قال موقع" ميدل
إيست آي" إنه بينما نجح مخرجون فلسطينيون في نقل نضال شعبهم من خلال الأفلام،
إلا أن الأعمال الدرامية عن موضوع الاحتلال الإسرائيلي، في الغرب لم تصل إلى
نفس المستوى.
وقال الباحث الأكاديمي
غبرائيل بوللي، في مقال له بالموقع، ترجمته "عربي21": "فمثلا مسلسل (فوضى) على نتفليكس يتهم بأنه مبالغة في الدعاية المؤيدة لإسرائيل،
ويتماشى فيه تصوير الفلسطينيين مع كل الكليشيهات العنصرية المعادية للعرب في كتب
الاستشراق".
وتابع: "ويمكن القول بأنه قد يكون علينا العودة إلى حوالي عقد من الزمان، للمسلسل القصير (الوعد) من إخراج بيتر كوسمنسكي، والذي لم ينزع صفة
الإنسانية عن الفلسطينيين".
وأضاف: "حتى الآن
ربما ستقوم هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، التي لطالما أثارت غضب كل من
مؤيدي إسرائيل ومؤيدي فلسطين، بسبب
تغطيتها للصراع، ببث دراما جديدة مكان أحداثها فلسطين".
وهي عبارة عن إعادة
سرد للسنوات الأولى من الصراع بين المستوطنين الصهاينة والعرب الذي أدى إلى
النكبة أو التطهير العنصري في فلسطين عام 1948. فمسلسل مريم ويوسف ليس مسلسلا
تلفزيونيا ولكن دراما إذاعية تم إطلاقها دون ضجة على إذاعة راديو بي بي سي
العالمية.
والانطباعات المبدئية
عن مسلسل مريم ويوسف ليست واعدة. فبينما يقوم بدور الشخصية اليهودية الرئيسية ممثل
بريطاني-إسرائيلي، وعدد من الممثلين العرب والإيرانيين، فليس واضحا ما إن كان هناك
أي ممثلين من أصل فلسطيني في أدوار مهمة.
وقال ستيف ووترز، مؤلف
المسلسل، الذي تصفه بي بي سي بأنه "مسلسل درامي من 10 أجزاء حول إقامة
دولة إسرائيل"، في مقابلة مع صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" إنه يهدف
إلى نقل التفاصيل "لقصة لم تتم روايتها بشكل كامل"، ووصف المقال الدراما
الإذاعية بأنها "متوازنة".
ولكن لم يكن هناك
توازن عام 1948 بين المستوطنين الصهاينة المدربين والمسلحين من البريطانيين
و750 ألف فلسطيني طردوا من أراضي أجدادهم.
وليس هناك توازن اليوم
بين مليوني فلسطيني يعيشون في قطاع غزة المكتظ الذي يفتقر إلى المياه النظيفة
والرعاية الصحية الكافية، بينما المزارع الإسرائيلية التي لا تبعد سوى أميال تتمتع بجميع المياه التي تحتاجها. وإن أي محاولة لإيجاد توازن بين المحتل ومن هو تحت
الاحتلال لن تنجح.
إقرأ أيضا: السكاكيني والرفاعي.. وجهان ثقافيان لـ"النكبة " و"النكسة"
وقال الباحث إنه ومع
ذلك وبناء على حلقتين من مسلسل مريم ويوسف، التي صدرت عند كتابة هذا المقال فهناك
ما يدعو للتفاؤل الحذر. ويغطي المسلسل ثلاثة عقود بين بداية الاحتلال البريطاني
لفلسطين، والنكبة الفلسطينية وقيام دولة اسرائيل عام 1948.
وخلال هذا الوقت كما
أشار المؤرخ توم سيغيف في كتابه One Palestine, Complete فقد "فضلت الأفعال
البريطانية المشروع الصهيوني بشكل كبير"، وفي النهاية "تم إفراغ بلد ذات
أغلبية عربية وأقلية يهودية إلى حد كبير من سكانها الفلسطينيين".
وتبدأ الحلقة الأولى
بصوت الفلسطيني، يوسف: "كيف وصلنا إلى هذا المنفى يا طفلي؟ وخسرنا أرضنا في
ثلاثة عقود سريعة؟". ولأن الكلمات الأولى في المسلسل تعود للشخصية الفلسطينية
أمر مرحب به، فإنها لم تكن النكبة مجرد نتيجة ثانوية لإقامة إسرائيل، فبالنسبة
للفلسطينيين كانت ولا تزال لأنها مستمرة، أمرا لا يمكن فصله عن إقامة إسرائيل، حدثا قلب حياتهم رأسا على عقب".
