تأخذ الأحداث في
اليمن مسارا دراماتيكا مع
التقدم الذي يحرزه
الحوثيون في محافظة مأرب الغنية بالنفط.
ذلك المسار دعا الخبير في شؤون الخليج
ديفيد شينكر لبحث احتمالات -يراها قائمة- لانتصار الحوثيين في الحرب ودخول دولة
عربية في عباءة
إيران، مع ما يمثله ذلك من أخطار على السعودية وحلفاء واشنطن في
الخليج، والملاحة البحرية وخطوط نقل النفط، وحتى على إسرائيل أيضا.
يقول شينكر، مدير برنامج السياسة العربية في
معهد واشنطن، إنه حان الوقت لأن تضع إدارة بايدن خطةً بديلة للتعامل مع اليمن الذي
يسيطر عليه وكلاء إيران.
ويضيف في تقرير على موقع معهد
واشنطن، أنه إذا هزم الحوثيون الجيش الوطني اليمني المدعوم من السعودية وسيطروا على
مركز الطاقة في اليمن، فإنهم يكونون بذلك قد انتصروا فعلياً في الحرب. وهذا أسوأ سيناريو
يمكن أن يحصل بالنسبة للرياض وواشنطن والشعب اليمني.
وفي غضون ذلك، سيكون وكلاء إيران قد سيطروا
على دولة عربية أخرى، وستبقى السعودية عرضةً للهجمات بالصواريخ والطائرات بدون طيار
من الدولة المجاورة لحدودها الجنوبية.
ويوضح شينكر أن العواقب التي قد
تترتب على انتصار الحوثيين كبيرة، إذ لا يقتصر الأمر على إمكانية أن يواصلوا استهدافهم
العسكري لحلفاء الولايات المتحدة في الخليج. فإذا خسر التحالف السعودي المتصدّع مدينة
الحديدة اليمنية وبقية ساحل البحر الأحمر، فقد يصبح من السهل على الحوثيين أيضاً عرقلة
مرور أكثر من 6 ملايين برميل من النفط والمنتجات النفطية يومياً عبر إحدى أهم الممرات
الضيقة في العالم، وهو مضيق باب المندب.
بالإضافة إلى ذلك، يرفض الحوثيون
السماح بإصلاح ناقلة النفط اليمنية القديمة أحادية الهيكل التي ترسو كمخزن نفط عائم
على بُعد 5 أميال من الساحل، أو التخلص منها، عِلماً بأنها قد تسبب كارثةً بيئية وشيكة.
فإذا غرقت هذه السفينة التي بُنيت قبل 45 عاماً، فقد يتسرب مليون برميل من النفط في
البحر الأحمر، ما سيحد من إمكانية الوصول إلى الموانئ ويؤثر على محطات تحلية المياه
وإمدادات المياه العذبة إلى ما يصل إلى 10 ملايين شخص، ويعيق حركة الصيد، ما يؤدي بالتالي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية.
وبعد النهاية المرجحة لهذه الحرب، فإنها ستقع على عاتق الولايات المتحدة مسؤولية احتواء الضرر الإيراني في دولة يمنية ستكون
خاضعةً للحوثيين، والحفاظ على سلامة الشحن في البحر الأحمر، وتقويض طموحات الحوثيين
الإقليمية في المملكة العربية السعودية.
ويقترح شينكر عدة مسارات على إدارة بايدن
اتخاذها في هذا الوقت، فهو يدعو إدارة بايدن، وبصرف النظر عن الكراهية الواضحة التي
يكنّها بايدن لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إلى أن يكون البند الأول على
جدول الأعمال هو تعزيز القدرات الدفاعية للمملكة.
أما الخطوة الأخرى التي يجب أن
يتخذها بايدن فهي إعادة إدراج الحوثيين على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية بعد
أن كان قد أزالهم عنها حين تولّى منصبه.
كما أنه يجب على إدارة بايدن أن تسارع -بدءاً
من الآن تحسباً لنهاية الحرب- إلى وضع آلية أمنية متعددة الأطراف في البحر الأحمر
من أجل اعتراض شحنات الأسلحة غير المشروعة، ووضع حدّ لحركة الاتجار بالبشر، ومنع مضايقة سفن الشحن، بما في ذلك عن طريق زرع الألغام، عند الطرف الجنوبي من البحر الأحمر.
والمسار الثالث الذي يراه
شينكر المسار الأكثر أهمية لمنع إيران من إكمال مشروعها القائم على إنشاء كيان شبيه
بـ «حزب الله» عند الجبهة الجنوبية للسعودية، هو أن تعمل إدارة بايدن على إعادة تفعيل
حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على اليمن عام 2015.
وسيتطلب ذلك جهوداً متواصلة وإضافية في عمليات
الاعتراض البحري، بالإضافة إلى فرض حظرٍ على حركة المرور الجوية لمنع تهريب المعدات
العسكرية الإيرانية المتطورة إلى البلاد.