أعلنت مديرية الأمن العام في الأردن
مقتل ضابط كبير؛ إثر تعرضه لإصابة بعيار ناري في منطقة الرأس خلال مظاهرات في
منطقة الحسينية في محافظة معان الجنوبية، وإصابة آخرين في ما وصفته السلطات
بـ"أعمال تخريبية خارجة عن القانون".
وتشهد المملكة
احتجاجات واسعة،
وإضرابات، للمطالبة بوضع حلول للأزمة
الاقتصادية الخانقة التي يمر بها الأردنيون،
آخرها
إضراب سائقي النقل العام والشحن بسبب زيادة أسعار المحروقات.
ونعت مديرية الأمن في بلاغ
"استشهاد العقيد عبد الرزاق عبد الحافظ الدلابيح، نائب مدير شرطة محافظة
معان، إثر تعرضه للإصابة بعيار ناري في منطقة الرأس في أثناء تعامله مع أعمال شغب
كانت تقوم بها مجموعة من المخربين والخارجين عن القانون في منطقة الحسينية في
محافظة معان"، في إشارة للاحتجاجات.
وفي بيان لاحق، أعلنت المديرية إصابة
ضابط وضابط صف بعيارات نارية أثناء تعاملهما مع من وصفتهم بـ"مخربين قاموا بأعمال
شغب".
وأكّدت المديرية أنه جرى إسعافهما
للمستشفى، وهما قيد العلاج الآن، فيما لا تزال القوى الأمنية تواصل أعمالها في
التعامل مع "الخارجين عن القانون في مختلف مناطق المملكة".
وأكدت مديرية الأمن على أنها
"مستمرة في عملها لحفظ أمن الوطن وحماية مواطنيه، وسنضرب بيد من حديد على كل
من يحاول الاعتداء على الأرواح والممتلكات العامة ويهدد أمن الوطن والمواطن"،
بحسب البلاغ.
وشددت مديرية الأمن العام على أنها إذ
تكفل حماية حرية الرأي والتعبير السلمي عنه، فإنها ستتعامل وفق أحكام القانون،
وباستخدام القوة المناسبة مع كل من يقوم بأعمال الشغب والتخريب، أينما كانوا، ولن
تسمح للمجرمين والمخربين باستغلال هذا الظرف للمساس بحياة المواطنين وترويعهم.
بيان وجهاء معان
وبعد مقتل الضابط الدلابيح، صدر بيان
باسم "وجهاء وأبناء محافظة معان"، ينعى الضابط، ويؤكد رفض واستنكار أي فعل خارج عن
القانون خلال الاحتجاج والاعتصام والتعبير عن الرأي في وجه التعنت الحكومي، الذي
اعتبره البيان هو ما أوصل لهذه النتيجة "المؤسفة".
وتابع البيان: "إنّ من يرفع سلاحه
في وجه أي أردني عسكري أو مدني فقد برأت ذمة معان منه ، فلا عشيرةَ له و لا نسب".
وحمل البيان الحكومة الأردنية مسؤولية التصعيد
الأخير، وما آلت إليه الأمور، بسبب عدم قدرتها على أن تكون موجودة داخل الأحداث
منذ بدايتها.
ولفت البيان إلى أن "أصحاب
الأجندات، أو المهربين، أو الخارجين عن القانون، هم من أطلقوا الرصاصة على الضابط "في ليلة ظلماء
اختفى فيها صوت الحكمة و تبخرت فيها رجالات الدولة حتى جعلوا المواطن في مواجهة
مباشرة مع أخيه العسكري في الشارع".
إفراج عن حزبيين
على جانب آخر، أفرجت السلطات عن عدد من
قيادات "حزب الشراكة والإنقاذ" بعد احتجازهم لساعات على خلفية
الاحتجاجات.
وقال الحزب في بيان له إن يستنكر
"محدودية التفكير في العقل الذي يدير الدولة كونه لا يجد ضالته في كل حين لسد
عجز الموازنة إلا بالإصرار على فرض الضرائب على السلع الأساسية ليرتفع سعرها على
المواطنين! هذا مع إدمان صمّ الآذان عن كل نصحٍ وإرشاد".
وأشار الحزب إلى أن القوى المجتمعية
والحزبية في الأردن لم تجد بدا من الخروج للشارع ورفع صوتها لإيصال رسالة للقوى
التي تدير البلاد أن هذا النهج وتلك السياسات هي محل رفض واستنكار، خصوصا وقد فشل هذا النهج لعقود خلت في تقليص
المديونية من جهة ولا في الحد من اتساع رقعة الفقر والبطالة المتعاظمة من جهة أخرى".
