صحافة دولية

WSJ: شي يزور الرياض وسط إعادة رسم خارطة النفوذ الدولي

ليست العلاقات السعودية الأمريكية في أحسن أحوالها - جيتي

نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية تقريرًا تحدثت فيه عن علاقات الرياض الموسعة مع خصوم واشنطن، بما في ذلك الصين التي لا ينفك نفوذها في منطقة الشرق الأوسط عن التنامي.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الزعيم الصيني شي جين بينغ يخطط لزيارة المملكة العربية السعودية قبل نهاية هذه السنة في إطار سعي بكين والرياض إلى توطيد العلاقات الثنائية والنهوض برؤية عالم متعدد الأقطاب لم تعد فيه الولايات المتحدة مصدر الهيمنة.

وفي الوقت الحالي، يستكمل المسؤولون التفاصيل الخاصة بقمة بين شي جين بينغ وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، التي من المقرر أن تنعقد في الأسبوع الثاني من شهر كانون الأول/ ديسمبر. وقد صرح وزير الخارجية الصيني وانغ يي الشهر الماضي بأن بكين "تولي أهمية كبيرة لتنمية العلاقات الصينية السعودية، وتضع السعودية أولوية في السياسة الدبلوماسية الشاملة للصين".

وذكرت الصحيفة أن العلاقات الصينية السعودية تعززت في السنوات الأخيرة في المجال الاقتصادي، بما في ذلك حصة صينية مرتقبة في شركة أرامكو السعودية، وكذلك في المجال العسكري من خلال مبيعات الأسلحة.

ويأتي هذا الاجتماع في وقت أعربت فيه دول كثيرة من العالم النامي عن عدم رغبتها في الانحياز لأي طرف في الحرب بين روسيا وأوكرانيا رغم ما تواجهه من ضغوط من قِبل واشنطن والعواصم الأوروبية. وأعربت الرياض عن رغبتها في وضع مصالحها الخاصة أولاً فيما يتعلق بالسياسة النفطية، بطريقة تقول إنها لا تهدف إلى جعل روسيا تستفيد من ذلك. وقد سعت المملكة لخفض كبير في الإنتاج عبر ائتلاف أوبك+ في محاولة لمنع أسعار النفط من الانخفاض.

وأشارت الصحيفة إلى أن الرياض ترفض مزاعم واشنطن بأنها متحالفة مع موسكو وتقول إنها لا تريد أن يتم إجبارها على الانحياز إلى جانب إحدى القوى العالمية كما فعلت خلال الحرب الباردة عندما وقفت في صف المعسكر الأمريكي.

 وبصفتها ثاني أكبر اقتصاد في العالم ولها مصلحة مشتركة في مواجهة الغرب، قد تكون الصين أهم شريك لموسكو في الوقت الذي يفرض فيه الكرملين عقوبات اقتصادية على الغرب ويخفّض صادراته النفطية إلى أوروبا، مع العلم أن بكين لم تُدِن الغزو الروسي لأوكرانيا واتهمت الولايات المتحدة بتأجيج الأزمة بينما تنفي بيع أسلحة لروسيا. في المقابل، أدانت السعودية الغزو وأرسلت مساعدات إنسانية إلى أوكرانيا، بينما تحافظ على تحالفها النفطي مع روسيا.

ونقلت الصحيفة عن إيان بريمر، رئيس مجموعة أوراسيا، أن إعادة المعيار الاستراتيجي للسياسة الخارجية السعودية أكبر من الخلاف الأخير مع إدارة بايدن بشأن خفض إنتاج النفط، مع بحث الرياض عن ثقل موازن للاعتماد على الولايات المتحدة. وهو يرى أن "هذا التقارب بين السعوديين والصينيين يعكس تحولا طويل المدى سيكون له أهمية اقتصادية، ولن يقتصر على هذه الدورة من الانتخابات".

