قال الكاتب البريطاني، ديفيد هيرست، إن ملف
حقوق الإنسان الحافل بالجرائم والعنصرية في أمريكا، يجعلها غير مؤهلة لاستضافة
كأس العالم في 2026.
وذكر هيرست بمقال له في "
ميدل إيست آي" ترجمته "عربي21" أن الهجمات على
المهاجرين باتت من خصائص الولايات المتحدة، ومات ما لا يقل عن 853 مهاجراً العام الماضي وهم يحاولون عبور الحدود بين المكسيك والولايات المتحدة، حتى غدت تلك السنة هي الأكثر فتكاً بالمهاجرين تسجلها حكومة الولايات المتحدة.
وشدد على أن فجوة الثراء هائلة بين الأعراق، إذ يبلغ متوسط الثراء بين العائلات البيضاء في الولايات المتحدة 188.2 ألف دولار مقارنة بما يقرب من 24 ألف دولار بين العائلات السوداء، بحسب ما جاء في المسح المالي للمستهلكين الصادر عن الاحتياطي الفيدرالي في عام 2019.
ولفت إلى أن كثيرا من عمال المزارع غير النظاميين يكدحون في الحقول منذ سنين، يدفعون الضرائب وينجبون أطفالاً أمريكيين، ومع ذلك فهم لا يتمتعون إلا بالنزر اليسير من حقوق العمال، ولا يتيسر لهم سوى القليل من الخدمات الصحية، ويعيشون في ظل التهديد المستمر بالإبعاد.
وتاليا نص مقال هيرست:
ماذا عن كأس العالم القادم؟ أنتظر أن يكتب أحد فيقول إن الولايات المتحدة – التي سوف تشارك في استضافة بطولة كأس العالم لعام 2026 مع كل من كندا والمكسيك – غير مؤهلة كبلد وغير مناسبة لإقامة الفعالية بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان. ولكن لدي إحساس بأنني قد يطول انتظاري.
فقد تم التقدم بما عدده 145 مشروع قانون ضد التحول الجندري في أربع عشرة ولاية العام الماضي، وهو العدد الأضخم في أي دورة تشريعية ولائية واحدة، وذلك طبقاً لما ذكرته حملة حقوق الإنسان.
ولاحظت حملة حقوق الإنسان أن ما لا يقل عن 32 شخصاً ممن يحسبون على التحول الجندري أو عدم الانسجام الجندري تم قتلهم في الولايات المتحدة في العام الماضي، مضيفة أن 600 شخص من المثليين قتلوا خلال العقدين الماضيين.
وتقول حملة حقوق الإنسان إن أرقامها من المحتمل أن تكون أقل من الواقع نظراً لأن وفيات الأشخاص المتحولين لا يتم توثيقها في العادة، أو تعمد الشرطة إلى تغيير الصفة الجندرية للضحايا في تقاريرها.
وماذا عن المهاجرين؟ مات ما لا يقل عن 853 مهاجراً في عام 2022 وهم يحاولون عبور الحدود بين المكسيك والولايات المتحدة، حتى غدت تلك السنة هي الأكثر فتكاً بالمهاجرين تسجلها حكومة الولايات المتحدة. وما بين 1998 وعام 2020 سجلت دوريات الحدود الأمريكية أكثر من 7000 وفاة بين المهاجرين.
في هذه الأثناء، يقدر مركز دراسات الهجرة بأنه في يناير/ كانون الثاني 2022، كان هناك 11.35 مليون مهاجر غير شرعي، وهؤلاء يمثلون الغالبية العظمى من العمال الذي يحصدون المحاصيل الغذائية في الولايات المتحدة.
وقد لاحظ تقرير لصحيفة الغارديان من شهر مايو/ أيار 2021 ما يأتي: "كثير من عمال المزارع غير النظاميين يكدحون في الحقول منذ سنين، يدفعون الضرائب وينجبون أطفالاً أمريكيين، ومع ذلك فهم لا يتمتعون إلا بالنزر اليسير من حقوق العمال، ولا يتيسر لهم سوى القليل من الخدمات الصحية، ويعيشون في ظل التهديد المستمر بالإبعاد.".
