سياسة دولية

هكذا تؤثر الأزمة الأوكرانية على اليمن.. مزيد من الجوع

مسؤول إغاثي يمني: نفدت موارد الناس وانتهت طرق التأقلم مع نقص الموارد- جيتي

حذرت جمعيات خيرية من "كارثة محتملة" وسط مخاوف من تأثير الحرب في أوكرانيا على إمدادات القمح لليمن. حيث يواجه اليمن انخفاضًا ملحوظا في إمدادات القمح بسبب الحرب في أوكرانيا.

في مؤتمر للمانحين عبر الإنترنت يوم الأربعاء؛ تلقت الأمم المتحدة 1.3 مليار دولار فقط من التعهدات للدولة التي مزقتها الحرب، في وقت بدأ فيه التمويل بالفعل في النضوب؛ حيث حول العالم انتباهه إلى الصراع في أوكرانيا، وذلك في الوقت الذي يستورد فيه اليمن أكثر من 30 بالمائة من قمحه من روسيا وأوكرانيا، ما يجعل الانتباه يتجه الآن إلى التأثير المحتمل لتعطيل إمدادات القمح على الوضع اليائس بالفعل في البلاد، وفق تقرير لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني.

وأدى الغزو الروسي لجارتها أوكرانيا في شباط/ فبراير إلى ارتفاع أسعار القمح والوقود العالمية، وذلك بعد أشهر فقط من قيام وكالات الأمم المتحدة التي تعاني من ضائقة مالية بخفض المساعدات الغذائية التي تقدمها إلى ثمانية ملايين يمني، وهو ما علق عليه فيليب دواميل، ممثل اليمن لليونيسيف، الجمعة، بقوله: "لديك عاصفة كاملة تلوح في الأفق"، وقال: "نحن بحاجة إلى المزيد وليس أقل. لكننا وصلنا إلى مستوى نحتاج فيه إلى البدء في التقليص. هذا جنون؛ هذا مجرد جنون".

وقالت راما هنسراج، المديرة القُطرية لمنظمة إنقاذ الطفولة في اليمن، في بيان صحفي، الخميس، عقب المؤتمر: "قبل مؤتمر التعهد هذا الشهر، اضطرت المستشفيات في اليمن إلى التوقف تقريبًا بسبب نقص الوقود، ما يعرض حياة الأطفال للخطر"، متابعة بقولها: "الآن؛ تستعد البلاد للتأثير الكارثي المحتمل للحرب في أوكرانيا على إمدادات القمح؛ فالعائلات لا تعرف كيفية الحصول على وجبتها التالية".

ونقل الموقع عن مدير المناصرة والحملات والإعلام في منظمة أوكسفام اليمنية عبد الواسع محمد، قوله: "أنا قلق للغاية - حتى قبل الصراع في أوكرانيا – فقد توقعَتِ الأرقام الواردة في توقعات الجوع الأخيرة أن المزيد من الناس سيسقطون في تفاقم الجوع في عام 2022، فلقد نفدت موارد الناس وانتهت طرق التأقلم مع نقص الموارد"، وأضاف: "نشهد المزيد والمزيد من حالات سوء التغذية بين الأشخاص الذين نساعدهم".

وقال المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن، بشير السلوي، لـ"ميدل إيست آي" من صنعاء: "اليمن يستورد 95 في المائة من احتياجاته من الخارج، بما في ذلك القمح والسلع الغذائية الأخرى، ولهذا فإن زيادة سعر القمح ستضيف طبقة أخرى من الصعوبة والعبء على حياة الشعب اليمني، ومنذ بداية الصراع في أوكرانيا، شهدنا ارتفاع أسعار المواد الغذائية بأكثر من 150 بالمائة؛ هناك ملايين العائلات اليمنية لا تعرف كيف تحصل على وجبتها التالية".

تركيز العالم على أوكرانيا

وقالت هيئات تابعة للأمم المتحدة إن أكثر من 17 مليون شخص يحتاجون إلى مساعدات غذائية في اليمن، بينما قد يرتفع هذا العدد إلى 19 مليونًا في النصف الثاني من العام، وقد يصل أولئك الذين يعانون من مستويات الجوع الطارئة إلى 7.3 مليون بحلول كانون الأول/ ديسمبر.

ومع تدهور الوضع؛ فقد حولت الحرب في أوكرانيا الانتباه بعيدًا عن الصراعات مثل تلك الموجودة في اليمن؛ حيث قال عبد الواسع محمد: "من الضروري ألا ينظر العالم بعيدًا عن الأزمة في اليمن"، مضيفًا أنه "بينما يتعافى العالم من وباء عالمي ويكافح أزمات إنسانية متعددة، فإننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على الوعي العالمي وتذكير المانحين بأنه بدون المستويات الحالية للمساعدات الإنسانية فسيتدهور الوضع بسرعة".

