تحت عنوان "الغطرسة في استعادة العنف في سوريا وبوغوتا في وقت تكشف العنف السياسي في الولايات المتحدة"، نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للزميل في المركز العربي بواشنطن يوسف مناير.
وبدأ مقالته بمقطع من أغنية بفيلم علاء الدين: "جئت من مكان بعيد تتجول فيه قوافل الجمال (..) حيث يقطعون أذنيك لو لم يعجبهم وجهك، إنه بربرية ولكن مهلا، إنه الوطن".
وكلمات هذا المقطع العنصري من أنجح الأفلام الكرتونية في تاريخ السينما، هو جزء من تقاليد طويلة يقوم فيها الإعلام الأمريكي بتسطيح وتبسيط وشيطنة الأماكن الجميلة التي تعج بالناس الجميلين والتاريخ العميق والطبقات المتراكمة والمعقدة للثقافة.
ولهذا لم يكن مفاجئا أن يذهب مقدمو البرامج الإخبارية والساسة والمراقبون ومنصات التواصل الاجتماعي إلى النمطيات القديمة المستهلكة، في الوقت الذي عمت فيه الفوضى مبنى الكابيتول هيل في الأسبوع الماضي.
وقال المحلل فان جونز في "سي أن أن": "يبدو أننا نسير لنصبح سوريا وليس الولايات المتحدة الأمريكية". وقالت مراسلة شبكة إي بي سي نيوز مارثا رداتاز: "أنا لست في بغداد، أنا لست في كابول، ولست في مكان خطير في الخارج، نحن في أمريكا".
وأضاف مقدم البرنامج الرئيس في "سي أن أن" جيك تابر تنوعا جديدا، عندما قال إنه شعر كأنه مراسل في "بوغوتا" عاصمة كولومبيا.
واختار البعض أن يلمح ويتجنب التصريح، عندما قال الرئيس المنتخب جوزيف بايدن: "هذا لا يمثل أمريكا الحقيقية، ولا يمثل من نحن".
وقال الرئيس السابق جورج دبليو بوش إنه تذكر أن ما يحدث هو في "جمهورية موز" وليس في الولايات المتحدة الأمريكية.
ويقول مناير: "طالما شعرنا نحن الذين نعيش في أمريكا وتعود جذورنا إلى الشرق الأوسط بثمن هذا الخطاب الذي ينظر لمنطقتنا بشكل حصري عبر عدسة العنف والتطرف".
وفاقم المشكلة التفكير بالعنف السياسي بكونه مشكلة خاصة "بذلك المكان" وتحلل الولايات المتحدة من أي مسؤولية عنه. وهذا لا يبتعد عن الحقيقة؛ لأن الولايات المتحدة ساعدت وبشكل روتيني على الإطاحة بحكومات "العالم الثالث" وعززت عددا لا يحصى من الديكتاتوريين والأجندات المعادية للديمقراطية، وتسببت بعدم الاستقرار والقمع.
وتمحو التعليقات أي تاريخ حقيقي للعنف السياسي في الولايات المتحدة، الأمة التي قامت على إبادة السكان الأصليين عبر الاستيطان الاستعماري، وبناها العبيد الذين سرقوا من أفريقيا، وتحكمها دولة طالما قيدت الحقوق وحريات الناس لكم هائل من الأسباب.
وأضاف مناير أن الخطاب حول الشؤون الأجنبية وبخاصة خلال السنوات الـ30 الماضية يسوده الربط بالعنف السياسي في الشرق الأوسط، لدرجة أصبحنا فيها غير قادرين على فصل العنف عن المنطقة بعينها.
اقرأ أيضا: عقوبات أمريكية على قادة بـ"القاعدة" في إيران.. وظريف يرد
ولماذا يحتاج الصحافيون الذين يصفون الأحداث في أمريكا للمشاهدين الأمريكيين السفر آلاف الأميال بحثا عن المقارنة؟ فمقدمو المعلومات ومستهلكوها لا يعرفون عن تاريخ العنف السياسي الأمريكي. وعدم قدرة الأمريكيين على تخيل العنف السياسي الأمريكي أدى لخلق عمى ألوان حول التطرف اليميني الذي استغل الوضع بشكل واسع.
وكل هذا مرتبط بالأسطورة الأساسية التي طبعت الإمبراطورية حول الخصوصية الأمريكية؛ فقد استخدمت كدفاع أيديولوجي حول ما يجري في العالم، "فنحن لا نقصف أو نغزو، ولكننا نجلب الديمقراطية، ونبني الأمم، ونقود العالم".
و"لكن الأمريكيين ليسوا أقل من بقية العالم عرضة للعنف السياسي. ولو كان هناك شيء هو أننا أكثر عرضة له؛ لأننا نقنع أنفسنا عندما نرتكبه. ويتم تبريره عندما يجب عدم تبريره على خلفية أنه لا يعبر عنا.
وهناك أسطورة أمريكية وواقع أمريكي، و"لو أردنا أن تكون أمريكا كتلك التي نتخيلها فنحن بحاجة لمواجهة الواقع كما هو. وهذا الواقع هو من الداخل وليس أجنبيا، ونعم هو قبيح. وعلينا في النهاية وقف الخطاب الذي يصور العنف السياسي على أنه أمر يحدث في الأماكن التي يأتي منها السود وسمر البشرة. والفشل بالقيام وبشكل نشط يجعل من الصعوبة بمكان مواجهة الحقائق التي تجعل هذا البلد مكانا أفضل".
NYT: ترامب أفسد نظام العفو.. وعلى بايدن إصلاحه بهذا المقترح
بوليتكو: قرارات العفو التي أصدرها ترامب تخص أصحابه ومعارفه
NYT: ترامب خلّف دمارا عميقا في أمريكا