قضايا وآراء

رسالة مرشد الإخوان التي وجب تنفيذها الآن!!

1300x600

أحسنت جماعة الإخوان إذ قامت بعقد مؤتمر لمواجهة آثار وباء كورنا بتاريخ 5 نيسان (إبريل) الجاري، وبغض النظر عن تقييم المؤتمر، وهل هو فعلا مؤتمر أم أشبه بلقاء بث فيه مختصون في الجماعة نصائح وإرشادات مهمة، جلها معلوم للناس، بحكم أن الإعلام طوال المدة الفائتة يصبحهم ويمسيهم بها، لكن في النهاية يحسب لهم التفكير في عقده، وإن جاء بعد انتقاد منا بغياب دورهم ـ ولو حتى إعلاميا ـ وهو ما يفيد بأن النقد يثمر، وأن تجاهله ليس من الصواب.

 

السيسي يرفض مبادرة الإخوان


لكن ما يلفت النظر أكثر في المؤتمر، أن تعلن الإخوان أنها جنبت الخلافات السياسية حاليا مع النظام، وأن هدفها العمل لصالح الشعب المصري والوطن، وهو شعور نبيل، ينم عن المسؤولية التي أوجبها الله على كل داعية إليه، فضلا عن جماعة وظيفهتا الدعوة.

ولم يخيب السيسي ظننا، فقد رد اليد التي امتدت إليه بالعرض ـ وإن كانت قد امتدت للشعب والمجتمع لا إليه خاصة ـ شأن كل حكم عسكري مستبد، وبدأ في إرسال رسائل عبر خطابه الصادر في يوم السابع من نيسان (إبريل) الجاري، يخوف الشعب المصري من عودة الإخوان، فهو ينقل خوفه إلى الشعب، والشعب لا يخاف من أي فصيل خرج منه ليعمل له، بل يخاف ممن يستخف به، ويصدر خوفه للشعب.

رفض السيسي الأمر، وأعتقد أن الإخوان لم تكن بالأساس تنتظر القبول أو الرفض، لكن ما لفت نظري شيء آخر، كان ينبغي أن تفكر فيه قيادات الجماعة، وهو: إذا تجنبتم الخلاف السياسي مع نظام قتل وشنق وقام بتصفية العديد من أبنائكم، والخلاف بينكما خلاف لا تنهيه الدنيا بأحكامها فقط، بل ينهيه الله تعالى بعدله كذلك يوم القيامة، فكيف لم تبدأ الجماعة ـ ممثلة في قياداتها التي عقدت ونظمت المؤتمر ـ في أن تبدأ بنسيان الخلاف الذي بينها وبين إخوان لها اختلفوا معها في طريقة إدارة الجماعة، أي أن الخلاف بينهم ليس في دم ولا مال ولا عرض، بل خلاف على الطريقة الأصلح لإدارة الجماعة؟!

 

رسالة المرشد

وهذا ذكرني بأنه آن الأوان لتنفذ هذه القيادات رسالة كان قد أرسلها إليهم الدكتور محمد بديع المرشد العام للإخوان المسلمين منذ حوالي ثلاث سنوات تقريبا، وقد كان يستشعر أن الجماعة ستدخل مرحلة انشقاق، أو انشطار، كما أخبر أحد إخوانه في إحدى جلسات المحكمة، أن الجماعة ستنشق رأسيا وأفقيا، وأن هذه المحنة هي أكبر من محنة 1954م، ومحنة 1965م، ولن تكون بسبب السجون، بل بسبب الخارج وكيفية إدارة الجماعة.

 

إعلان الجماعة: أنها جنبت الخلاف السياسي مع النظام المصري لأجل مصلحة الشعب، هو ما يدعوني اليوم ويدعو كل حريص على هذا الكيان الكبير على أن يتعافى من أخطر مرض أصابه في مفاصله وفي قلبه، وهو داء الفرقة، والتشرذم، والاستبداد بالرأي، وعدم الاستجابة للنصح بما يصلح شأن الجماعة.

 



لاحظ المرشد أن المعلومات التي تصل إليه وإلى من بالسجون، هي من طرف واحد، وللعلم فإن معظم المعلومات بالخلافات وما يتم فيها كاملا، كان أمن السجون يتعمد أن تدخل، وأحيانا يوصلها هو بنفسه، ليزيد من معاناة المسجونين، وهو ما أكده أكثر من شخص بعد خروجهم من السجن، ثم خروجهم من مصر. ويبدو أن معلومات وصلت للمرشد، وبناء على ما وصله، كان مجمل ما طلبه في رسالته كالتالي:

على أمين عام الجماعة، ألا يأخذ قرارا في الجماعة قبل الرجوع لثلاثة أشخاص هم: د. صلاح عبد الحق، ود. مدحت عاصم، ود. حلمي الجزار، وعليهم أن يقوموا بدورين مهمين: أولهما وأهمهما: لم شمل الجماعة، والعمل على وحدة صفها، والسعي بكل السبل لتحقيق هذا الهدف. وتفاصيل أخرى ليس مجال تفصيلها الآن.

وصلت الرسالة لأصحاب الشأن، ولكنها لم تنفذ، وأهملت، ولم يتم إعلام أحد بها إلا من وصلت إليه عن طريق غير طريقهم، ولم يعلم عنها بقية الناس، وظلت مكتومة، ونُقل على لسان بعض القيادات هذا التعليق: لا ولاية لأسير، إشارة إلى أسر المرشد، وهو ما لم أتيقن من تأكيده أو نفيه.

 

وحدة الكيان هي الهدف

ليس الهدف الآن من التذكير برسالة المرشد، وإعلانها للناس، أي غرض سوى وحدة هذا الكيان، ولو كانت هناك أغراض أخرى، لسارعت وسارع غيري بنشرها أو إذاعتها وقتها، وقد علمت بها بعد إرسالها بأيام قليلة، وقد مر عليها الآن شهور طويلة. ولكن إعلان الجماعة: أنها جنبت الخلاف السياسي مع النظام المصري لأجل مصلحة الشعب، هو ما يدعوني اليوم ويدعو كل حريص على هذا الكيان الكبير على أن يتعافى من أخطر مرض أصابه في مفاصله وفي قلبه، وهو داء الفرقة، والتشرذم، والاستبداد بالرأي، وعدم الاستجابة للنصح بما يصلح شأن الجماعة. 

نعلم أن هذه القيادات من قبل تعللت برفض مبادرة الدكتور القرضاوي ومن معه، والتي حاول فيها لم الشمل، ولكن هذه القيادات تعللت بأن الجماعة لديها قيادتها، ولديها مؤسساتها ولوائحها، وما يصدره العلماء من مبادرات هو موضع نظر وتفكير!

أما الرسالة التي وصلتكم وصلت من مرشد الجماعة، أي: رأس هرم التنظيم، ولم يكن هناك علة لتأخير تنفيذها آنذاك، فالآن وقد بادرتم بتجنيب الخلاف مع السيسي، فقد حان أوان تنفيذ رسالة المرشد، بصفته المؤسسية، وبحكم مكانته، وقد رأيتم رفض السيسي لأيديكم الممتدة بالخير للمجتمع، فهل ستمتد أيديكم إلى من هم منكم، ولو اختلف معكم، أم أن الأيادي لا تمتد إلا لمن امتدت يده بالدماء والاستبداد؟!

لقد تأخرت هذه الخطوة كثيرا، والزمن يمضي، والفرص تضيع، ولكن أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي، كما يقال في المثل.