وعندما نعلم أن يوسف
من قرية دير ياسين، نعلم كيف سينتهي المسلسل بالنسبة لهذه الشخصية. وكما ذكر
المؤرخ إيلان بيبي في كتابه The
Ethnic Cleansing of Palestine، فإن دير ياسين كانت
"قرية رعوية ودية توصلت إلى اتفاق عدم اعتداء مع الهاغاناه المليشيا
الصهيونية الرئيسية في القدس ولكن كان محكوما عليها بالمسح لأنها كانت من صمن
المناطق المحددة للتطهير".
وقتل أكثر من 100 فلسطيني
في 9 نيسان/ أبريل 1948، ووصل الناجون أخيرا إلى مخيمات اللاجئين بعيدا عن بيوتهم
التي تم تدميرها في دولة إسرائيل الجديدة.
وقال الباحث: "كنا نسمع أيضا
بأسماء قرى أخرى غربي القدس مثل عين كارم والقسطل ولفتا وهذه كانت من بين 531 قرية
فلسطينية و11 منطقة مدنية قام الصهاينة بإفراغها من سكانها عام 1948". وسماع أسماء
هذه القرى المدمرة على بي بي سي هو انتصار للدقة التاريخية والذاكرة الفلسطينية
وإن كان صغيرا.
وقد يكون من المهم أن
ووترز اعتمد على عمل المؤرخ الفلسطيني، وليد الخالدي الذي سجل تاريخ القرى المدمرة
في كتاب All That Remains كأحد المصادر التي اعتمد عليها في كتابة المسلسل.
ونعلم أيضا كيف ينتهي
المسلسل بالنسبة لمريم، الشخصية اليهودية. فبعد أن تنتهي الحرب سيكون لها ولنسلها
بيت في وطن يستطيعون القول إنه لهم.
وأضاف: "لكن مريم
وأمها وصلتا إلى فلسطين من بولندا فرارا من الاضطهاد المعادي للسامية. ولا تصلان
كصهيونيتين مقتنعتين بالصهيونية. وعلى الباخرة إلى فلسطين يأمرهما مسؤول متبجح من
الوكالة اليهودية للتوقف عن التحدث باليديشية (لغة عبيد) وأن تستخدما العبرية فقط".
وفي محاولة من الحركة
الصهيونية لبناء مجتمع يهودي جديد، لم يتمكن العديد من المهاجرين اليهود أن يجدوا
لأنفسهم مكانا في خطط الحركة الصهيونية في فلسطين وعادوا إلى أوروبا ليعاني العديد
منهم أهوال ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي.
وأشار الباحث إلى أن "مستوى
الدقة التاريخية في المسلسل مثير للإعجاب حيث تصور الحلقات الأولى من المسلسل، الصراع في فلسطين على أنه صراع على
الأرض ولم يكن أبدا بين دينين أو "صراع حضارات".
وفي المقابل قال إن
"هناك مؤشرات على وجود كليشيهات استشراقية بالية في المسلسل، فلدى السماع عن
وعد بلفور عام 1917، يقول والد يوسف: ليأت اليهود، فما دام البريطانيون هنا سيكون
كل شيء على ما يرام، مصورا أنهم كانوا سذجا وراضين عن الاحتلال وبدون وعي للمخاطر
التي تحيق بأراضيهم بسبب السياسات البريطانية".
فبينما عاش
الفلسطينيون بسلام لقرون مع المجتمع اليهودي الفلسطيني، كانوا واعين تماما لمخاطر
سلبهم أرضهم التي ستتسبب بها الأهداف الصهيونية منذ عام 1880، ونظم القرويون
احتجاجات ضد طردهم من الأراضي التي اشترتها المنظمات الصهيونية. وهذا السياق
التاريخي غائب عن المسلسل.
وفي الوقت ذاته، تم
تصوير المهاجرين الصهاينة في المسلسل، على أنهم واعون قوميا ويغنون
"هاتيكفاه" والتي أصبحت بعد ذلك النشيد القومي الإسرائيلي. وهي صورة
مبسطة لا تعكس الواقع التاريخي.
ورأى الباحث بوللي،
أنه من المبكر أن "نعرف ما إن كان مسلسل بي بي سي، سيسير في طريق مسلسلات أخرى
تبرئة إسرائيل من أفعالها أم إنه سيقدم شيئا مختلفا. والمسلسل الآن يستحق أن يتابع،
حتى لو كان ذلك لمجرد التوصل كيف ستعرض بي بي سي كارثية وهول النكبة".
https://www.middleeasteye.net/opinion/will-bbc-drama-do-justice-nakba
MEE: سخط على بنك HSBC لمنعه دفع تبرعات لأيتام فلسطين