ملفات وتقارير

ما هي رسائل واشنطن من فرض عقوبات على شخصيات عراقية الآن؟

سياسي عراقي: رسالة واضحة من واشنطن في دعم المتظاهرين بالعراق- جيتي

أثارت العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على أربع شخصيات عراقية، الجمعة، تساؤلات حول الرسائل التي أرادت واشنطن إيصالها إلى السياسيين في بغداد، لا سيما القريبين أو الموالين لإيران.

ومن بين الشخصيات الأربع المعاقبة من وزارة الخزانة الأمريكية، ثلاثة من قادة "الحشد الشعبي" لهم صلات بإيران، ومتهمون بـ"التورط في قتل متظاهرين"، والرابع رجل أعمال متهم بـ"الفساد".

وطالت العقوبات كلا من: زعيم "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، وشقيقه ليث الخزعلي، ومدير أمن الحشد الشعبي حسين فالح المعروف باسم "أبو زينب اللامي". أما الشخصية الرابعة، فهي رجل الأعمال العراقي خميس فرحان الخنجر؛ لتورطه بتهم "فساد".

ليست مجدية

وتعليقا على الموضوع، قال السياسي العراقي حامد المطلك لـ"عربي21" إنه بين فترة وأخرى تظهر مثل هذه العقوبات بحق فاسدين ومستغلين للمال العراقي، "لكن العراقيين يعتقدون أنها ليست مجدية".

وأوضح أنه على الرغم من أن الشعب العراقي سئم هذه الوجوه التي استغلت ثروات البلد، وهرّبت أمواله للخارج، وتحكمت باقتصاده، وأشاعت ثقافة الفقر والبؤس عند العراقيين، "لكن مثل هذه الإجراءات لم تعد تقنع الشارع العراقي".

وأضاف المطلك: "بالتأكيد، إن العقوبات هذه تحمل رسائل، لكن الشارع العراقي لم يعد ينظر إليها على أنها جادة، لأنه يريد أن يرى إجراءات جدية ملموسة، إما تكون باستعادة أموله، أو احتجاز هؤلاء وإلقاء القبض عليهم".

وأشار العضو السابق في لجنة الأمن والدفاع البرلمانية إلى أن "هذه الإجراءات فقط في الإعلام، والشعب العراقي مشكلته كبيرة جدا، ولا ينتظر من الولايات المتحدة مجرد إعلانات، وإنما يريد فعلا على أرض الواقع، لأن هذه الأطراف لن تتوقف عن نهب ثروات العراق، بل استباحت حتى دماءه".

إيران

من جهته، رأى الدكتور ريبوار عبد الله، أستاذ العلوم السياسية في جامعة صلاح الدين، أن  "الوضع العراقي الحالي ربما له تداعيات على الصراع الموجود بين الولايات المتحدة وإيران".

وأضاف في حديث لـ"عربي21": "الوضع الحالي بالعراق له أسبابه الخاصة، ولا سيما ما يتعلق بالتدخلات الخارجية أو الوضع الإداري الهش الذي يمر به البلد منذ 2005 وحتى الآن، وعدم تقديم خدمات تكون بمستوى الطموح للشعب العراقي، وكذلك الفساد الذي ضرب جميع مفاصل الدولة العراقية".

وأعرب عن اعتقاده بأن "العقوبات الأمريكية التي فرضتها على شخصيات عراقية، والبعض منها هي معروفة بقربها من إيران، وهي تمثل السياسة الإيرانية في العراق، رسالة واضحة من واشنطن في دعم المتظاهرين بالعراق، لا سيما أن من يقوم بهذه المظاهرات هم الشيعة".

وأردف: "بمنعى أن الشيعة أصبحوا واعين، ويعرفون جيدا أن الذي يحصل الآن في العراق وحصل في السابق، كان أحد أسبابه هو التدخل الإيراني في الشأن الداخلي للبلد، وأيضا السيطرة الإيرانية على مركز القرار العراقي".

وتابع عبد الله: "لذلك فإن السياسة الجديدة للولايات المتحدة، تعدّ السياسة الأولى من نوعها في العراق منذ 2005 التي تقوم بها واشنطن، خصوصا بموضوع إدارة الأزمة الحالية، وكيفية التعامل مع إيران، والحد من نفوذها في العراق".

ورأى أن "العقوبات تأتي في إطار محاربة النفوذ الإيراني بالعراق، لا سيما أن المتظاهرون يرفعون شعارات ضد تدخلات طهران في البلد"، مشيرا إلى أن "العقوبات أتت في توقيت ينشغل فيه الساسة العراقيون بمن سيخلف رئيس الحكومة المستقيل عادل عبد المهدي".

وبيّن المحلل السياسي الكردي أن "واشنطن تحاول ربما من خلال هذه الرسائل السياسية والعقوبات أن تعرقل اختيار أي شخصية تكون بشكل أو بآخر قريبة من إيران وسياستها في العراق".

وتابع: "إذا جرى اختيار أي شخصية لتتبوأ منصب رئيس الحكومة قريبة من إيران أو تمثل السياسة الإيرانية في العراق، فأعتقد أن الولايات المتحدة ستحاول عرقلة اختيارها".


وأكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة صلاح الدين أنه "منذ عام 2005 جرت عملية اختيار رئيس الوزراء العراقي بالتوافق بين إيران والولايات المتحدة، حتى عبد المهدي وقبله حيدر العبادي، جاؤوا إلى الحكم بالتوافق بين هذين البلدين المتصارعين".

 

اقرأ أيضا: أمريكا تفرض عقوبات على عراقيين مقربين من إيران لهذا السبب

تهديدات بأخرى

وعقب تلك العقوبات، هدد مساعد وزير الخارجية الأمريكي ديفيد شنكر، في تصريحات لقناة "العربية" السعودية، السبت، أن واشنطن "ستعاقب مسؤولين عراقيين آخرين بتهم قمع المتظاهرين".

وأضاف شنكر أن تدخل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني لاختيار رئيس حكومة في العراق أمر مرفوض، مشيرا إلى أن الحكومة العراقية بإمكانها اعتقال سليماني بحسب قرار مجلس الأمن، لأن بلاده لا يوجد لديها صلاحية لاعتقاله بالعراق.

وكانت وكالة "فرانس برس" قد نقلت، الثلاثاء الماضي، عن مصدر سياسي مقرب من دوائر القرار في بغداد قوله: إن قاسم سليماني "متواجد في بغداد للدفع باتجاه ترشيح إحدى الشخصيات لخلافة عادل عبد المهدي".

وأشار المصدر نفسه إلى أن "مسؤول ملف العراق في حزب الله اللبناني، الشيخ محمد كوثراني، يلعب أيضا دورا كبيرا في مسألة إقناع القوى السياسية من شيعة وسنة في هذا الاتجاه".