صحافة دولية

WP: أمريكي يلقى حتفه معتقلا لدى نظام "دكتاتور ترامب المفضل"

وتوفي قاسم، بعد إضرابه عن الطعام بشكل متكرر لإطلاق سراحه منذ سبتمبر/ أيلول 2018 بعد صدور الحكم عليه

تطرقت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في افتتاحيتها إلى وفاة المواطن الأمريكي من أصول مصرية مصطفى قاسم، داخل السجون المصرية.

 

وتوفي قاسم، بعد إضرابه عن الطعام بشكل متكرر لإطلاق سراحه منذ سبتمبر/ أيلول 2018 بعد صدور الحكم عليه، فيما يعرف بقضية ، فض اعتصام رابعة، والتي حوكم فيها مع 600 آخرين.

 

وفيما يلي التقرير الذي ترجمته "كاملا":

 

كان تاجر قطع الغيار مصطفى قاسم، وهو من سكان بيثبيج في ولاية نيويورك، في زيارة إلى بلده الأصلي مصر في شهر أغسطس / آب من عام 2013 عندما أوقفته هو وصهره دورية عسكرية خارج مركز تسوق حيث ذهبا لتبديل العملة. عندما طلب الجنود من الرجلين أوراقاً ثبوتياً أبرز مصطفى قاسم جواز سفره الأمريكي الأزرق. اتضح فيما بعد أن ذلك كان خطأ قاتلاً. وفي خطاب وجهه إلى الرئيس ترامب، سرد قاسم ما جرى معه قائلاً: "لقد سمحوا لصهري بالعبور، ولكنني عوملت بشكل مختلف، لمجرد أنني أمريكي."

 

ألقي القبض على قاسم، وتعرض لضرب مبرح، ثم حُبس في سجن طرة سيئ الصيت. ويوم الاثنين، وبعد ست سنوات من المعاملة السيئة التي فاقت التصور على أيدي السلطات المصرية، توفي قاسم ذي الأربعة والخمسين عاماً مخلفاً وراءه اثنين من الأبناء. وكان ذنبه الوحيد أنه مواطن أمريكي كان يزور بلداً يتلقى سنوياً عوناً أمريكياً يصل إلى 1.4 مليار دولار – حظي حاكمه، عبدالفتاح السيسي بوصف "دكتاتوري المفضل" على لسان السيد ترامب. 

 

وكان الرئيس الأمريكي قد تباهى بنجاحاته في تحرير الأمريكيين المحتجزين في الخارج، إلا أن إخفاق الإدارة في هذه الحالة كان غاية في البؤس، ورغم أن نائب الرئيس السيد بينس كان قد أثار قضية معاناة السيد قاسم مع السيسي في يناير من عام 2018، بعد أن مضى على احتجازه أربعة أعوام ونصف دون محاكمة، إلا أنه لم ينجم عن ذلك شيء. وفي ديسمبر، وإثر تدهور الحالة الصحية للسيد قاسم بعد أن أمضى خمسة عشر شهراً مضرباً عن الطعام، أثار قضيته وزير الخارجية مايك بومبيو أثناء حديثه مع وزير الخارجية المصري. ولكن، للمرة الثانية تجاهلت القاهرة تلك المناشدة. 

 

ما يبعث على الدهشة بشكل خاص أن النظام في مصر لم يقدم أي دليل على أن السيد قاسم ارتكب أي جنحة تذكر. وعندما مثل أخيراً أمام المحكمة في شهر سبتمبر من عام 2018، تم الزج به في محاكمة جماعية صورية شملت 738 متهماً، لم يقدم فيها أي دليل شخصي ضده، ورغم ذلك صدر الحكم عليه بالسجن لخمسة عشر عاماً. 

 

لربما تم التحفظ على قاسم داخل السجن لأن النظام لم يرغب في الاعتراف بأن الجنود الذين ردوا على إشهاره جواز سفره الأمريكي بالضرب ثم بإلقاء القبض عليه قد أساءوا التصرف. ولربما وجدوا فيه موضوعاً مفيداً لدعاية النظام التي كانت تروج إلى أن "جواسيس" أمريكيين كانوا يعملون على زعزعة أمن النظام. لا نعرف بالضبط دوافعهم، ولا تعرفها حتى إدارة الرئيس ترامب، لأن السيد السيسي وزبانيته لم يقدموا تفسيراً ذا مصداقية. 

 

بدلاً من أن توفر له جنسيته الأمريكية الحماية المطلوبة، تعرض قاسم بسببها لمعاملة سيئة صادمة. فرغم أنه كان يعاني من السكر ومن مرض في القلب إلا أن السلطات قيدت حصوله على العلاج طوال فترة سجنه. ومع ذلك لم ينبس السيد ترامب ببنت شفة تجاه الانتهاكات المميتة التي ارتكبها حليفه الاعتباري. ولربما كان التصريح الوحيد الصادر عن الإدارة هو ذلك الذي جاء من مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى دافيد شينكر الذي قال إن وفاة قاسم كانت "غير مبررة ومأساوية وكان من الممكن درؤها." ولكنه مع ذلك لم يوجه اللوم إلى جهة بعينها. 

 

وكان الكونغرس قد استشرف وقوع حالات كهذه عندما أجاز قانون ماغنيتسكي، وهو اسم محامي روسي تعرض للتنكيل على يد حكومة فلاديمير بوتن ولقي حتفه داخل السجن. يسمح هذا القانون باتخاذ عقوبات ضد جميع المسؤولين المتورطين في مثل هذه التجاوزات وانتهاكات حقوق الإنسان، كما يسمح لأعضاء الكونغرس برفع قضايا من خلال مطالبة الإدارة بإجراء تحقيق فيها. مازالت قضية مصطفى قاسم تنتظر أن يتخذ بحقها مثل هذا الإجراء.