أفكَار

هل امتلك إسلاميو السودان نظرية للاقتصاد؟

السودان.. لماذا انشغل الإسلاميون بالحكم وتجاهلوا المشروع الاقتصادي؟ (إنترنت)

بالنسبة لكثير من الناقدين وبينهم إسلاميون سودانيون، فإن الإجابة عن السؤال المطروح في العنوان؛ هي عدم وجود تصور واضح المعالم وموات لما يمكن تسميته بـ"الاقتصاد الإسلامي"، بينما يرى مختصون تحدثوا لـ"عربي21" أن التجربة لم تفشل بالكامل، وإنما حققت نجاحات كبيرة في بعض جوانب الاقتصاد، وأن الإخفاقات التي حدثت لا ترتبط بمفهوم الاقتصاد الإسلامي، وإنما بسلوك أفراد، وأخطاء السياسيين الذين أداروا سلطة الاقتصاد.

ويُعد السودان من أوائل الدول الإسلامية التي عملت على تطبيق منهج أطلق عليه "الاقتصاد الإسلامي"، وفقا لأفكار منظرين محليين واعتمادا في ناحية أخرى على اجتهادات متناثرة لعلماء مسلمين، كان أكثرها تأثيرا في التجربة السودانية، الرؤى الاقتصادية للمنظر الإسلامي الراحل محمد باقر الصدر في كتابه الشهير "اقتصادنا" الصادر في ستينيات القرن الماضي، والذي يعُد مرجعا رئيسيا للمعاملات المصرفية في تجارب الاقتصاد الإسلامي في العالم.

 



والاقتصاد الإسلامي حسب هذه الاجتهادات؛ هو مجموعة المبادئ والأصول الاقتصادية التي تحكم النشاط الاقتصادي للدولة الإسلامية، حسبما ورد في نصوص القرآن والسُنة التي يمكن تطبيقها بما يتلاءم مع ظروف الزمان والمكان، وأن يعالج الاقتصاد الإسلامي مشكلات المجتمع الاقتصادية وفق المنظور الإسلامي للحياة.
 
بالنسبة للاقتصادي السوداني والناشر الصحفي المعروف محجوب عروة، فإن موضوع الاقتصاد الإسلامي في السودان بدأ التفكير فيه بعد أن طرحت قضية التنمية الاقتصادية أولا من منطلق الفكر الاشتراكي بمدارسه المختلفة منذ بواكير فترة استقلال السودان عام 1956م، في مقابل أطروحة الحركة الإسلامية التي كانت تركز على قضية الدستور الإسلامي الكامل وحكم الشريعة، حيث لم يظهر لها طرح اقتصادي محدد إلا في خريف عقد السبعينيات بتجربة صيغ التمويل الإسلامية في مقابل نظام الفوائد التي تعتبرها ربوية تمارسها البنوك التقليدية.

وحسب ورقة لعروة قدمها أمام مؤتمر متخصص للحركة الإسلامية في السودان انعقد قبل أعوام حول الاقتصاد في الخرطوم، فإن التحول الذي حدث في المنهج الاقتصادي جاء بانقلاب الإسلاميين في 30 حزيران (يونيو) 1989م، فبعد سياسات متشددة في بدايته لدرجة التطرف بإعدام أناسٍ أبرياءٍ لأنهم يحوزون الدولار تحول النظام إلى سياسة التحرير الاقتصادي العام 1991م في ما أطلق عليه النظام الاقتصادي الإسلامي وألزمت جميع البنوك المحلية والأجنبية بما أطلقت عليه الصيغ الإسلامية في التمويل.

 



وفي هذه النقطة يشير عروة إلى أن سياسة التحرير الاقتصادي ورغم ما قيل عنها وما صاحبها من مشاكل وعقبات إلا أنها استطاعت أن تتجاوز حالة الندرة في السلع خاصةً الضرورية والصفوف الطويلة التي كانت في السابق، وإن صاحبها ارتفاع هائل في الأسعار بطبيعة الحال، ولعل أوضح مؤشر لسياسة التحرير الاقتصادي هو قطاع الإتصالات الذي حدثت فيه نقلة هائلة وأصبح السودان من أفضل الدول في هذا المجال، كما ازدادت عدد المصارف الأجنبية خاصةً العربية مما عكس قدراً من الثقة في القطاع المصرفي ورفد الاقتصاد السوداني بمزيد من الموارد الأجنبية خاصة بعد إنتاج وتصدير البترول السوداني لأول مرة، ما أسهم في فك بعض الضوائق الاقتصادية.