 

اقرأ أيضا: WP: واشنطن تبحث كيفية إنقاذ العلاقات مع السعودية

كان السعوديون يزوّدون الولايات المتحدة بأكثر من مليوني برميل من النفط يوميًا لكن هذه الكمية انخفضت إلى أقل من 500 ألف برميل وفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية. وقد أصبحت الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط في العالم، في حين أن الصين الآن هي أكبر مشترٍ للنفط السعودي وتليها الهند. ومن المرجح أن يجتمع أكبر مستورد للنفط وأكبر مصدر له في العالم في لحظة مهمة لأسواق الطاقة العالمية قد تحدد مستقبل المجهود الحربي الروسي.

وأضافت الصحيفة أنه قبل وصول الزعيم الصيني مباشرة إلى السعودية، سيتخذ تحالف أوبك+ بقيادة الرياض وموسكو قرارًا مرتقبًا للغاية بشأن إنتاج الخام في 4 كانون الأول/ ديسمبر، بعد خفض الإنتاج بمعدل مليوني برميل الشهر الماضي. وسيلي ذلك التنفيذ المنتظر لسقف أسعار النفط الروسي من قبل مجموعة الدول السبع الكبرى وحظر الاتحاد الأوروبي على خام روسيا. ومن المتوقع أن يلتقي شي بقادة دول الخليج العربي والدول العربية الأخرى في زيارة من المرجح أن تتضمن اتفاقيات توطد الشراكة العميقة بين البلدين.

عندما زار بايدن السعودية في تموز/ يوليو، التقى الأمير محمد وانضم إلى قمة الدول العربية، لكنه واجه انتقادًا مكثفًا في الولايات المتحدة بشأن سجل حقوق الإنسان في الرياض ولم يحرز سوى القليل من الإنجازات الملموسة. ومن المرجح أن يكون الترحيب بالزعيم الصيني أشبه بزيارة سنة 2017 التي قام بها الرئيس آنذاك دونالد ترامب، حيث رحب به ابن سلمان في أول رحلة له إلى الخارج، وذلك وفقًا لأشخاص مطلعين على الاستعدادات.

ذكرت الصحيفة أن العلاقات الرسمية بين الصين والسعودية بدأت في سنة 1990 واقتصرت بشكل أساسي على مجال الطاقة، باعتبار أن السعودية هي أكبر مورد للخام بالنسبة للصين والصين أكبر مشتر للنفط، حيث تشتري واحدًا من كل أربعة براميل نفط تبيعها المملكة. وفي الآونة الأخيرة، توطدت علاقتهما مع المناقشات حول بيع حصة في أرامكو السعودية، بما في ذلك العقود الآجلة المقومة باليوان في نموذج تسعير أرامكو، وربما تسعير بعض مبيعات النفط السعودي إلى الصين باليوان.

وتجدر الإشارة إلى أن السعودية دافعت علنًا عن سياسات الصين في منطقة شينغ يانغ، حيث تتعرض أقلية الأويغور المسلمة للقمع. وحسب المحللين، لم تظهر الصين اهتمامًا أو قدرة على استبدال الدور الأمريكي الواسع في الشرق الأوسط، في حين أن السعوديين لا يريدون استبدال الولايات المتحدة كضامن رئيسي لأمنهم. كما ناقشت الدولتان بناء قاعدة بحرية على البحر الأحمر، أحد أكثر الممرات المائية استراتيجية في العالم.

وأشارت الصحيفة إلى أن بكين تحافظ على علاقات جيدة مع إيران، خصم السعودية، قد تسعى الرياض للاستفادة منها إذا وافقت طهران على إحياء اتفاق نووي مع الولايات المتحدة وقوى عالمية أخرى.

 

ويعتقد جوناثان فولتون، الأستاذ المساعد في جامعة واشنطن، أن الشعور بتزايد نفوذ الصين في الشرق الأوسط يغير حسابات صانعي السياسة في واشنطن، الذين يرغبون في التحول إلى آسيا دون السماح لبكين باكتساب موطئ قدم في مفترق الطرق الاستراتيجي المؤدي إلى أوروبا وأفريقيا.