن يتم ذلك بتوازن وضمان تقييم جماعي لأداء مختلف الشركاء، فالنهضة لم تحكم سوى فترة وجيزة وكانت أحيانا الطرف الأضعف والأقل تمثيلا في السلطة، وأهم ما يحسب لها أنها حافظت على مكتسب الحرية في تونس ما بعد الثورة.
الأمين البوعزيزي يرى أن "الغنوشي شخصية فكرية ذات بعد مغاربي وآخر عروبي وثالث إسلامي" وأنه "من حق الغنوشي وحركة النهضة أن يدافعوا عن مشروعهم وعن حلول يطرحها الإسلام كمرجعية باعتباره جزءا من الحل خارج التمركز الغربي الذي يعتبر الإسلام جزءا من المشكل".
أما رفيق عبد السلام فقد أشار إلى أن "الانقلاب الشعبوي لا يمكن أن ينهي حركة النهضة ولا المشروع الديمقراطي، فالتونسيون يستفيقون يوما على كارثة تبعات الانقلاب"، مؤكدا أن مستقبل حركة النهضة لن يحدّده الانقلاب لأنها تمثل مشروعا وفكرة قبل أن تكون هياكل وتنظيمات، وهي التي تتقدم اليوم صفوف معارضة الانقلاب، بما يعطيها شرعية سياسية ونضالية لقيادة المستقبل، بحسب قوله.
القيادي في حركة النهضة وفي جبهة الخلاص الوطني المعارضة رياض الشعيبي أشار أيضا إلى أن أغلب القوى السياسية في تونس وعلى الرغم من اختلافاتها إلا أنها باتت متفقة الآن على أن قيس سعيد يمثل خطرا على الديمقراطية في البلاد وعلى أنه من الضروري التصدي لعملية إعادة إرساء نظام حكم شمولي، مشيرا إلى أن حركة النهضة كانت قد أعلنت على لسان رئيسها المعتقل حاليا راشد الغنوشي أنها تمد يدها لكل القوى الوطنية دون استثناء للدفاع عن التجربة الديمقراطية الناشئة، وأنها مستعدة لكل تقييم من شأنه أن يساهم في تنقية الأجواء بين الفرقاء وتجميع صف المعارضة التي جمعها رفض الانقلاب.
ولأول مرة منذ ثورة الربيع العربي سنة 2011 تمنع حركة النهضة من إحياء ذكرى تأسيسها، الذي تزامن مع 6 حزيران/ يونيو الجاري، بسبب إغلاق مكاتبها وسجن زعيمها راشد الغنوشي وعدد من قيادييها البارزين، على غرار رئيس الحكومة الأسبق علي العريض ونائب رئيس الحركة نور الدين البحيري، ضمن حملة يشنها قيس سعيد ضد رموز المعارضة التونسية بتهم ملفقة، وفقا لما تقوله المعارضة وتؤكده تقارير منظمات وهيئات حقوقية دولية.