لكن كثيرا من الاقتصاديين يذهب إلى أنّ البلاد لم تستفد الإستفادة الصحيحة من عائدات البترول التي فاقت عشرات المليارات من الدولارات في وقت وجيز لأول مرة في تاريخ السودان، إذ لم توجه العائدات إلى تنمية القطاعات الاقتصادية الحيوية وعلى رأسها الزراعة والصناعة لتحقيق طفرة حقيقية وقيمة مضافة في الاقتصاد السوداني الذي أصابته لعنة الموارد و"المرض الهولندي"، حيث وجهت ـ حسب عروة ـ جل العائد إلى الصرف الجاري والقطاع السياسي والأمني والصرف البذخي وكرست سلوكا استهلاكيا غير حميد لدى كثير من المواطنين وكان السودان قد أصبح دولة خليجية.

ويخلص عروة إلى إنّه في مقابل "دولة التنمية والرفاه عبر الفكر والتطبيق الاشتراكي بنظام سلطوي أحادي في عهد الرئيس جعفر النميري 1969 ـ 1985م، تم تطبيق ما أطلق عليه دولة التوجه الحضاري الإسلامي والحكم بالشريعة واعتماد سياسة التحرير الاقتصادي منذ العام 1991م أيضاً عبر نظام سلطوي تحكمي عبر نهج (التمكين). 

ويضيف عروة: "إذا كان التطبيق الإشتراكي قد بدأ بسياسة التأميم والمصادرة التي أخافت المجتمع الاقتصادي الخاص وأضعفته، فقد بدأ التطبيق الإسلامي أكثر تشدداً، ظهر ذلك عندما أعدم في سنته الأولى العام 1990م بعض من كانوا يحوزون عملات حرة بدعوى هيبة الدولة ظناً خاطئاً بأن سياسة التحكم الاقتصادي خاصة في حيازة العملات الحرة ستصلح الاقتصاد السوداني وستحافظ على قوة العملة السودانية، فحدث العكس، إذ استمرت العملة السودانية في الإنخفاض مقابل العملات الأجنبية وكثر الاحتفاظ بالأموال خارج النظام المصرفي والعملات الحرة لرجال الأعمال والمغتربين خارج البلاد خوفاً من القرارات المفاجئة والرقابة الأمنية والضرائب. 

والخطأ الثالث عندما رفع هامش الأرباح في عمليات المرابحات في منتصف التسعينات بواقع "84%" سنوياً وهو أمر لا يوجد في أي بلد في العالم مما أدخل الكثيرين السجون وازداد التضخم.

اللافت للنظر حسب عروة فإن كلا المنهجين الاقتصاديين "الإشتراكي والإسلامي" رغم اختلافاتهما فقد أنتجا ظواهر متشابهة كالإنفاق الحكومي الهائل وسيطرة البيروقراطية وعقلية الجباية عبر الضرائب والرسوم الباهظة لمقابلة الصرف الحكومي الهائل، إضافة لتطبيق سياسة التحرير الاقتصادي في نظام سلطوي غير ديمقراطي وانتفاء الشفافية والمساءلة ومعايير العدالة والمساواة في التطبيق التي عانى منها المواطن والمستثمر المحلي والأجنبي فكبلت الاقتصاد السوداني وتضرر الاستثمار، كما تسبب الصرف على الحروب الأهلية والصرف السياسي والإداري والأمني والبذخي الهائل في المركز والولايات إلى انكماش الصرف على التنمية والتعليم والصحة والتنمية البشرية التي هي أساس التقدم الاقتصادي، كما أدى إلى التضخم الركودي المستمر، ورغم ذلك لا يمكن إنكار أن هناك إنجازات جيدة حدثت مثل تطوير قطاع الاتصالات بشكل هائل وإنشاء الطرق والكباري والسدود وزيادة واضحة في إنتاج سلع مهمة مثل الإسمنت والذهب وغيرهما، وكذلك تحسن إنتاج الكهرباء بأفضل عما مضى منذ الاستقلال.

