مع بقاء
أقل من أسبوعين على ذهاب الإسرائيليين إلى صناديق الاقتراع، تتزايد قوة معسكر اليمين
المتطرف الذي لا يتردد في التهديد بسنّ قوانين عنصرية ضد فلسطينيي48، ما سيجعلهم أمام
سيناريو غير بعيد المنال في حال صعود الشخصية الفاشية إيتمار
بن غفير إلى الحكومة المقبلة،
وقد يكون الوزير الأقوى فيها، حيث إنه يتحضر لطرح خطة عمل لم يجرؤ أحد على الترويج لها
في دولة
الاحتلال من قبل.
مع العلم
أن حكم اليمين الذي استمر قرابة الـ45 عامًا بشكل شبه مستمر، وقبله حكم العمل قرابة
الـ30 عاما، شهد جملة من الإجراءات العملية والقوانين التشريعية التي استهدفت فلسطينيي48،
بدون فروقات جوهرية، وقد تمثلت أخطرها في جريمة النكبة، وقوانين أملاك الغائبين، ومصادرة
الأراضي، وإقامة التجمعات السكانية لليهود فقط، ومع ذلك، فإن القراءة الإسرائيلية لما
ستقدم عليه حكومة نتنياهو السادسة في حال نجح في الانتخابات، سيكون "ابتكارًا"
لم نشهده منذ 1948؛ مدمرا وخطيرا للغاية.
ميرون
رابوبورت الكاتب في موقع "
محادثة محلية"، ذكر أن "التخوف ليس بسبب نتنياهو،
ولكن لأن حكومته ستضم بالضرورة إيتمار بن غفير، ليس فقط بسبب حجمه العددي داخل الائتلاف
اليميني، فالاستطلاعات تمنحه ربع أعضائه، ما يقرب من نصف حجم الليكود، ولكن لأنه قوة
التغيير القادمة، وسوف يستغل نزعة نتنياهو المصابة بالهوس للحفاظ على موقعه، ما يجعل
صعود بن غفير أزمة إسرائيلية حقيقية، لأنه سيقوض الوضع الراهن على جانبي الخط الأخضر
بشكل متزايد".
وأضاف
في مقال ترجمته "عربي21" أن "منطلقات بن غفير وفريقه من التغير الوشيك
تعود إلى أن تقوية "الأقلية"
الفلسطينية، ودخولها اللعبة السياسية، يهددان
نظام التفوق اليهودي، الذي عملت إسرائيل على أساسه منذ نهاية حرب 1948، ويأتي استكمالا
لتوجه نتنياهو نفسه بحفاظه على الوضع الراهن، وحذف الخط الأخضر، وإزالة القضية الفلسطينية
من الأجندة، وتعزيز السلام الاقتصادي، لكن كل ذلك، بنظر بن غفير، يجعل السيادة اليهودية
في خطر، ما يجعله يتحدث عن المستوطنات والضم، وبالتالي يجعله صورة طبق الأصل لصعود
خطاب الفصل العنصري كتعريف للنظام الإسرائيلي".
وأوضح
أن "بن غفير يسعى في الحكومة المقبلة، إن وصل إليها، لتغيير قواعد اللعبة الموجودة
منذ 1948، في ظل افتقار النخبة الإسرائيلية لحل حقيقي للنزاع مع الفلسطينيين، ما يجعل
توجهه هذا تعبير عن العجز والإحباط أكثر من كونه خطة فعلية، ومع ذلك فإنها ستتسبب في
أضرار جسيمة، لأنه بزعم الحفاظ على التفوق اليهودي، سيتخذ إجراءات ضد كل من يتحدى ذلك،
بما في ذلك تجريده من الجنسية الإسرائيلية، وطرده من الدولة، التي لم تجرؤ على المساس
بها".
صحيح
أن دولة الاحتلال ارتكبت العديد من الفظاعات خلال الـ 75 عامًا الماضية، لكننا أمام
نوع مختلف من التهديد، ورغم أن حرمان فلسطينيي48 من الجنسية وترحيلهم، وردت سابقا على
لسان الوزراء العنصريين رحبعام زئيفي، وأفيغدور ليبرمان، وبيتسلئيل سموتريتش، فإن بن
غفير يعرض عليهم خيارين اثنين فقط: العيش كأفراد في الدولة اليهودية دون تطلعات وطنية،
أو الهجرة إلى دولة عربية أخرى بمساعدة إسرائيل، خاصة أنه يتشرب هذه الأفكار من والده
الروحي مائير كهانا.
لا شك
أن هذا التخوف له ما يمنحه الوجاهة والمصداقية، لأن لحظة بن غفير السياسية باتت أكثر
خطورة من ذي قبل، لأنها تعتمد على دعم إسرائيلي واسع، ليس فقط على المجموعات الهامشية
من بين "فتيان التلال"، بل إن أفراد الكشافة يروجون لآرائه العنصرية بابتهاج،
وهناك قوى كافية في الشارع الإسرائيلي سيتم تحشيدها لتنفيذ سياساته، لاسيما في ضوء
ما يمكن وصفه الاندماج الكامل بين الجيش في الأراضي المحتلة والمستوطنين، ما يجعل
قطاعات من قوات الأمن تقبل بمنطق بن غفير.
صحيح
أن ذلك ليس سيناريو حتمياً، لكنه بالتأكيد لا يجب استبعاده، خاصة أن نتنياهو وبن
غفير يلتقيان بانتظام كل أسبوع، ولم يبد نتنياهو وقادة الليكود تحفظات حقيقية على مشاريع
بن غفير العنصرية ضد فلسطينيي48، بل إن من المحتمل أنهم يدعمونها، ما يعني أن تصريحاتهم
الأخيرة حول إمكانية حدوث نكبة جديدة تقود لهذا الاتجاه الجنوني الذي سيؤدي إلى كارثة
فعلية.