صحافة دولية

وزير أمريكي سابق يتحدث عن تأثير كورونا على النظام العالمي

قال كيسنجر إن التحدي التاريخي أمام قادة العالم هو إدارة هذه الأزمة وبناء المستقبل- جيتي

توقع وزير الخارجية الأمريكي السابق هنري كيسنجر، أن تغير جائحة فيروس كورونا "كوفيد-19" النظام العالمي الحالي، ويكون لها تأثيرات سياسية واقتصادية كبيرة.


وقال كيسنجر الذي شغل أيضا مستشار الأمن القومي بعهد الرئيس نيكسون، في مقال نشرته صحيفة "وول ستريت جرنال" الأمريكية، إن تأثير الجائحة على الصحة العامة قد يكون مؤقتا، إلا أن الأزمة السياسية والاقتصادية التي خلفها تفشي الفيروس ستستمر إلى أجيال عديدة.


وأضاف أن "الأمم تتماسك وتتعاطف بسبب اعتقادها بأن مؤسساتها يمكن أن تتوقع الكارثة، وتستطيع أن توقف تأثيرها وتستعيد الاستقرار"، معتقدا أنه وبعد انتهاء الجائحة سينظر إلى العديد من المؤسسات الدولية، على أنها فشلت في مواجهة الفيروس بغض النظر عن عدالة الأنظمة في هذه الدول من عدمها.


ورأى كيسنجر أن الإدارة الأمريكية قامت بعمل كبير، لتجنب الكارثة الفورية، ولكن الاختبار النهائي لها، هو ما إذا كانت قادرة على إيقاف انتشار الفيروس بالصورة التي تحافظ على الثقة العامة، لافتا إلى أن قادة العالم يتعاملون مع الأزمة على أساس وطني إلى حد كبير.


وشدد على أن "آثار الفيروس الاجتماعية لا تعرف الحدود، وأن المهمة العاجلة أمام القادة تتمثل في إطلاق مشروع موازٍ للانتقال إلى نظام ما بعد جائحة كورونا"، مؤكدا أنه لا يمكن لأي دولة حتى الولايات المتحدة أن تتغلب على الفيروس بمفردها.

 

اقرأ أيضا: ارتفاع لافت لإصابات كورونا بالصين وألمانيا.. والانتشار مستمر


وتابع: "مواجهته تتطلب رؤية وبرنامجا تعاونيا عالميا وإذا لم يحدث ذلك فسوف يواجه العالم ما هو أسوأ من تفشي فيروس كورونا"، مستذكرا تجربته الخاصة في الحرب العالمية الثانية، عندما كان شابا في فرقة مشاة بأواخر عام 1944، وحينها راوده الإحساس بالخطر الكبير الذي لا يستهدف شخصا بعينه، وإنما يضرب الكل وبشكل عشوائي ومدمر.


وأردف قائلا: "على الرغم من أوجه الشبه بين تلك الحقبة والزمن الحالي، إلا أن هناك فرقا جوهريا يكمن في أن الصمود الأمريكي وقدرة التحمل في الحرب حينذاك كان مدفوعا بطاقة قوية لتحقيق غاية وطنية عظمى، ولكن في ظل وجود دولة منقسمة سياسيا نحتاج إلى حكومة أمريكية بالضرورة أن تمتاز بالكفاءة وطول النظر للتغلب على العقبات غير المسبوقة، والتي لم يسبق لها مثيل على مستوى العالم والمتمثلة في تفشي كورونا".


وأشار إلى أهمية المحافظة على ثقة الجمهور، موضحا أنها "أمر حاسم للتضامن الاجتماعي وترابط المجتمعات وعلاقتها ببعضها البعض كما أنها ضرورية لتحقيق السلام والاستقرار العالميين".


وتحدث كيسنجر عن الأوضاع الحالية بالولايات المتحدة، في ظل انتشار الفيروس بشراسة وسرعة غير مسبوقتين، إلى جانب عدم وجود علاج للفيروس، وإمدادات طبية غير كافية، أمام الحالات المتزايدة التي تتجاوز قدرات وحدات العناية المركزية في المستشفيات الأمريكية.

 

اقرأ أيضا: كورونا يواصل الانتشار عربيا.. هذه أبرز الإحصاءات


ودعا إلى دعم الجهود العالمية لمقاومة الأمراض المعدية ودعم البحوث العملية، منوها إلى أنه بالفعل تحققت إنجازات في هذا المجال، مثل لقاح شلل الأطفال والقضاء على الجدري والذكاء الاصطناعي.


واقترح السعي إلى تضميد جراح الاقتصاد العالمي، من خلال الدروس المهمة التي تعلمها قادة العالم من الأزمة المالية العالمية عام 2008، مؤكدا أن "الأزمة الاقتصادية الحالية تعتبر أكثر تعقيدا، لأن تفشي فيروس كورونا السريع أدى إلى الانكماش العالمي بصورة لم يعرفها التاريخ من قبل".


وقال إنه "لا بد من إيجاد برامج تعمل على تحسين آثار الفوضى الوشيكة التي تهدد سكان العالم"، مطالبا بحماية مبادئ النظام العالمي الليبرالي، والدفاع عن قيم التنوير الخاصة بديمقراطيات العالم، والمحافظة عليها.


وتوقع أن يؤدي التراجع العالمي عن موازنة السلطة مع الشرعية، إلى تفكك العقد الاجتماعي محليا ودوليا، ورغم ذلك لا يمكن تسوية قضية الشرعية والقوة في وقت واحد، مع محاولة التغلب على وباء كوفيد-19.


واستكمل قائلا إن "العالم يعيش الآن فترة تاريخية، والتحدي التاريخي أمام قادة العالم، هو إدارة هذه الأزمة وبناء المستقبل"، مشددا على أن الفشل في تحقيق ذلك، قد يؤدي إلى إشعال العالم.