لكن أبرز مظاهر الأزمة الاقتصادية السودانية بعد الأزمة المالية العالمية هو تراجع عائدات البترول خاصة بعد انفصال الجنوب وضعف الصادرات غير البترولية وتراجع الإيرادات وارتفاع عجز الموازنة مع ضعف ملحوظ في تحويلات المغتربين، ثم الضغوط على احتياطيات البلاد من العملات الحرة وضعف في ضخ السيولة للقطاع الإنتاجي يصاحبه تضخم في الأسعار وارتفاع البطالة.

وفي رؤية عروة فإن الأوان قد آن للحركة الإسلامية السودانية لإحداث مراجعات فكرية وسياسية في سياساتها العامة خاصة الاقتصادية مع عدم التراجع عن سياسة الحرية الاقتصادية على أن تستصحب الواقع السوداني وتطور نظامها إلى الأفضل وتتبع ما فعلته الحركات الإسلامية في دول الربيع العربي من القبول الكامل بالنظام الديمقراطي وتطبيقاته وتغير من سياساتها الخارجية والداخلية فذلك سيعطيها فرصا جديدة.

وتحفظ سجلات الاعلام السوداني لعرّاب سياسة التحرير الاقتصادي في السودان الإسلامي الشهير ووزير المالية الأسبق عبد الرحيم حمدي تصريحا مفاجئا في ذات الندوة التي نظمت في الخرطوم بعنوان "الاقتصاد الإسلامي البديل المرتقب التحديات والمستقبل ـ تجربة السودان" وذلك على هامش مؤتمر للحركة الإسلامية عام 2012م، حيث قال حمدي إنه لا يوجد نظام أو تجربة إسلامية ناجحة بكل المقاييس، وضرب مثلاً بالتجربة الإسلامية الإيرانية وإدارة الاقتصاد وذكر قائلاً: "من الذي قال إن إيران بها تجربة إسلامية ناجحة".

 



ويشاطر حمدي العديد من الإسلاميين الناقدين للتجربة الاقتصادية التي عبَرت عنها حكومة الرئيس المعزول عمر البشير، ويعتقد هؤلاء أن الفكر الإسلامي السوداني لم يقدم اجتهادات تعين على الاستمساك بكافة جوانب الاقتصاد، وأن اختلاط التجربة السودانية في هذا الصدد مع الاقتصاد الرأسمالي، وأحيانا الاشتراكي، جعل من الصعوبة بمكان إطلاق مفهوم الاقتصاد الإسلامي على التجربة الاقتصادية السودانية، ويشيرون إلى أن مآلات السياسة الاقتصادية كانت الشرارة التي أوقدت الثورة الشبابية في كانون أول (ديسمبر) 2018م.

وحسب هؤلاء، لم يملك إسلاميو السودان نظرية اقتصادية إسلامية للسير على هداها، وظلت المسألة قيد التجريب لثلاثين عاما، ولم يصاحبها أي تجديد في الفكر السياسي، ما تسبب في انتشار الفساد وعشوائية السياسات وتنامي الشعور الشعبي بالمظالم المتناقضة تماما لمفهوم العدالة التي تعد أمرا جوهريا لمنظري الاقتصاد الإسلامي.

لكن هذه المسألة كانت حاضرة في نقاشات جماعة "الإحياء والتجديد" التي تكونت في أعقاب الانشقاق الذي ضرب الحركة الإسلامية وتسبب في نشوء كيان سياسي مستقل بقيادة زعيم الحركة الراحل الدكتور حسن الترابي وجناح مهيمن على السلطة بقيادة الرئيس المعزول عمر البشير في العام 1999م.

 


وتقول دائرة الاقتصاد في الجماعة إن الرؤية الإسلامية من خلال سياقات الآيات القرآنية، تشير إلى حقيقة وسنة اجتماعية أساسية، هي سنة التسخير والاعتماد المتبادل بين الناس بعضهم لبعض عن طريق التفاوت في الأرزاق، والفنون الإنتاجية والقدرات والمهارات على الاكتساب، وهو التفاوت الذي جعله الله بين البشر لكي يمتهن كل منهم بما يوافق مواهبه وإمكانياته. فإذا كان الله تعالى، هو الذي خلق كل شيء، فإنه هو الذي قام بخلق الكون وجهزه وهيأه لاستقبال الإنسان الذي سيكون هو الإنسان المستخلف، وقد جعل المخلوقات الأخرى في خدمته، فالأرض وما عليها، والشمس والقمر والكواكب، بل السماوات وما فيها كل ذلك مجهز لمنفعة الإنسان ليكون الخليفة، بل وحتى اليوم الآخر والجنة والنار خلقت لأجل الإنسان، الذي هو الإنسان الخليفة والنائب، فالقرآن أمر بالانتفاع بإمكانيات الأرض واستثمارها إلى أقصى درجة ممكنة وفقاً للرؤية الإسلامية في إصلاح الأرض وإعمارها، فيقر عدم الاعتداء على الطبيعة وإفسادها بعد أن أصلحها الله.

