قضايا وآراء

الإيغور جسر أم عقبة في طريق الحرير الصيني؟

1300x600

الاستراتيجية الصينية المتبعة ضد الإيغور حولت الأقلية المسلمة في (إقليم شينجيانغ) تركستان الشرقية من جسر للسلام بين الصين والعالم العربي والإسلامي إلى أكبر عقبة في طريق تطوير العلاقة بين الصين والعالم الإسلامي مستقبلا؛ فبوابة الصين للعالم تمر بالعالم العربي والإسلامي عبر مشروعها الكبير (حزام واحد طريق واحد).

 

الصين تتناقض مع مشاريعها

الإيغور وعلى نحو غير متوقع، تحولوا إلى ملف إنساني يفوق في أهميته ملف تايوان وهونغ كونغ والتبت؛ رافعا بذلك جدارا عاليا يفوق في منعته سور الصين العظيم، الذي عزل الصين عن عالمها الخارجي لقرون طويلة.

فالسياسة الصينية تتناقض مع مشاريعها الاقتصادية الصينية الطموحة، وعلى رأسها مشروع (حزام واحد طريق واحد) الذي يمر في العالم العربي والإسلامي؛ سواء عبر البر أو البحر؛ مرورا بآسيا الوسطى ودولها الإسلامية؛ وأفغانستان والباكستان وإيران وتركيا وموانئها، وصولا إلى الخليج العربي والعراق؛ لينتهي بشواطئ المتوسط والقارة الأوروبية وشمال أفريقيا عبر البحر الأحمر ومضائقه أو عبر الخليج العربي والبحر المتوسط.

 

الصين جعلت من ملف الإيغور المسلمين في (شينجيانغ) تركستان الشرقية ثغرة قاتلة في استراتيجيتها تجاه العالم العربي والإسلامي


خطوط سكك الحديد العابرة لأوروبا عبر آسيا الوسطى تركيا تطرح تساؤلات عن الحكمة الصينية في استهداف الإيغور المسلمين؛ أخطاء استراتيجية صينية قاتلة يرتكبها الحزب الشيوعي الصيني، تعكس عقلية العزلة والسور الذي رسم معالم الشخصية الصينية لقرون طويلة وعجز عن تجاوزها، فالخوف ما زال العقيدة الأساسية المسيطرة على العقل الصيني؛ راسخ في الثقافة العميقة للدولة وجهازها البيروقراطي، المعتمد على قومية (الهان) التي تمثل الأغلبية في الصين.

 

قضية رأي عام

المشروع الجيوسياسي الصيني بأبعاده الجيوستراتيجية بات مهددا وعرضة للتفكك والانهيار؛ فقضية الإيغور تتحول يوما بعد الآخر إلى قضية رأي عام عربي وإسلامي وعالمي؛ قضية باتت قادرة على تقويض السياسة الاقتصادية والتجارية للصين ومشاريعها الكبرى في ظل تربص أمريكي وترقب أوروبي.

اختارت القيادة الصينية وعلى نحو خاطئ التعامل مع الأقلية المسلمة من مدخل الإرهاب والإسلاموفوبيا؛ وهو ما كشف عنه الكتاب الأبيض الصيني الذي تحدث عن محاربة الإرهاب ومكافحته وربطه بالمسلمين بشكل أساسي؛ استراتيجية تعكس ضعفا كبيرا في الخبرة والمعرفة الصينية بالعالم الإسلامي والعربي بل وبالقارة الأفريقية؛ إذ وضعت الصين مزيدا من الحواجز النفسية والسياسية والدبلوماسية والإعلامية التي تعزلها عن العالم، ومن ضمنها العالم العربي والإسلامي .

 

قضية الإيغور تتحول يوما بعد الآخر إلى قضية رأي عام عربي وإسلامي وعالمي؛ قضية باتت قادرة على تقويض السياسة الاقتصادية والتجارية للصين ومشاريعها الكبرى في ظل تربص أمريكي وترقب أوروبي


أخطاء الحزب الشيوعي، حرمت الجمهورية الصينية من فرصة الاستفادة والتوظيف الإيجابي للإيغور وغيرهم من الأقليات المسلمة في الصين؛ إذ كان من الممكن أن يتحول المسلمون في الصين لسفراء في العالم العربي والإسلامي وآسيا وأفريقيا.

ختاما: الصين جعلت من ملف الإيغور المسلمين في (شينجيانغ) تركستان الشرقية ثغرة قاتلة في استراتيجيتها تجاه العالم العربي والإسلامي؛ عالم بما فيه من جغرافيا يعد أبرز المحطات المهمة في الاستراتيجية الصينية ومشروعها الكبير (حزام واحد طريق واحد) نحو القارة الأوروبية والأفريقية.

ثغرة لن تتجاوزها إلا بإحداث تغيير جوهري في استراتيجيتها؛ استراتيجية تحول الإيغور من عقبة في طريق الحرير الصيني نحو القارة الأوروبية والأفريقية إلى جسر عبور آمن، يمتد عبر العالم العربي والإسلامي؛ مسألة تتطلب من الصين وقادتها ومفكريها مزيدا من الحوار الداخلي والمراجعة الجادة والشاملة لاستراتيجيتها؛ فنجاح الصين في معالجة أزمة الإيغور، لن تقتصر تداعياتها على طريق الحرير بل وعلى مستقبل العلاقة مع العالم العربي والإسلامي، والأهم مع الأزمات المتفجرة التي باتت تقترب من نقطة حرجة في تايوان وهونغ كونغ والتيبت.