تحدث مركز أبحاث إسرائيلي بارز، عن تحديات رئيسية وعقبات تواجه تعميق وتيرة تطبيع الاحتلال الإسرائيلي مع الدول العربية المطبعة حاليا، وتوسيعها لتشمل دولا أخرى.
وأشار "مركز بحوث الأمن القومي الإسرائيلي"
التابع لجامعة "تل أبيب" العبرية، في تقديره الاستراتيجي الذي أعده كل من
يوئيل جوجانسكي وأودي ديكل، إلى وجود "قضايا رئيسية لها تأثير على وتيرة وعمق
تقدم التطبيع مع الدول التي وقعت على "اتفاقات إبراهيم" ومع دول أخرى تقف
على الحياد".
تحديات التطبيع
وأول هذه التحديات، هي "سياسة الولايات المتحدة"،
ونوه إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، "كانت القوة المحركة
لاتفاقيات التطبيع، وفي مركز هذه الاتفاقات وقف اعتبار الأمن الوطني، حيث كان في الخلفية
يقف التهديد الإيراني المشترك للولايات المتحدة وإسرائيل ودول الخليج، إلى جانب الاعتبارات
الاقتصادية".
ولفت إلى أن "المصلحة الأولى ذات الأولوية للدول
الأربع (الإمارات، البحرين، المغرب والسودان) كانت ترتبط بالأساس بعلاقاتها مع الولايات
المتحدة والمكافآت التي حصلت عليها من إدارة ترامب".
وتابع: "صحيح أن إدارة جو بايدن ترفض سياسة سابقتها،
باستثناء التطبيع بين إسرائيل والدول العربية، لكنها حتى الآن امتنعت عن عرض
"الجزرة" على الدول العربية مقابل استعدادها لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل".
وأوضح المركز، أن "إدارة بايدن غير مستعدة لغض الطرف
عن حقوق الإنسان والمواطن، مثلا في حالة السعودية، كما أنها قامت بتجميد نشاطات
"صندوق إبراهيم"، الذي أقيم بهدف تعزيز التعاون الاقتصادي بين إسرائيل والدول
العربية المشاركة في "اتفاقات إبراهيم" (التطبيع)".
والتحدي الثاني، هو "الموضوع الفلسطيني، فاتفاقيات
التطبيع، خلفت نظاما فلسطينيا متضررا في كل أطيافه وفصائله. وهو غير مستعد للتسليم
بعمليات التطبيع، قبل حل النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي، كما أن السلطة الفلسطينية ترفض
الاندماج في مبادرات إقليمية في مجال الاقتصاد والطاقة والتي ترتكز على التطبيع".
وأشار إلى أن "السلطة رفضت عروضا للمساعدة من الإمارات،
ودمجها في منتدى دول شرق البحر المتوسط"، معتبرا أن "امتحانا أوليا مهما لاتفاقات
التطبيع، كان التصعيد الإسرائيلي على غزة"، الذي بدأ يوم 10 أيار/ مايو 2021 واستمر
11 يوما.
وذكرت الدراسة، أنه "رغم الانتقاد الشديد الذي وجه
لإسرائيل بسبب استخدامها الواسع للقوة ضد الفلسطينيين، إلا أنه لم تقم أي دولة من الدول
العربية الأربع المطبعة بتعليق الاتفاق و/أو التفاهمات التي تم التوصل إليها (مع الاحتلال)،
ولم تصدر أي تصريحات ضد التطبيع".
اقرأ أيضا: إصابات جراء اعتداء الاحتلال على متظاهرين شرق خانيونس
وتابعت: "مع ذلك، نقلت الإمارات - التي أكدت أنه
لا يجب السماح للجهات المارقة أن تحدد قواعد اللعب- رسالة لإسرائيل تفيد، أن استمرار العدوان يمكن أن
يؤدي لتآكل الاتفاقات والعلاقات".
أما التحدي الرابع، فيتعلق بـ"القضية الإيرانية،
حيث توجد لإيران مصلحة في دق إسفين في العلاقات بين إسرائيل وجيرانها في الخليج، الإمارات
والبحرين والسعودية"، منوها إلى أن "تل أبيب ودول الخليج، تهتم جدا بالمشروع
النووي الإيراني والتهديد لأراضيها من قبل مبعوثي طهران، وخلافا لإسرائيل، دول الخليج
تخاف من تهديد مباشر إزاء جهود إيران التآمرية".
وأوضح المركز، أن "العلاقات بين إسرائيل ودول الخليج
جرت على الصعيد غير الرسمي قبل التوقيع على اتفاقات التطبيع، التي هدفها بلورة تحالف
ضد إيران بقيادة الولايات المتحدة ومشاركة حلفائها في المنطقة، كما أن طهران تخاف من
تزايد الوجود الاستخباري – العملياتي الإسرائيلي في الخليج".
ولفت إلى أن "دول الخليج تخاف من أن البعد الردعي
للتعاون مع الولايات المتحدة وإسرائيل قد تضرر عند استبدال الإدارة في واشنطن، والعودة
المتوقعة لإدارة بايدن إلى الاتفاق النووي مع إيران، وبناء على ذلك، هذه الدول تريد
إقامة علاقات موازية مع إيران وتسوية الخلافات معها عن طريق المفاوضات، وطهران تطلب
من أبو ظبي والمنامة إبطاء وتيرة التطبيع مع تل أبيب، والالتزام بمنع تواجد إسرائيلي
عسكري في الخليج".