وحسب رؤية "الاحياء والتجديد"، فإن دلالة الآيات أن تفاضل درجات الأفراد في الحياة الاقتصادية، أمر ضروري لبناء الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وهو أحد القوانين والسنن، التي تقوم عليها ظاهرة الحياة الإنسانية عموماً، بكونه أحد قوانين التاريخ التي تعمل على شرح الحياة الاقتصادية، عندما يكون لكل فرد عمله وتخصصه في المجتمع الاقتصادي، وهو مفضل فيه ومسخر لخير المجتمع البشري ككل، بينما هو نفسه مفضول عليه في أعمال وتخصصات أخرى، وعلى هذا فليس هناك ثمة تفاضل ودرجات ثابتة ونهائية خاصة ببعض الأفراد والمجتمعات والدول على بعض الآخر، وإنها التسخير والاعتماد المتبادل مفهوم يُعنى بتمايز القدرات والمجاهدات والخبرات والفنون الإنتاجية بين الأفراد والمجتمعات والدول في العالم، مما يقتضي إلى تعاونهم وتكاملهم لخير المجتمع الإنساني ونفعه. كون أن قانون التسخير، كقانون اجتماعي واقتصادي، يعني خلق وتبادل البضائع والمنافع بين الإنسان وأخيه الإنسان، يبدأ على الصعيد الاقتصادي، بكون الفرد الواحد عاجزاً عن إنتاج كل حاجاته من البضائع والمنافع المختلفة، عندئذ يأخذ مبدأ التخصص والتسخير دوره الفعال في المبادلة بين ما ينتجه الفرد، وبين ما ينتجه الأفراد الآخرون من بضائع ومنافع. 

وعلى هذا فالتسخير أو المبادلة تبدو كطريقة عملية لقضاء الحاجات بالنسبة للفرد الواحد إزاء حوائج الأفراد الآخرين، مكونة بذلك "الحياة الاقتصادية" المتجلية في الرؤية الإسلامية للعالم، عندما يسخّر كل فرد لقضاء حوائج الآخرين بحسب التخصص وتقسيم العمل، والعكس بالعكس، فإن نتاج ذلك هو تكامل الأعمال في المجتمع ككل، فتظهر ظاهرة المبادلات والمعاملات التجارية الحقيقية موضوع الرؤية الاقتصادية الحقيقية.
 
ولليسار السوداني رؤية معاكسة لمفهوم الاقتصاد الإسلامي الذي طرحه الإسلاميون، إذ أظهرت سمة للاقتصاد باعتباره اقتصادا للراسمالية الطفيلية، وهي الفئات التي تعمل في مجال التجارة الداخلية والخارجية والتمويل المصرفي وصناعة التأمين، وقد أرتبطت بالحركة الاسلامية ابان تحالفها مع نظام الرئيس الراحل جعفر نميري وتوسعت كثيرا في عهد نظام البشير بحيث صارت تمسك بزمام الاقتصاد وتحدد توجهاته وفقا لمصالحها مما أدى في مجموعه إلى تدهور الانتاج الزراعي والصناعي حسب ورقة للدكتور صدقي كبلو القيادي البارز في الحزب الشيوعي السوداني.

بيد أن الباحث الاقتصادي الدكتور عمر محجوب الحسين قال لـ "عربي21": "إن الاقتصاد الإسلامي كمفهوم لا يرتبط بسلوك أفراد أو أخطاء من يحكم، فهو كغيره من النظم الاقتصادية نظام اقتصادي نتج عن جهد فكرى وفقا لقواعد الشريعة الإسلامية، ويلتقي مع النظم الاقتصادية الأخرى". 

وأضاف: "قد يتقاطع معها وكذا النظم الاقتصادية الأخرى تتقاطع مع بعضها البعض".

