أعلنت
قوات الدعم السريع، نقل الجنود
المصريين الذين كانوا في مطار مروي خلال
الاشتباكات السبت الماضي، إلى العاصمة الخرطوم.
وقالت
قوات الدعم السريع في بيان مقتضب: "نطمئن أسر وحكومة القاهرة بأن الجنود المصريين الذين
كانوا يتواجدون في قاعدة مروي العسكرية جميعهم بخير ويتلقون الرعاية اللازمة وسيتم
تسليمهم متى سنحت الفرصة المناسبة لذلك وفقاً للأوضاع التي تمر بها البلاد.
وكان الرئيس عبد الفتاح
السيسي، قد اجتمع بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية، لكن الاجتماع انتهى دون الكشف عن خطوات بمكن العمل عليها لإعادة الجنود المصريين المحتجزين.
واكتفى
السيسي بتأكيد، موقف مصر الثابت في عدم التدخل في شؤون الدول،
مشيرا إلى أن بلاده تكثف اتصالاتها مع الجانب
السوداني؛ لوقف إطلاق النار بين
القوات المتصارعة، وبدء المفاوضات للوصول إلى حل.
جاءت
نتائج الاجتماع العسكري مخيبة للآمال، بحسب مراقبين، وخالية من أي قرارات أو
إجراءات بشأن الجنود المصريين الأسرى هناك، واكتفى بالدفاع عن وجود القوات المصرية
في السودان بالقول إنها بهدف التدريبات فقط، وليس لدعم طرف على حساب طرف.
وأشار
السيسي إلى أن هناك اتصالات من أجل التأكيد على أمن وسلامة الجنود المصريين
الموجودين هناك، وحتى الآن لا يعرف مصير هؤلاء الجنود، ولا مكان احتجازهم، ولم يتم
الكشف عن موعد لإعادتهم إلى بلادهم، مع دخول الصراع يومه الرابع.
يشكل
السودان امتدادا حيويا لأمن مصر القومي، ويبلغ طول الحدود بين مصر والسودان 1276
كيلومترًا، وهي بذلك أطول حدود برية لمصر، فضلًا عن كونها الأكثر اكتظاظًا بالسكان
مقارنة ببقية المناطق الحدودية، بحسب مركز مالكوم كير-كارينغي للشرق الأوسط.
مع
اندلاع الاشتباكات المسلحة في بين الجيش وقوات الدعم السريع،
صباح السبت، تم احتجاز جنود مصريين في السودان، بعد سيطرة الدعم السريع على قاعدة مروي الاستراتيجية، الموجودين هناك ضمن تدريبات مشتركة مع الجيش
السوداني.
وكانت
قاعدة مروي العسكرية الإستراتيجية الواقعة شمالي السودان، التي تضم مطارا عسكريا
متقدما، قد احتضنت أولى تلك التدريبات في آذار/ مارس 2021، وهي القاعدة ذاتها التي
استولت عليها قوات حميدتي، وأعلنت استسلام الكتيبة المصرية المتواجدة هناك، ونشرت
مقطعا مصورا لاستسلامهم.
انتقادات
واسعة للنظام والجيش
أثار
استسلام الكتيبة المصرية في السودان في قاعدة مروى العسكرية انتقادات واسعة على
مواقع التواصل الاجتماعي، باعتبار ما جرى إهانة للجيش المصري، حيث تم نشر مقطع مصور -وصفوه بالمذل والمهين- لاستسلام الجنود والضباط دون تدخل من السلطات
المصرية.
وقارن
عدد من النشطاء بين استسلام الجنود المصريين بهذه الصورة المهينة وبين صور الجنود
المصريين في أثناء فض اعتصامات المتظاهرين في ميادين القاهرة بعد الانقلاب العسكري في
تموز/ يوليو 2013، وإذلالهم للمعتقلين بشكل غير إنساني.
