عند ذكر اسم شكوكو، يتبادر إلى الأذهان ذاك الفنان الشعبي الذي استطاع أن يطوع موهبته ومهارته الجسدية والصوتية لفن -جديد قديم- وهو فن الأراجوز.
استطاع بخفة دمه ومونولوجاته الساخرة استحضار صوت الأراجوز، وما له من ذكريات في الوعي المجتمعي من روح التمرد والنقد الساخر لأوضاع مجتمعية منهارة أيام الملكية، وما شابها من اضطرابات كثيرة.
لذلك اكتسب شكوكو شعبية كبيرة؛ لا لأنه كان مضحكاً فقط وصاحب فرجة شعبية شكلا ومضمونا، تعجب وتدهش القاصي والداني؛ ولكن لأنه احتفظ بروح التمرد والخروج عن المألوف.
جسد روح شكوكو ضمير المجتمع من خلال سخريته من سلبياته من جهة، ومن جهة أخرى كان يُجيّر هذا الفن للحض على مقاومة كل ظالم. هذا ما جعل المنتجين والمخرجين يتلقفونه ليصنعوا توليفة أفلام سينمائية؛ تبدو بسيطة في شكلها ولكنها تحمل في العمق دلالات سياسية بالغة الأهمية.
كان فيلم "عنتر ولبلب" الذي مثله شكوكو أمام الكبير سراج منير؛ فيلماً بديعاً ممتعاً زاخراً بالدلالات السياسية كما أسلفنا.
لعل روح التمرد هذه أيضا امتدت إلى حياته الخاصة، فقد قامت الدنيا ولم تقعد حينما ارتبط بالسيدة عائشة فهمي، سليلة الحسب والنسب؛ فعائشة كانت من العائلات الأرستقراطية المرموقة بالمجتمع المصري وقتذاك، بل وما زاد الطين بلة أنه تزوج منها وهي طليقة الفنان يوسف بك وهبي.
هذا الزواج أشعل نار الغيرة والغضب في نفس وقلب يوسف بك وهبي، وبدأ يقلب الطبقة الأرستقراطية المصرية ضد هذا الوافد من الطبقة الشعبية. تحول وضع شكوكو العائلي، من مجرد قصة حب بين سيدة غنية وشاب فقير، إلى صراع طبقي محموم، من قبل الفئات المحافظة على تقاليد الطبقة الأرستقراطية وضرورة حمايتها بكل الأسلحة من دخول ذاك العابث الأدنى منزلة منهم.
حاول شكوكو أن يسترضي طبقة عائشة هانم فهمي بأن يتمثل بمظاهر طبقتها؛ فاشترى سيارة بنتلي حيث كانت تلك الماركة تدخل للمرة الاولى إلى مصر. قبل شكوكو التحدي وبدأ يهتم بمظهره وتسريحة شعره، لكن قوة يوسف بك وتقاليد الطبقة الأرستقراطية العنصرية أجبرت عائشة فهمي على الطلاق من شكوكو. برأيهم أن هذا الصعلوك المتمرد؛ أراد أن يحيا حياة ليست له لأن طبقته أدنى من طبقتهم.
لكن شكوكو المتمرد؛ الذي دوما كان في حالة تحد مستمر عَلّم نفسه الكتابة والقراءة، أيضا علم نفسه اللغة الفرنسية، فقد كان لا يقرأ ولا يكتب. واستطاع أن يضيف إلى نجاحاته مزيدا من النجاحات ليصبح أسطورة عصره؛ بل ويكون الفنان الوحيد التي تُصمم له تماثيل صغيرة وينتشر زيه الشعبي الذي ابتكره؛ المتمثل بالجلباب والعصا البلدي وطاقيته وحزام الوسط؛ لكي يصبح -مع الفارق- شارلي شابلن الشرق.
نجح شكوكو بأن يفرض موهبته ووجوده على الحركة الفنية بامتياز. ما زلنا وما زالت كثير من الأجيال التي عاصرته تتذكره بما أشاعه من بهجة وسعادة في قلوب الجميع.
منع غير المختصين من الحديث في الدين بالقانون!!