في الوقت الذي تتزايد فيه الأخطار العسكرية والأمنية التي تحوم حول مستقبل دولة الاحتلال، فإن هناك مخاطر أخرى لا تقل خطورة عنها، وهي الاجتماعية والاقتصادية، لاسيما إبقاء الشبان المتدينين اليهود خارج سوق العمل الحديث؛ لأن النتيجة الطبيعية لبقائهم في حالة بطالة دائمة أن تقع إسرائيل في ورطة حقيقية، وفق إعلام عبري.
ويأتي هذا التحذير الإسرائيلي المفاجئ بعد أن اتفق زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو مع الأحزاب الدينية على منحهم الموازنات اللازمة لهم في حال أصبح رئيسا للحكومة، والإبقاء على عناصرهم وكوادرهم بمنأى عن الانخراط في سوق العمل الإسرائيلي، في حين ستزيد الدولة من مشاركتها في ميزانية نظام التعليم الديني، رغم أن الإسرائيليين يعرفون الضرر الاستراتيجي الذي ألحقته هذه الصفقة الفاسدة بالدولة.
وأكد الكاتب في صحيفة معاريف، بن كاسبيت، أن "إسرائيل التي تحوز قوة عسكرية كبيرة وإمكانيات تكنولوجية واستخباراتية واقتصادية وعلمية، قد تلحق بها ضربة مفاجئة بسبب غطرستها؛ لأنها لا تدرك التهديد الحقيقي الذي يحوم حول مستقبلها، وهو التهديد الداخلي".
وتابع: "هو ليس عدوا أجنبيّا أو حربا تعرضها للخطر، لكن العمليات الديمغرافية والاجتماعية والاقتصادية التي يمكن أن تعيدها إلى الوراء، وتحويلها من قوة اقتصادية وتكنولوجية متقدمة إلى دولة فاشلة".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "إسرائيل في الطريق؛ لأن تصبح دولة فاشلة غير قادرة على الحفاظ على احتياطاتها الأكاديمية والتكنولوجية والاقتصادية في حال هاجر منها السكان الأقوياء، وبقي الضعفاء، ومن صم قد يحدث الخلل في تركيبتها السكانية".
وذكر كاسبيت: "بتنا نجد في الصفوف الأولى عدد أكبر من الطلاب الذين لا يلتحقون بالجيش أكثر ممن يفعلون ذلك، ومع مرور الوقت، خلال عقد أو عقدين من الزمن، سيكون المتدينون اليهود من أكبر المجموعات السكانية في إسرائيل، ومن المحتمل ألا ينخرطوا في الجيش".
وزاد بالقول: "لا توجد قوة في العالم يمكنها إجبارهم على التخلي عن المدارس الدينية، وخلع زيهم الأسود، وارتداء الزي الجيش "الكاكي"، وهذا لن يحدث أبدا دون إكراه من قبل الدولة".
اقرأ أيضا: البؤر الاستيطانية تواصل التوسع بالضفة الغربية دون رادع
وتشكل هذه المخاوف تعبيرا حقيقيا عن ازدياد نفوذ التيارات الدينية اليمنية المتطرفة في دولة الاحتلال، وفرصة لصدور تحذيرات جديدة من اعتبارها خطرا وجوديّا عليها، في ظل رفض هذه التيارات المساهمة بالاقتصاد أو الخدمة العسكرية.
وتزداد مثل هذه الدعوات في ظل الخلاف القائم بين الأغلبية العلمانية والأقلية الأرثوذكسية الدينية المتطرفة فيها، لاسيَّما ممن لا يخدمون في صفوف الجيش، وليسوا مندمجين في سوق العمل، رغم أنهم يعلنون أنفسهم يهودا صهاينة.
ويحمل المقال دلالات خطرة حول ما تشهده الغالبية العلمانية من تراجع بمواجهة التأثير الديموغرافي للمتدينين المتطرفين على هوية دولة الاحتلال، ما دفع عددا من الأوساط السياسية للمطالبة باتخاذ سلسلة من الإجراءات، كوقف جميع أشكال الدعم للمؤسسات التعليمية التي لا تقوم بتدريس الدراسات الصهيونية، ومن لا يلتحقون بالجيش، والمدارس التي يتعلمون فيها.
والتخوف الإسرائيلي المتوقع في المستقبل المنظور، مؤتاه أن القوة التصويتية لليهود المتدينين قد تزيد ثلاثين مرة على القوة التصويتية لنظرائهم العلمانيين؛ لأنه مقابل كل ناخب لأحزاب اليسار واليمين الصهيوني، سيكون هناك ثلاثون ناخبا للأحزاب الأرثوذكسية المتطرفة.
وخلال فترة تزيد قليلا على جيل واحد، سيكون بإمكان هؤلاء المتدينين تعيين نصف نواب الكنيست، ولن تكون هناك إمكانية لتشكيل حكومة صهيونية وليبرالية.
تحريض إسرائيلي ضد زيادة أعداد الفلسطينيين للحد منها
ندم إسرائيلي لعدم تقسيم الأقصى.. ما علاقة مسجد الحسن الثاني؟
رغم نفي تونس.. كاتب إسرائيلي يزعم تنامي التجارة معها