وردد سلوي تلك المشاعر قائلاً: "مع تحول الاهتمام العالمي إلى أزمات بارزة أخرى مثل أوكرانيا، فإنه يجب على العالم ألا يتخلى عن شعب اليمن الذي طالت معاناته"، فيما قال ديفيد بيسلي، رئيس برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، مخاطبًا مؤتمر التعهدات يوم الأربعاء: "لا تجعلونا نضطر لاختيار نقل الطعام من الأطفال في أوكرانيا إلى الأطفال في اليمن". 

 

اقرأ أيضا: الغارديان: هلع بالشرق الأوسط من نفاد القمح نتيجة الحرب

لا تعهدات من السعودية والإمارات

وتقود السعودية تحالفًا عسكريًّا مدعومًا من الغرب تدخل في اليمن في سنة 2015 لاستعادة حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، التي طردها المتمردون الحوثيون من السلطة في العاصمة صنعاء في سنة 2014-2015؛ فيما لم تعلن المملكة، إلى جانب شريكتها في التحالف الإمارات العربية المتحدة، عن أي تعهدات جديدة في مؤتمر الأربعاء، رغم أن مركز الملك سلمان للمساعدات الإنسانية والإغاثة في الرياض قال إنه سيواصل دعم اليمن.

ومن بين 36 دولة قدمت تعهدات، عرضت الولايات المتحدة 585 مليون دولار، وتعهدت بريطانيا بتقديم 115 مليون دولار، وتعهدت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بما مجموعه 407 ملايين دولار، فيما قال مارتن غريفيث منسق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة في نهاية الاجتماع: "سمعنا 36 مانحًا يتعهدون بنحو 1.3 مليار دولار للاستجابة الإنسانية؛ لكن دعونا لا نتوهم: كنا نأمل في المزيد. ومن المحبط أننا لم نتمكن حتى الآن من الحصول على تعهدات من البعض الذي اعتقدنا أننا قد نسمع منه"، وأضاف: "سنعمل بجد للتأكد من أننا نتضامن مع شعب اليمن".

الآمال في السلام

وتقدر الأمم المتحدة أن الحرب في اليمن قتلت 377,000 شخص بحلول نهاية عام 2021، وكان أكثر من 150,000 من هذه الوفيات نتيجة مباشرة للصراع المسلح، بينما مات نسبة أكبر منهم بسبب الجوع والمرض الناجمين عن الأزمة الإنسانية.

في وقت سابق من هذا الأسبوع، رحب الحوثيون بالتقارير التي تفيد بأن مجلس التعاون الخليجي يدرس دعوة المتمردين والأطراف اليمنية الأخرى لإجراء مشاورات في الرياض في نهاية مارس، كجزء من مبادرة تهدف إلى دعم الجهود التي تقودها الأمم المتحدة لإنهاء الصراع. ومع ذلك، قال الحوثيون إنهم لن يحضروا إلا إذا أجريت المناقشات في بلد محايد، حيث أصدروا بيانا بُثَّ عبر وكالة الأنباء الرسمية، يقولون فيه: "ليس من المنطقي ولا من العدل أن يكون مضيف المحادثات هو أيضا راعي الحرب والحصار".

وقال سلوي لـ"ميدل إيست": "اليوم؛ نريد أن نؤكد أن الجهود السياسية وحدها هي التي ستحل هذا الوضع الإنساني اليائس، وبالتالي يجب تكثيفها؛ حيث لا يمكن توقع أن ترعى الوكالات الإنسانية الملايين، وتدعم الدولة وتمنع الاقتصاد من الانهيار"، وأضاف: "نأمل أن تجلس أطراف الصراع في اليمن معًا حول نفس الطاولة وتجد وضعًا لإنهاء الصراع"، فيما قال عبد الواسع محمد: "السلام هو مفتاح حل الأزمات المتعددة التي ألحقها الصراع بالشعب اليمني، ولهذا آمل أن يتم التوصل إلى اتفاق سريع من أجل سلام دائم حتى يتمكن اليمنيون من إعادة بناء حياتهم وسبل عيشهم".

يأتي ذلك؛ بينما حثت الجماعات الحقوقية رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، الذي زار السعودية الأربعاء، على إنهاء بيع بريطاني للأسلحة إلى المملكة – مرة أخرى – ودعوة الرياض لإنهاء الحرب في اليمن؛ حيث قال عبدالواسع محمد: "آمل حقًا أن يكون (جونسون) قد أثار (قضية) البؤس في اليمن؛ حيث يحتاج أكثر من ثلثي السكان إلى مساعدات إنسانية. ومع مرور كل عام واستمرار الصراع، تزداد حالة اليمنيين سوءًا".