ومن بين أبرز التحديات لتطبيع الاحتلال الرسمي مع الدول
العربية، هو "موقف الشارع العربي، حيث أن "اتفاقات إبراهيم" واتفاق
السلام مع مصر والأردن، تجسد بدرجة أكبر العلاقة بين إسرائيل والنخب الحاكمة في الدول
العربية، في حين، الشعوب العربية بقيت متحفظة ومعادية لإسرائيل".
واعتبرت الدراسة الإسرائيلية، أن "اتفاقات إبراهيم"،
هي بالون اختبار بالنسبة لدول عربية وإسلامية اختارت الجلوس في هذه المرحلة على الجدار
وتأجيل قرار انضمامها، موضحة أن "لإسرائيل مصلحة لتعميق العلاقات القائمة،
من أجل استخدامها لتوسيع دائرة التطبيع، وإحدى الدول المهمة بما يتعلق بتوسيع الاتفاقات
هي السعودية".
ورأت أن "تطبيع السعودية، يمنح "شرعية"
دينية إسلامية، ويسهل على الدول العربية والإسلامية الانضمام لهذه العملية، من هنا
تأتي أهمية اتفاق مستقبلي محتمل مع السعودية".
خلاصة وتوصيات
وخلصت الدراسة، إلى أن "اتفاقات التطبيع، حتى الآن
لم تستنفد الإمكانية الكامنة المحتملة في وضع إسرائيل الاستراتيجي وفي الاستجابة للتحديات
التي تواجهها، علما بأن تهديد إيران، كان وما زال هو المحرك الرئيسي في تطبيع العلاقات،
لكن هذا المحرك تآكل بسبب تغيير سياسة الولايات المتحدة عند الانتقال من إدارة ترامب
لإدارة بايدن، والتقليص الكبير في الاستعداد الأمريكي لتقديم مكافآت أمنية واقتصادية
للدول المطبعة، مع ذلك، بقي الهدف الرئيسي، خلق محور تعاون إقليمي لصد نفوذ إيران في
المنطقة".
وأشارت أيضا إلى وجود العديد من العقبات أمام توسع التطبيع
منها؛ سياسة إدارة بايدن التي تعمل على تقليص تواجد القوات الأمريكية في المنطقة، وترفض
العمل العسكري ضد طهران، أيضا عودة الاتفاق النووي بين طهران وواشنطن والدول العظمى،
وهو ما يمكن إيران من زيادة نفوذها، وهذا تطور سيردع دولا عربية عن مواجهتها بشكل مباشر،
ويمكنها خفض علاقاتها مع إسرائيل".
كما أن بعض الدول العربية، "ستجد صعوبة في تطبيق
التطبيع مع إسرائيل، في حالة تصعيد ومواجهة عسكرية بين إسرائيل والفلسطينيين، أو مع
لبنان".
ونبهت أن هناك "عاملا آخر يمكن أن يعيق تقدم التطبيع،
هو تفعيل جهات ما، لا سيما على أيدي إيران، من أجل المس بمسارات الملاحة والموانئ والمنشآت
الاستراتيجية وروتين الحياة في الدول التي وقعت على اتفاقات التطبيع"، موضحة أن
من بين تلك العقبات أيضا، "فرض المقاطعة على الشركات التي لها علاقات تجارية مع
إسرائيل، والتوجه إلى "الشارع العربي" من خلال استغلال الفجوة الكبيرة بين
مواقف القيادات ومواقف الشعوب العربية من التطبيع مع إسرائيل".
اقرأ أيضا: إعلام عبري: المنامة استضافت سفارة إسرائيلية منذ 11 عاما
وبناء على ما تقدم، أوصت الدراسة بأهمية قيام الاحتلال
"بتسريع اتفاقات التعاون لتجسيد "ثمار التطبيع"، وتقوم بتجنيد رجال
أعمال وشركاء خارجيين من أجل أيضا الدفع قدما بمبادرات استثمارات في مشاريع بنى تحتية
ستساهم في الازدهار، مع العمل على تقليص الصورة التي تتمثل في أن اتفاقات التطبيع منحت إسرائيل منصة للعمل ضد إيران".
وتابعت: "مطلوب من إسرائيل أن تجند الإدارة الأمريكية
للدفع قدما بالتطبيع، على خلفية خوف دول الخليج من ترك أمريكا للمنطقة، وفي المقابل،
ربما تطلب إدارة بايدن في المقابل من إسرائيل تجنب القيام بخطوات تبعد تطبيق حل الدولتين
في ساحة النزاع مع الفلسطينيين".
وزعم المركز، أنه "بسبب تهديد الصواريخ والطائرات
المسيرة الهجومية لإيران وفروعها، تستطيع إسرائيل أن تعرض على دول الخليج منظومة دفاع
جوي إقليمية، في ظل ميل ميزان القوى لصالح طهران"، مشددا على أهمية أن "تظهر
إسرائيل الرغبة في دمج الدول المطبعة في مبادرات تسوية النزاع مع الفلسطينيين، رغم
ضآلة فرص تحقيقها، بسبب عدم تحمس الدول العربية للدخول في "وحل النزاع".
ونبه لوجوب أن "تقوم إسرائيل بدمج الإمارات في تسوية
مع قطاع غزة وإعادة إعماره برعاية مصر (في ظل حكم السيسي)، التي تعتبرها أبوظبي عاملا
رئيسيا في تأسيس شبكة أمان إقليمية".
سفير إسرائيلي: هذا المطلوب من تل أبيب بعد هزيمة أمريكا
جنرال إسرائيلي: علينا التعلم من فشل أمريكا في أفغانستان
صحيفة عبرية تحاور مسؤولا إماراتيا بذكرى توقيع اتفاق التطبيع