قضايا وآراء

ورحل.. سمير سيف

1300x600
برحيل المبدع سمير سيف، فقدت الحياة الفنية أحد أعمدتها الأساسية.. وفقدت الحياة الأكاديمية رمزا راسخا من رموزها وأستاذا مهما، تخرجت على يديه أجيال متلاحقة، في المعهد العالي للسينما. لقد فقدنا برحيله حرفية الإخراج، كما يجب أن تكون. فقدنا الضمير المهني المنضبط الذي لا يساوم ولا يضعف أمام الإغراءات المختلفة، وما أكثرها، في الوسط الفني.

يعتقد أغلب الناس، وهذا ما يُشاع عن مخرجنا الكبير، أنه مخرج أفلام الحركة. ولكن هذا إجحاف بحق تاريخه الفني، فهو أخرج الأفلام الاستعراضية، كفيلم "المتوحشة"، أيضا مسرحية "حب في التخشيبة"، وهو صاحب الأفلام المهمة "آخر الرجال المحترمين"، و"الغول"، و"معالي الوزير"، و"سوق المتعة"، وهي أفلام تشجب، وتنقد، وتعري الواقع ومشكلاته.

كان سمير سيف فنانا خالصا، يُقّدم فكره الإنساني ورؤاه الجمالية دون أي ادعاء أو زيف. ولم يجنح إلى الأيديولوجية، بل كان صادقا مع نفسه وفنه؛ ولعل هذه النقطة بالذات خلقت حساسيات كثيرة بينه وبين أصحاب الأيديولوجيا.

خاض سمير سيف معارك كثيرة، أتصور أنها ساهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في أنه لم يأخذ القسط الكافي من حقه، كما يجب أن يكون.

إنسانياً، كان سمير سيف، متواضعا ومجاملا، لكنه أبدا لا يجامل في الفن، حتى ولو أثار حفيظة البعض أو الكل؛ فقد صمم على اختيار كاتب هذه السطور في كل من مسلسل "أوان الورد"، وفيلم "معالي الوزير"، وتصدى لكل المحاولات لإقصائي، وقد صدق حدسة الفني، ونجحت نجاحا باهرا.

سمير سيف كان فنانا حقيقيا، يبحث عن الفنان الحقيقي.

ومن الطرائف، أن كاتب هذه السطور، هو الفنان الوحيد الذي عمل معه في المجالات الثلاث: سينما.. تلفزيون.. مسرح.

وداعا سمير سيف الإنسان والفنان الذي لا يُعوض.