منوعات تركية

تعرف على ما يقدمه جامع "سليمة هاتون" بإسطنبول للمشردين

يقوم المسجد بوظائف عدة تجاه المشردين والمحتاجين منها الحمام وقص الشعر والملابس والأكل الساخن- الأناضول

بجهود متطوعين وإمام عاش اليتم، يوفر جامع "سليمة هاتون" بإسطنبول للمشردين، مكانًا للاستحمام والحلاقة وملابس وطعامًا ويحاول حل مشاكلهم مع عائلاتهم وتوفير فرص عمل لإعادة دمجهم بالمجتمع.

 

ويكاد لا يخلو حي في إسطنبول من قصة مميزة تدل على عراقة ساكني المدينة وكرمهم، ومنها قصص جامع "سليمة هاتون" في حي "بيه أوغلو"، حيث يقدم مع إمامه عطاءً كبيرًا، رغم صغر مساحته.


الإمام "عثمان غوركم" كان يتيما، وهو يتمتع بقلب واسع العطاء، يمنح من دون مقابل، ويساعد المشردين والمحتاجين، مقدما لهم خدمات كثيرة، بمساعدة أبناء الحي.

 

كل ما يأمله "غوركم" من جميع جهوده هو الحصول على السعادة، عبر رسم البسمة على شفاه المحتاجين، ومن دون تلقي التبرعات، بل عبر مشاركة الجميع في مشاريع يطرحها.

وهو يحرص على حلاقة شعر المشردين ولحاهم بيديه، وساهم، العام الماضي، في إعادة دمج 25 منهم في المجتمع.

بشخصية محببة للمحيطين به وبحديث مقنع، يتحدث الإمام التركي عن قصص عاشها وسمعها من مشردين، حتى بات خبيرا في التصرف معهم بحسب الحالة، بدعم من زوجته التي تسانده في عمله.

ويعرف "غوركم" نفسه قائلًا: "أنا من ولاية أماسيا (شمالا) عملت في ولايات عديدة كإمام وخطيب، وأعمل في جامع سليمة هاتون منذ 17 عامًا، متزوج ولدي ثلاثة أولاد".

ويضيف للأناضول: "ما نقوم به هو أمر نابع من داخل الإنسان، لأنني فقدت والدي منذ الصغر، وكبرنا ودرسنا بجهودنا وبدعم الآخرين، قررنا أن نكون مبادرين بعمل الخير في حال توفرت لنا السبل ماديًا ومعنويًا، لنكون عونًا للمقطوعين والمحتاجين".

وتابع: "بدايةً دعمنا الطلاب الأيتام في الدراسة، وساعدنا الفقراء، وخاصة في إسطنبول ومنطقة بي أوغلو، وميدان تقسيم التي لاحظنا فيها المشردين، وهو ما لفت نظرنا بشكل كبير".

ويردف: "الانتباه لهؤلاء شيء والعناية والاهتمام بهم شيء آخر، وأنا أهتم بكثير منهم، وكانت لي قصصًا وحكايات كثيرة، منها ما هو مؤثر، ومنها ما تكلل بالسعادة".

حمام للمشردين

ويكمل "غوركم" بقوله "مع تفكيرنا بهؤلاء واغتسالهم ولباسهم وطعامهم، وبعد أن نفد صبري، بسبب ضيق المكان في ملحق الجامع، وهو ثمانية أمتار مربعة، افتتحت حمامًا بإمكانيات بسيطة".

ويتابع: "مع انتشار الخبر عبر وسائل الإعلام، بدأ المشردون يتوافدون ليرتفع العدد من 5 إلى نحو 50 مشردا يستحمون يوميا".


ويضيف: "بعد أن أقدمنا على هذه الخطوة التي لها أبعادها وصعوباتها، فكرنا بأن نقدم لهم ملابس مع الاستحمام، وبعد أيام فكرنا بتقديم الطعام بما توفر بشكل بسيط، وفكرنا بتوفير الحلاقة، وهو ما تم".

ويمضي قائلًا: "أنظر إلى هذه المهمة كوظيفة دينية إسلامية إنسانية، عبر تقديم ملابس مستعملة نظيفة، وهو ما يشجع المتطوعين، وحاليًا كل أسبوع يتم توفير هذه الخدمات لمعدل نحو 100 شخص".

فرص عمل 

وحول الآليات المتبعة في عمله، يوضح غوركم: "لا نقبل التبرعات المالية المباشرة، نقول لمن يريد المساعدة أن يتفضل ويلامس عمل الخير بقلبه ويده، ونقول إن تكاليف المشروع هذا الأسبوع بهذه القيمة، نحن نوصي وهم يدفعون ويساعدوننا في العمل، وكل يوم سبت لدينا متطوعون مسجلون يتم الاتصال بهم".


اقرأ أيضا :  مساجد تؤوي القطط!


ويردف: "عندما يكون لدينا مشروع نعمل على البدء به من دون أن يكون لدينا مال، نقول للناس وهم يقدمون المال والمواد".

ويتابع: "خلال الفترة المقبلة نفكر بعمل مغسلة ثياب ونعد المكان لها، وهو مشروع مكلف لا يتوفر المبلغ حاليا، ولكن نعتمد على الله ثم المتبرعين، الذين يقدمون المواد بأنفسهم".

ويستطرد: "بعد انتهاء المشروع نعلن عنه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مع ذكر المتبرعين بحسب رغبتهم.. ولا يوجد حساب مصرفي للتبرعات، بل يقدم المتبرعون المساعدات والمواد المطلوبة".

دمج بالمجتمع

وبشأن بداية هذه الجهود يقول غوركم: "نقوم بذلك في الجامع منذ 5 سنوات، لكنني مهتم بالمشردين منذ 17 عاما، بهدف التواصل معهم ومعرفة سبب تشردهم، وعلمت أن كل قصة فيها همّ، وكل حكاية فيها عبرة".

ويشير موضحًا: "حاولنا دمج هؤلاء في المجتمع.. العام الماضي وجدنا عملًا لـ25 مشردًا، استمر قرابة 15 منهم بالعمل".

ويتابع: "كما سعينا إلى عقد الصلح بين 15 مشردًا وعائلاتهم، ونجحنا في 11 حالة، وكان هدفنا 10% من الحالات، ولكن مع المحاولات وصلنا إلى 25%، وهو ما يسعدنا، فالشارع مليء بالمشاكل".

ويستطرد: "هناك من وجدنا له عملًا، ووفرنا له المسكن في الجامع لحين استلامه راتبه، وبعدها انتقل للسكن بإمكانياته الذاتية، ونحرص على عودتهم إلى المجتمع، فكل مشرد في الشارع لمدة أسبوع يحتاج أشهرًا من العلاج النفسي".

ويختم بأنه "يجب توفير مأوي للمشردين وإعادة تأهيلهم، فخلفهم قصص كثيرة، وبينهم ناجحون قست عليهم ظروف الحياة، وهم بحاجة لرعاية من أجل إعادة دمجهم في المجتمع".