قالت
صحيفة "فايننشال تايمز" إن دولا عربية تتحدى الموقف الأمريكي من النظام السوري
برئاسة بشار الأسد وتقيم علاقات دبلوماسية معه.
وأضافت
الصحيفة في تقرير لها أعدته مراسلتها كلوي كورنيش أن الدول العربية تقوم بإعادة علاقاتها
مع الجارة السورية وسط قلق من التأثير الإيراني والتركي والذي يترافق مع مخاوف اقتصادية
وأمنية.
وطُردت
سوريا من الجامعة العربية مع بداية الحرب الأهلية قبل عقد وذلك بعد الرد الوحشي من
بشار الأسد على المتظاهرين السلميين. ودعمت بعض الدول الخليجية المعارضة السورية بعدما
انزلقت البلاد إلى حرب أهلية. وفي الوقت الذي لم يتحقق فيه الاستقرار وتستمر المعاناة
والفقر إلا أن الأسد استعاد السيطرة على معظم البلاد في السنوات الماضية.
وفي
الأسابيع الماضية اتصل الزعيم السوري ولأول مرة مع الملك الأردني عبد الله الثاني،
وهي مكالمة فاجأت إدارة الرئيس جوزيف بايدن. والتقى وزير الخارجية المصري مع نظيره
السوري لأول مرة منذ بداية الحرب الأهلية. ولوحت الإمارات العربية المتحدة التي أعادت
فتح سفارتها في دمشق نهاية 2018 بإمكانية التعاون التجاري، حيث شارك وفد سوري في المعرض
التجاري، دبي إكسبو. واتصل ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد الأسبوع الماضي مع الأسد،
وهذه هي المرة الثانية.
ورغم
قانون قيصر الصادر عام 2019 عن الكونغرس وبدء تطبيقه في العام الماضي والذي يمنح الخزانة
الأمريكية فرض عقوبات على أي شخص يتعامل تجاريا مع كيانات وأفراد ستفرض عليهم عقوبات،
إلا أن أمريكا لم تكن قادرة على أو غير مستعدة لمنع الزحف البطيء نحو التعامل مع النظام.
وتتهم
الولايات المتحدة دمشق بانتهاكات حقوق الإنسان. وقال مسؤول بارز في إدارة بايدن:
"أعتقد أن الكثير من هذه الدول العربية قامت باتخاذ قراراتها رغم مساعي الحكومة
لعدم القيام بهذا". مضيفا أن التقارب في العلاقات بدأ في عهد إدارة دونالد ترامب.
وأعادت البحرين فتح سفارتها في دمشق عام 2019، وأعادت عمان سفيرها عام 2020. وعرض ولي
عهد أبو ظبي، محمد بن زايد دعما مباشرا للأسد كي يواجه وباء كورونا. وقال المسؤول:
"يقومون بعمل هذا إما من وراء ظهورنا أو أمام أعيننا". ووصف مكالمة الملك
عبد الله بأنها "حقيقة مفاجئة"، و"لم نتوقع هذا أو أعطينا الضوء الأخضر".
و"ذكرناهم بأنهم سيواجهون مخاطر العقوبات الأمريكية من خلال فتح الحوارات"،
مشيرا إلى العلاقات الإقليمية مع النظام. وقال إن الحكومة الأمريكية ستقوم تقريبا بفرض عقوبات مستهدفة ضد النظام و"هم واضحون بأننا لن نطبع العلاقات مع نظام الأسد".
لكن
سبب فتح العلاقات بالنسبة لجيران سوريا، هو أن الأردن ولبنان، استقبلا مئات الآلاف من اللاجئين
السوريين، في الوقت الذي أدت الحرب فيه لتوقف التجارة بين البلدين ويعاني اقتصادهما من
أزمة سيولة مالية. ويخشى الأردن تحديدا من بقايا تنظيم الدولة والميليشيات الشيعية
التي تدعمها إيران في جنوب سوريا. وقال الملك عبد الله في مقابلة مع شبكة "سي
أن أن" بداية هذا العام: "النظام هنا وعلينا أن نكون ناضجين في تفكيرنا،
هل تغيير النظام أم سلوكه؟"، و"إذا كان المقصود هو تغيير السلوك فما نفعله
هو الحديث مع النظام لأن الجميع يفعلون نفس الأمر".
