صحافة دولية

كورونا أداة جديدة لشركات الجنائز في إسبانيا.. احتكار ومضاربة

ارتفعت أسعار أعمال الجنائز بشكل كبير من طرف بعض الشركات- جيتي

نشرت صحيفة "بوبليكو" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن استغلال بعض شركات الجنازات لحالة عدم اليقين الناتجة عن أزمة كورونا للترفيع في أسعار المدافن، الأمر الذي أجبر السلطات الإسبانية على تجميد خدماتها لتجنب المضاربة في الموت.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه مع انتشار هذه الجائحة التي ضاعفت من معدل الوفيات بنسبة 40 بالمئة في إسبانيا، أصبحت شركات الدفن هي المستفيد الوحيد، لدرجة أن بعض المواطنين نددوا في الأيام الأخيرة بأن فيروس كوفيد-19 أصبح سببا مثاليا لزيادة أسعار هذه الخدمات.

وأشارت إلى أن صانع الأفلام بيبي جوردانا، الذي فقد والدته البالغة من العمر 86 عاما في الأيام الأخيرة، ندد بأن أحد مقدمي الخدمات الجنائزية طلب منهم خمسة آلاف يورو لتغطية نفقات الدفن، مع ضريبة على القيمة المضافة بنسبة 21 بالمئة، ناهيك عن المفاهيم غير العادية المرتبطة بالوضع في مدريد جراء هذا الوباء على غرار (توابيت مانعة للماء، واتباع إجراءات أمنية خاصة والنظافة ...). وأضاف جوردانا أن "الموت بسبب هذا الفيروس أصبح أغلى ثمنا في الوقت الحالي".

وأوضحت الصحيفة أن الحكومة اضطرت إلى اتخاذ تدابير ردعية في هذا الصدد، حيث أعلنت وزارة شؤون المستهلكين أن أسعار الخدمات الجنائزية سيتم تجميدها مقارنة بتلك التي كانت سارية قبل 14 آذار/ مارس، وهو التاريخ الذي دخلت فيه حالة الطوارئ حيز التنفيذ، ووجوب إعادة المبالغ المدفوعة التي تم سدادها بعد ذلك التاريخ.

وحسب الوزارة فإن "قرار تجميد أسعار الخدمات الجنائزية يستجيب لحقيقة محددة، حيث وقع الكشف عن ارتفاع غير مبرر في الأسعار من قبل بعض الشركات"، موضحة أن "بعضها حاولت المضاربة في حالات الطوارئ".

 

اقرأ أيضا: هذه حقيقة تراجع ضحايا كورونا بأوروبا.. هل تخفف الإجراءات؟

وأوردت الصحيفة أن هذا الارتفاع المتصاعد في الأسعار ليس حدثًا منعزلاً، حيث يستجيب لجوهر قطاع لطالما كانت الأسعار فيه مرتفعة لعقود. وتجدر الإشارة إلى أن حكومة خوسيه ماريا أزنار وافقت منذ سنة 1996 على المرسوم الملكي بشأن التدابير المالية العاجلة وتعزيز وتحرير النشاط الاقتصادي، حيث وقع تفعيل المادة 22 من أجل خوصصة الخدمات الجنائزية، ومنذ ذلك الحين ارتفع متوسط سعر المدافن.

وحسب تقرير مجلة "كونسومر"، شهد متوسط سعر الجنازة في إسبانيا ارتفاعًا كبيرًا، من 1040 يورو في سنة 1998 إلى 1978 يورو في سنة 2008. ووفقًا لدراسة أخرى أجرتها منظمة المستهلكين والمستخدمين في سنة 2017، فإن متوسط سعر الجنازة كان بالفعل 3545 يورو. ويعتبر منحنى سعر الجنازة في ازدياد مستمر، على الرغم من أن هناك تعتيما كبيرا في هذا القطاع مما يمنع كشف الحسابات الأكثر دقة، حسب منظمات المستهلكين.

وذكرت الصحيفة أن شركة "ميمورا" و"سرفيسا" و"ألبيا "و"أ إس في"، "فونيسبنيا"، من أبرز الشركات التي تهيمن على هذا القطاع.

 

وتعد إسبانيا من بين الدول الخمس التي تجني أرباحا من هذا المجال، حيث قدرت في سنة 2018 بأكثر من 380 مليون يورو، هذا إلى جانب قيمة الفوائد التي قدرت بنحو 50 مليون يورو، وفقا لبيانات السجل التجاري التي جمعتها صحيفة الدياريو.

 

ويرى إنريكي غارسيا، المتحدث باسم منظمة المستهلكين والمستخدمين، أن هذه الشركات تنشئ في المدن الصغيرة "نظام احتكار وهو يعتبر أمرا سلبيا بالنسبة للمستهلكين"، ويضيف الخبير أنه "نشاط متحرّر ولكن مع فروق دقيقة".

ونقلت الصحيفة عن غارسيا أن الحل لهذه المشكلة لا يكمن في التأميم الكامل لهذه الخدمات، حيث أظهرت الاستطلاعات التي أجريت أن هناك مناطق تتوفر بها خدمات جنائزية تابعة للبلدية بالكامل.

 

ووفقًا لمنظمة المستهلك، المشكلة لها علاقة أكبر بنقص الشفافية، التي تتفاقم خلال الأزمات مثل أزمة جائحة كوفيد-19. ففي الحقيقة، "لا يقع عرض معلومات حول الأسعار على صفحات الويب الخاصة بهذه الشركات، ومن الصعب جدًا العثور على معلومات مسبقة"، الأمر الذي يؤثر على المواطنين مباشرة، حيث يضطرون إلى اتخاذ قرار دون وجود الوقت الكافي للتفكير، خاصة في ظل هذه "الظروف المأساوية للغاية".