ونعى الحزب الضابط الذي قتل في محافظة
معان، داعيا "الجهات المختصة إلى
المسارعة بالتحقيق في الجريمة النكراء والكشف عن مرتكبيها وخلفياتها ودوافعها
بأسرع وقت".
وحذر الحزب من "المجرمين الذين
يستغلون الاحتجاجات الشعبية على رفع أسعار المحروقات لتنفيذ أجندات مشبوهة".
في سياق متصل، نعى حزب جبهة العمل الإسلامي، الضابط الدلابيح في بيان على صفحته الرسمية على "فيسبوك".
وجاء في البيان: "ينعى الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي المهندس مراد العضايلة وأعضاء المكتب التنفيذي وكافة كوادر الحزب شهيد الواجب العقيد عبد الرزاق الدلابيح (...) الذي استشهد اثناء تأديته واجبه".
احتجاجات متواصلة
وتواصلت الاحتجاجات في عدة محافظات
أردنية، والتي بدأت بإضراب نفذه سائقو الشاحنات قبل نحو أسبوعين، حيث خرجت مساء
الخميس الماضي مظاهرة حاشدة في منطقة وسط البلد بالعاصمة عمّان.
وردد مشاركون في المسيرة هتاف
"ياللي واقف عالرصيف.. بكرا بتشحد الرغيف"، و"ياللي بيرفع
بالأسعار.. بده البلد تولع نار"، مطالبين بوضع حلول للأزمة الاقتصادية
الخانقة التي يمر بها الأردنيون، فيما شهدت محافظة معان مظاهر إضراب عام؛ احتجاجا
على الوضع الاقتصادي، وتضامنا مع إضراب الشاحنات وقطاع النقل العام.
وفي الكرك والطفيلة جنوبا، أشعل محتجون
إطارات، وشكلوا تجمعات هتفت ضد الحكومة.
ورغم توصل اللجنة المشتركة بين مجلسي
الوزراء والنواب لحزمة من "القرارات التخفيفية للحفاظ على الأمن والاستقرار،
وتغليب المصلحة العامة"، إلا أن مظاهر الاحتجاج في الأردن آخذة بالتزايد.
وشملت القرارات زيادة على أجور الشحن،
ورفع قيمة الدعم النقدي المقدم لوسائل النقل العام الداخلي، وتثبيت أسعار
"الكاز" المستخدم للتدفئة طوال أشهر الشتاء، وتأجيل قروض البنوك للشهر
الحالي، فضلا عن تقديم دعم نقدي لتدفئة الأسر الفقيرة والمحتاجة، والاستمرار بدعم
حزمة من السلع للعام القادم 2023.
وأمام استمرار الاحتجاجات، أعلنت لجنة
مشتركة من النواب والوزراء في بيان مساء الأربعاء اتفاقا على "زيادة أجور شحن
الحاويات لتصبح 500 دينار (700 دولار) بدلاً من 448 دينارا (627 دولارًا) للطن
لغاية وزن 25 طنا للحاوية على محور عمان/العقبة".
كما تعهدت الحكومة بـ"تنظيم عملية
الدور لشحن البضائع، واعتماد مكتب صرف موحد للحاويات"، وقررت جمعية البنوك
"تأجيل أقساط الديون على المواطنين للشهر الحالي".
وسيجري توزيع مبلغ 2,6 مليون دينار
(3,64 مليون دولار) بدل محروقات "للأسر الأكثر تضررا مع نهاية الشهر
الحالي".
يباع ليتر البنزين أوكتان 90 بـ920
فلسًا (نحو دولار ونصف) وأوكتان 95 بـ1170 فلسًا (1,6 دولار)، أما ليتر الديزل أو السولار فثمنه 895 فلسًا (1,3
دولار) والكاز 860 فلسًا (1,2 دولار).
وهذه الأسعار تقارب ضعف ما كانت عليه
العام الماضي، خصوصا بالنسبة للسولار الذي يشكل الوقود الأساسي للشاحنات والحافلات،
والكاز الذي يعد وقود التدفئة الرئيسي للفقراء.
ويعاني الأردن أوضاعا اقتصادية صعبة
فاقمتها جائحة كورونا، فارتفعت نسب البطالة عام 2021 إلى نحو 25% وفقا للأرقام
الرسمية، بينما ارتفعت بين فئة الشباب إلى 50%.
كما ارتفعت نسبة الفقر إلى 24%، وتجاوز
الدين العام 47 مليار دولار، أي بنسبة تزيد على 106% من الناتج المحلي الإجمالي.