ويرى
بعض صناع القرار في الخليج أن قطع العلاقات مع الأسد كان خطأ استراتيجيا. وتم تهميش
دول الخليج والقوى الغربية منذ وقف الدعم للمعارضة، في ظل إدارة ترامب عام 2017. وفي
الوقت نفسه وسعت إيران وروسيا من مجال تأثيرهما من خلال تقديم الدعم المالي والعسكري
للنظام.
وقالت
دارين خليفة، المحللة البارزة في مجموعة الأزمات الدولية إن "تطبيع العلاقات مع
بعض الدول العربية هي لفتة سياسية"، وتعبير عن مظاهر القلق من التأثيرين الإيراني
والتركي وكذا مظاهر اقتصادية وأمنية إقليمية. كما وعزز الخروج الأمريكي من أفغانستان
لدى قادة المنطقة بشأن الرغبة الأمريكية للخروج من المنطقة. وقالت خليفة: "قدمت
الإدارة رسالة هشة وضعيفة حول هذا الموضوع (التطبيع) مما قاد الكثيرين للتفكير بأنها
منحتهم موافقة تكتيكية" في إشارة للدول العربية. ولم تعلن إدارة بايدن بعد عن
نتائج مراجعتها للسياسة من سوريا. ويرى إميل هوكايم، المحلل لشؤون الشرق الأوسط في
المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية أنه "بدون توجيهات أمريكية واضحة وانشغال
الاتحاد الأوروبي بالهجرة والأمن بدلا من النتائج السياسية فمن الواضح أن مظاهر القلق
الاقتصادية والأمنية تسيطر على تفكير الجيران"، ولكنه أضاف: "هناك تفاهم
أن العودة لهذا الانفتاح سيكون محدودا، فليس الأمر كإعادة اللاجئين واستئناف التجارة
والعلاقات الأمنية، فالأمر أصعب".
ومع
قرب خروج سوريا من عزلتها، يرى المراقبون أن السعودية قد لا تقف أمام إعادة سوريا لمقعدها
في الجامعة العربية. وقال محلل مقيم في الإمارات: "تنتظر الرياض لفتة من دمشق
مثل الإفراج عن السجناء أو أي شيء يعبر عن حسن النية". ولن يتنازل الأسد في موضوعات
تتعلق بالسجناء والعودة الآمنة للاجئين أو المشاركة في العملية السياسية الراكدة. وقد
تقوى موقعه الإقليمي من خلال الخطة التي دعمتها الدول الغربية لإيصال الغاز الطبيعي
المصري إلى لبنان عبر الأراضي السورية. وكانت الخطة وراء زيارة أول وفد حكومي لبناني
وعلى مستوى عال إلى دمشق منذ بداية الحرب الأهلية. وفي جناح سوريا بمعرض دبي إكسبو
2020 صورة للأسد وزوجته أسماء ينظران بهدوء مما يقترح احتراما عاما لهما في الإمارات
بعد سنوات من الكراهية والنظر إليهما كمجرمي حرب. وقال ممثل مبيعات سوري في الجناح:
"نأمل بالعودة إلى الوضع الطبيعي"، و"نريد البيع في هذه الأسواق ولهذا
السبب فنحن هناك في إكسبو لكي نبيع للعالم من دبي".
الغارديان: نظام الأسد اختلس 100 مليون دولار من أموال الإغاثة
بلومبيرغ: بايدن يتجاهل تقرّب حلفائه العرب من دكتاتور سوريا
FP: تردد بايدن بملف سوريا يساعد محاولات التطبيع مع دمشق