 



ورأى أن السودان في هذه المرحلة بعد سقوط نظام عمر البشير تسعى فيه قوى ذات توجه فكري معين إلى رمي تجربة الاقتصاد الاسلامي بكل ما هو قبيح وربط الاقتصاد الإسلامي كمنهج بفساد حكومة الإسلاميين على اعتبار أن مرجعيتهم إسلامية، وذلك لإبعاد وتنفير الناس ليس عن الاقتصاد الإسلامي بل عن كل ما هو إسلامي، تمهيدا لتهيئة الوضع العام لتطبيق نظم أخرى مرجعها ليس الإسلام ضمن أجندة لا تخفى على أحد. 

واسترسل الباحث الاقتصادي الحسين قائلا: "إن الاقتصاد الإسلامي من أسرع الأنظمة الاقتصادية نمواً في العالم، وهناك العديد من الأنشطة المرتبط بالاقتصاد الإسلامي التي نجدها في بعض الدول غير الإسلامية كبريطانيا والهند وسنغافورة".

وأشار إلى نقطة اعتبرها مهمة وهي أن أزمة الاقتصاد السوداني ليست بسبب النظم الاقتصادية رغم أن البعض يلقي اللوم على الاشتراكية في بداية عهد الرئيس الرحل نميري، لكن الحقيقة غير ذلك لأن الاقتصاد مستمر التدهور منذ سنوات طويلة، ولم يكن السودان وقتها يطبق الاقتصاد الإسلامي.

وأكد أن نظم الاقتصاد الإسلامي سوف تبقى في السودان رغم الهجمة الشرسة عليه، لكن ربما تحدث تغييرات في هيكل الاقتصاد الإسلامي وفقاً لأطروحات أو رؤى معينة يختلف فيها مجموع الفقهاء وعلماء الاقتصاد الإسلامي لكنها لا تعني نكوصاً عنه كنظام اقتصادي، خاصة في مجال العمل المصرفي.

ويشير كثير من المطلعين على التجربة السودانية أنها واجهت مشكلات كبيرة خصوصا النظام المصرفي الإسلامي منها شرعية ومصرفية عالمية في ظل تحرير تجارة الخدمات.

ومر السودان بنظام مصرفي ثنائي عام 2001 ـ 2005 (اتفاقية السلام) وهما نظام مصرفي إسلامي يعمل به بشمال السودان وآخر تقليدي يطبق بجنوب السودان وبعد تكوين دولة الجنوب تحول السودان نظريا إلى النظام المصرفي الإسلامي.

ومن مشكلات النظام المصرفي الإسلامي بالسودان اختلاف تطبيق المنتجات الإسلامية وضعف إلمام المرجعين الشرعيين بالمنتجات المصرفية التقليدية والندرة المهنية وعدم الجودة في الآداء، كما ركزت كثير من المصارف الإسلامية في السودان على صيغة واحدة من صيغ التمويل إلا وهي صيغة المرابحة دون غيرها.

ووفقا للباحث الاقتصادي الدكتور هيثم فتحي لـ "عربي21" فإن الدراسات والبحوث أثبت قدرة الاقتصاد الإسلامي على حل جميع المشكلات الاقتصادية وذلك بالاستنباط المرتكز وتفاصيل الاقتصاد الإسلامي المطلوب من مصادر التشريع، موضحا أن الاقتصاد الإسلامي نظام اقتصادي يعبر عن أيديولوجية لديها تصورها تجاه المال والإنسان وبقية عناصر العملية الاقتصادية ما يتطلب إعطاء التطبيق العملي عن ملامح الإنتاج وتحرير الاقتصاد من الرأسمالية وإبداء الأولوية للسلع الأساسية لمواجهة التحديات الاقتصادية التي عاشها الاقتصاد السوداني، إذ كان هنالك نمو في القطاعات التنموية نتيجة تطبيق النظام الإسلامي لكنه ما زال يواجه بتحديات شرعية ومصرفية.

 



ورأى أن تطبيق مفهوم الاقتصاد الإسلامي هو الطريقة المثلى لتقييمه حاليا ومستقبليا خاصة مع انتشار الرقمنة السريعة والعملات الرقمية والذكاء الاصطناعي والتحولات الاقتصادية العالمية، لذا فإنه لا بد من تغيير ديناميكيات الاقتصاد الإسلامي.