ملفات وتقارير

لماذا اختار زعيم تنظيم الدولة الاختباء في أطمة السورية؟

ثاني زعيم لتنظيم الدولة يقتل بمناطق تحرير الشام بسوريا- جيتي

أثارت العملية التي نفذها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في ريف إدلب الشمالي، والتي أسفرت عن مقتل زعيم تنظيم الدولة أبو إبراهيم القرشي (عبد الله قرداش) قبل يومين، تساؤلات عن سبب اختيار الأخير المنطقة هذه تحديدا مكانا للاختباء.

وفي منزل مكشوف من طابقين، محاط بالأشجار، أقام القريشي مع عائلته متواريا عن الأنظار، حتى مقتله ليلة الأربعاء/ الخميس، إثر تنفيذ قوات التحالف إنزالا جويا على المنزل.

لماذا أطمة؟


تقع بلدة أطمة بمحاذاة الحدود التركية مقابل ولاية هاتاي، لذلك تكتظ المنطقة بالنازحين والمهجرين من كل المحافظات السورية، حيث يقلل قربها من الحدود التركية من تعرضها للقصف الجوي الروسي ومن النظام السوري.

وعن أسباب اختيار القريشي هذه البلدة، يعود المحلل العسكري النقيب عبد السلام عبد الرزاق، وهو من المنطقة ذاتها، خلال حديثه لـ"عربي21"، إلى العام 2013، بداية الإعلان عن تأسيس تنظيم الدولة.

ويضيف أنه في بداية الإعلان عن تشكيل تنظيم الدولة كان وجوده كبيراً في هذه المنطقة القريبة من الحدود التركية، كونها المنطقة الأولى في سوريا التي يصلها العناصر الأجانب، وكان لهم على أطمة و"الدانا" سيطرة شبه كاملة، لذلك كانوا دائما يلوحون بإمكانية الرجوع لها، وقاموا بتفجيرات عدة فيها، بعد إرغامهم على الخروج منها.

ويستدرك بالقول: "لكن اختيار القريشي للسكن في هذه المنطقة يعود لعوامل عدة، منها كثافة السكان وغالبيتهم من النازحين، وبالتالي فإن وجود هذا الغريب لن يكون أمرا استثنائيا".

ويضيف عبد الرزاق، أن قرب المنطقة كذلك من عفرين يعطي القريشي المناورة بين "هيئة تحرير الشام" التي تسيطر على إدلب، و"الجيش الوطني" الذي يسيطر على عفرين.

من جانب آخر، ربط المحلل العسكري بين مكان سكن القريشي، والطريق الذي سلكه للوصول إلى إدلب، مرجحا أن يكون "القريشي قد وصل إدلب من مناطق ريف حلب الشمالي، عبر عفرين، ومن ثم أقام في أطمة لكونها المنطقة الملاصقة لعفرين، تجنبا للتنقل في مناطق "تحرير الشام"، ما قد يعرضه للاعتقال"، مستبعدا في الوقت ذاته أن تكون إقامة القريشي في أطمة بغرض العبور نحو تركيا.

بدوره، يرجع الباحث في الجماعات الجهادية، خليل المقداد، اختيار القريشي لإدلب، إلى سياسة تنظيم الدولة التي اعتمدها بعد خسارة السيطرة المكانية، أي إبقاء القادات في مناطق بعيدة عن مناطق السيطرة السابقة، تجنبا لاستهدافهم.

ويضيف لـ"عربي21"، أن إدلب كانت تحت سيطرة فصائل "الجيش الحر" وفصائل جهادية، وهذا ما جعلها مقصد قيادات التنظيم، لكن تمكن "هيئة تحرير الشام" من فرض سيطرتها بشكل شبه كامل عليها، قد يكون أدى إلى انكشاف القيادات المتواجدة فيها، وهو ما حدث مع زعيم تنظيم الدولة السابق البغدادي، ومن ثم القرشي.

وفي هذا السياق، أشار المقداد إلى اهتمام "تحرير الشام" بالجانب الأمني، وقال: "هناك حالة من العداء المتأصل بين زعيم تحرير الشام الجولاني، وتنظيم الدولة"، وذلك في إشارة منه إلى احتمالية تورط "تحرير الشام" بالعملية التي أدت إلى مقتل القريشي، من خلال تقديم معلومات عن مكانه.

لكن مصدراً أمنياً من "تحرير الشام" أكد في وقت سابق لـ"تلفزيون سوريا" أن فصيله لم يكن على علم بوجود القرشي في إدلب.

 

اقرأ أيضا: مقتل ثاني زعيم لـ"داعش" بمناطق تحرير الشام.. ما دلالة ذلك؟

وقال المصدر، إن "تحرير الشام" علمت بعملية الإنزال الجوي الأمريكية في أطمة قبل نصف ساعة من بدئها، موضحاً أنهم "تلقوا بلاغاً من مسؤول ارتباط تركي بأن طائرات مروحية أمريكية ستدخل شمال غربي إدلب لتنفيذ عملية أمنية ضد شخصية لا تنتمي للهيئة ومطلوبة دولياً".

بعيدا عن إدلب


والحال كذلك، رجح المقداد أن تتجنب قيادات التنظيم إدلب مجددا، مستبعدا أن يقترب زعيم التنظيم الجديد من هذه المنطقة مجددا، فقد باتت تحت مراقبة شديدة من التحالف وغيره.

وأشار في هذا الإطار، إلى أن التنظيم بدأ باعتماد تكتيك بقاء عناصره في مناطقهم، موضحاً أن التنظيم الذي يعتمد استراتيجية أسلوب حرب العصابات، وجد في هذه التكتيك عاملا مساعدا على شن هجمات خاطفة في مختلف المناطق.

والخميس، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن عن تمكن قوات بلاده من قتل عيم تنظيم الدولة القرشي، في عملية نفذتها شمال غربي سوريا، وأضاف بايدن أن عملية الجيش الأمريكي في سوريا "أزاحت زعيم تنظيم الدولة من ساحة المعركة".

وقال بايدن إن العملية العسكرية تمت بتوجيهات منه، وقضت على زعيم تنظيم الدولة "القرشي".