وماذا عن الرق، الذي قالت صحيفة ذي إيكونوميست عن تعويضاته إنها كانت "مثيرة للإعجاب من الناحية الأخلاقية ولكنها معيبة"؟ وطبقاً للبيانات الصادرة عن ستاتيستا، ما بين عام 1501 وعام 1866 فإنه "يقدر أن تجارة الرق عبر المحيط الأطلسي شهدت تحميل ما يزيد على 12.5 مليون إنسان أفريقي قسراً في قوارب العبيد، تم نقلهم إلى الأمريكيتين. من بين هؤلاء الـ 12.5 مليون فقط 10.7 مليون وصلوا إلى الجهة الأخرى من ساحل الأطلسي، بما يعني أن ما يقرب من 1.8 مليون (أي حوالي 14.5 بالمائة) لم ينجوا وقضوا نحبهم أثناء الرحلة، التي اشتهرت باسم العبور الوسطي.".
ازدواجية المعايير
وماذا عن إقامة المستوطنين الأوروبيين في الأمريكيتين؟ الأرقام مذهلة. يقدر الباحثون في جامعة لندن أن ما يصل إلى 56 مليون إنسان من السكان الأصليين قتلوا على يد المستوطنين الأوروبيين في جنوب ووسط وشمال أمريكا على مدى ما يقرب من مائة عام. كم من الأراضي الزراعية تم التخلي عنها وأعيد تحريجها لدرجة أنها غيرت المناخ العالمي. بالنسبة للمستوطنين البيض، كانت قبائل السكان الأصليين تقف حجر عثرة في طريق التقدم وفي طريق مصير أمريكا المحتوم.
عندما تنوي أمريكا قتل الناس فإنها تفعل ذلك بفظاعة منقطعة النظير. يقدر الباحثون في جامعة براون أن ما لا يقل عن 480 ألف إنسان قتلوا في العراق وأفغانستان والباكستان، 244 ألفا منهم مدنيون. الطائرات الأمريكية المسيرة والغارات الجوية قتلت وحدها ما لا يقل عن 22 ألف إنسان – وقد يصل العدد إلى ما يقرب من 48 ألف إنسان – منذ الهجمات الإرهابية في الحادي عشر من سبتمبر، بحسب ما ورد في تقرير إيروارز.
وهكذا حدث ولا حرج. بكل المعايير والحسابات التي يتم بها الحكم على البلدان غير الغربية، فإن الولايات المتحدة غير مؤهلة لاستضافة كأس العالم.
والإجابة المعتادة التي يحصل عليها المرء حينما يجمع كل هذه الحقائق البشعة في مكان واحد هي أنها فاقدة للسياق. وهل من الإنصاف لوم أبناء جيل واحد على خطايا أسلافهم؟ هل نحمل ألمانيا ما بعد الحرب جريرة النازية؟ بالطبع لا، ولكن هل عندما نتعامل مع بلد مسلم محافظ من الناحية الاجتماعية فإننا نلتمس للإسلام نفس حجة السياق وباقي التفاصيل؟ من الواضح أننا لا نفعل ذلك.
والحقيقة هي أن الهجمات على المهاجرين وعلى المثليين باتت من خصائص الولايات المتحدة، ورغم تنامي كثافة المطالبات، إلا أنه لم يتم حتى الآن دفع تعويضات عن الرق. وما زالت فجوة الثراء هائلة بين الأعراق. فبعد مرور 150 سنة على إلغاء الرق يبلغ متوسط الثراء بين العائلات البيضاء في الولايات المتحدة 188.2 ألف دولار مقارنة بما يقرب من 24 ألف دولار بين العائلات السوداء، وذلك بحسب ما جاء في المسح المالي للمستهلكين الصادر عن الاحتياطي الفيدرالي في عام 2019.
بصراحة، وبعد مشاهدة التغطية الإعلامية الغربية لكأس العالم، لم يتغير الكثير منذ زمن أولئك المستوطنين البيض الذين كانوا يعتقدون بأن مصيرهم المحتوم كان يقضي بقتل قبائل السكان الأصليين.
فيما عدا شيء واحد، ألا وهو أن رقعة انتشار الفكر الليبرالي الغربي آخذة في الانكماش.. لسوف يرفض بقية العالم، بل بالأحرى معظم العالم، محاولات الغرب التي لا يكل منها ولا يمل لفرض هرمية أممية وإقامة منظومة عقوبات تمارس ضد تلك البلدان التي تعتبر منبوذة مرفوضة بسبب هويتها. سواء أحببنا ذلك أم لا، لم يعد الغرب نموذجاً يحتذى من قبل بقية العالم. لقد مضى الزمن الذي كان فيه الغرب أستاذاً للعالم.