وطالما
واجهت مصر انتقادات بسبب تصدرها قائمة الدول الأكثر تسليحا، في الوقت الذي تعاني
فيه من ديون ضخمة، وتأكيد السيسي على ضرورة تزويد الجيش بأحدث المعدات والأسلحة
العسكرية لمواجهة خطر الإرهاب، وطالما هدد بانتشار الجيش المصري في جميع ربوع
البلاد في غضون 6 ساعات لفرض النظام في أعقاب الدعوات للنزول والتظاهر في تشرين
الثاني/ نوفمبر 2016.
وحافظت
مصر على وجودها ضمن قائمة أكثر الدول شراء للسلاح في العالم، رغم قدراتها
الاقتصادية والمالية المحدودة، وجاءت في الترتيب السادس عالميا والثالث عربيا في
واردات السلاح، حسبما ذكر تقرير "الاتجاهات الدولية لعمليات نقل الأسلحة
2022" الصادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام "سيبري"(SIPRI).
واستحوذت
مصر على 4.5% من إجمالي واردات السلاح العالمية في الفترة ما بين 2018 و2022، ولا
يسبق مصر غير 5 دول، هي الصين والهند والسعودية وأستراليا وقطر من بين 167 دولة،
صنفها التقرير على أنها مستوردة للأسلحة الرئيسية في الفترة ما بين 2018 و2022،
وضمت الدول الخمس الأعلى لواردات الأسلحة الهند والسعودية.
خيبة
أمل من اجتماع السيسي بالعسكريين
وعن
أسباب تراخي نظام السياسي في استعادة الجنود المصريين المحتجزين في السودان، قال
الخبير العسكري، العميد السابق بالجيش المصري، عادل الشريف، إن "نتائج اجتماع
المجلس الأعلى للقوات المسلحة جاء مخيبا للآمال، خاصة المؤيدين الذي توقعوا أن
يصدر عنه قرارات "عنترية" في هدف استعادة الجنود الأسرى، لكنه خال من
أي قرارات".
أما
فيما يتعلق بالصراع العسكر ي السوداني، أضاف لـ"عربي21": "قبل
انقلاب الجيش السوداني على البشير كان الجيش وطنيا إلى حد ما، لكن الانقلاب مكن
الجيش من تقويض طموحات التحرر الوطني وتطلعات الحراك الثوري، ولذلك فإن النزاع
المسلح بين الجيش وقوات الدعم السريع لم يحظ بقلق الشارع السوداني والعربي، فكلا
الجانبين عبء على الشعوب مثل بقية الأنظمة".
الجنود
المصريون.. ورقة مساومة
وعلى
الصعيد السياسي، يقول البرلماني المصري السابق، محمد عماد صابر، إن "العساكر
المصريين في قبضة حميدتي، ومفتاح حميدتي مع الإمارات، ثانيا، حميدتي ليس رجلا
ساذجا ليستعدي الشعب المصري، هو فقط يريد ضمان حياد الجيش المصري في صراعه مع
البرهان على السلطة".
مضيفا
لـ"عربي21": "ثالثا، إسرائيل (نتنياهو) لن تترك السيسي في ورطة..
فالسيسي له الأفضلية عند اليمين المتطرف في إسرائيل، وقد تطلب إسرائيل من السيسي
الإسراع في عملية نقل جزيرتي تيران وصنافير للسعودية بدلا من التلكؤ المصري
الأخير".
وتابع:
"رابعا الجيش المصري بصفة عامة جيش وظيفي، ووجود بعض من قواته في السودان يدخل في الدور الوظيفي الموكل له من قبل البنتاجون، وتحديدا القيادة الوسطى
الأمريكية.. بمعنى أن الجنود المصريين المحتجزين في السودان سيعودون سالمين؛ فيكسب السيسي صفة الرجل المُخلِص قبل الانتخابات، وهذه إحدى الوسائل لتلميع صورة
السيسي والعسكر".
واعتبر
البرلماني المصري السابق، أن "الجيش المصري كان على المحك الحقيقي في قضية سد
النهضة، وفشل فشلا ذريعا، وظهر على حقيقته، لم يفعل شيئا يذكر يحسب له، لكن ظهور
الجنود بهذا الشكل المزري انتكاسة لصورة جيش مصر الأكثر تسلحا في العالم".