ملفات وتقارير

إلغاء الامتيازات.. هل تمثل طوق النجاة للمسؤولين بالعراق؟

الشمري: الانتفاضة اليوم، تحولت إلى جوانب سياسية مرتبطة بشكل النظام واستقالة الحكومة والذهاب إلى انتخابات مبكرة- جيتي

طالما شكلت امتيازات المسؤولين إحدى أهم المحفزات في جميع الاحتجاجات الشعبية التي يشهدها العراق منذ عام 2003 وحتى اليوم، حيث يصفها المتظاهرون بأنها باب فصّلته الطبقة السياسية الحالية لـ"سرقة" وهدر أموال الشعب.


لكن البرلمان العراقي صوت الثلاثاء الماضي، على قانون يقضي بإلغاء امتيازات المسؤولين في الرئاسات الثلاث، وغيرها من المناصب والدرجات الخاصة في الدولة، في خطوة قالوا إنها تأتي استجابة لمطالب المتظاهرين.

 

ولعل التساؤلات الأبرز بعد إقرار القانون، تدور حول ما إذا كان إلغاء الامتيازات سيهدئ من الاحتجاجات التي اندلعت قبل الشهر، أم أن سقفها ما يزال أبعد من ذلك، وهو إقالة الحكومة والذهاب لانتخابات مبكرة؟

 

مناورة سياسية جديدة

 

رئيس مركز "التفكير السياسي" الدكتور إحسان الشمري، قال لـ"عربي21"، إن "إلغاء الامتيازات ليس كافيا، خصوصا إذا رأينا أن القانون سبق أن طرحته الحكومة السابقة وصوت عليه البرلمان، لكن قوى سياسية التفت عليه وأسقطته في المحكمة الاتحادية".

 

ورأى الشمري، أن "الموضوع الآن غير مرتبط بإلغاء الامتيازات ومحاربة الفساد، لأن المحفزات لانتفاضة الشارع كانت في بدايتها اقتصادية، ومن ضمنها امتيازات المسؤولين والذهاب إلى العدالة الاجتماعية".

 

وأضاف: "لكن الانتفاضة اليوم، تحولت إلى جوانب سياسية مرتبطة بشكل النظام واستقالة الحكومة والذهاب إلى انتخابات مبكرة، وهذه المطالب هي الآن في أعلى مستوياتها".

 

وأعرب الشمري عن اعتقاده بأن "قانون إلغاء الامتيازات لن يخفف من حدة المظاهرات، بقدر ما ينظر إليه من المحتجين على أنه جزء من المناورة ومحاولة لانحسار هذه المظاهرات".

 

وبخصوص ردة فعل الشارع على هذا القانون، أكد الشمري أنه "لا يوجد اكتراث بالموضوع، خصوصا أن بعض الأطراف السياسية تحدثت عن إمكانية نقض القانون، لأن قوى سياسية شيعية وسنية وحتى كردية، ترفض قضية إنهاء الامتيازات وتقليصيها".

 

وتابع: "الشارع فيما يبدو لا يتجه إلى هذه القوانين، بقدر ما ينظر إلى أن إزاحة هذه الطبقة السياسية ومجيء جيل سياسي جديد يعمل على تشريع قوانين قد تكون من ضمنها قوانين العدالة الاجتماعية، يحظى بثقة أكبر من هذه الدفعات التي تنتجها طبقة فاسدة".

 

رفع سقف المطالب

 

من جهته، قال النائب في البرلمان عبد الخالق العزاوي، إن "أغلب القوانين ومنها قانون إلغاء الامتيازات، هي مئة بالمئة جاءت بناء على مطالب المتظاهرين، لكنهم مؤخرا رفعوا سقف مطالبهم".

 

وأوضح العزاوي في حديث لـ"عربي21" أن "المتظاهرين في البداية كانوا يطالبون بالوظائف وقوانين موحدة للتقاعد وإلغاء الامتيازات للمسؤولين، لكن بعد إقرار هذه القوانين رفعوا سقف مطالبهم".

 

ولفت إلى أن "أغلب القوانين تأتي إلى البرلمان من الحكومة تلبية لمطالب المتظاهرين، حتى استبدال عدد من الوزراء في الحكومة أيضا هو ضمن تلبية لمطالب المتظاهرين".

 

اقرأ أيضا: نيويورك تايمز: ما هو دور مدينة الصدر في احتجاجات العراق؟

وعن تفاعل المحتجين مع القوانين، رأى العزاوي أن "القوانين التي أقرت، لاقت رضا من الشارع، لكن هناك تباين ثقافي بين المحتجين أنفسهم، فمثلا غلق الميناء في البصرة نعتبره أمرا كارثيا، لأنه يؤثر في اقتصاد البلد والملاحة وغيرها، لكن عندما نتحدث مع المتظاهرين عن ذلك، يقولون: نحن نفعل أي شيء يؤثر في الحكومة حتى لو يُهجم على البلد".

 

وبحسب النائب العراقي، فإنه "من غير الانصاف تحميل حكومة عادل عبدالمهدي الحالية أخطاء 16 عاما (مدة تعاقب الحكومات من بعد العزو الأمريكي عام 2003)، فهذا ظلم".

 

وفيما إذا كانت قوى سياسية رافضة لقانون الامتيازات، قال النائب: "جميع الكتل السياسية موافقة عليه ولا يوجد أي جهة رافضة، لأن البرلمانيين لا يتمتعون بامتيازات، وإنما الرئاسات الثلاث (حكومة، برلمان، جمهورية) وكان الأجدر إلغاءها من وقت مبكر".

 

قوانين يصعب إقراراها

 

ونفى النائب أن يكون البرلمان يؤخر إقرار مثل هذه القوانين في السابق، وأن الحكومة هي من ترسلها، وأن هناك قوانين يصعب إقرارها، مثل قانون النفط والغاز، والمناطق المتنازع عليها. فهذه كيف تقر في البرلمان وعليها خلافات سياسية؟

 

وبيّن العزاوي: "صحيح أن الاحتجاجات دفعت لإقرار هذه القوانين مؤخرا،  لكن هناك رضا من البرلمانيين أيضا للتصويت عليها ولم تواجه اعتراضا، بل على العكس حتى لو لم تأتِ عن طريق الحكومة كان البرلمان ذاهب لإلغائها".

 

وأكد النائب أن "القوانين التي أقرت مؤخرا، قد تردها المحكمة الاتحادية، لأن الأخيرة أيضا فيها أجواء للتوافق السياسي لتمرير القانون من عدمه"، مرجحا "تمرير قانون إلغاء الامتيازات وعدم رده، على الرغم من تضرر المحكمة الاتحادية منه لأنها مشمولة بالقانون".

 

وعبرت كتل سياسية مختلفة، في مؤتمر صحفي عقدوه بعد تصويت البرلمان على إلغاء الامتيازات، عن عدم رضاهم، لأن الصيغة الحالية للقانون ‏أبقت على امتيازات بعض المسؤولين، منها الرئاسات الثلاث والوزراء والمديرون ‏العامون والوكلاء والمستشارون.

 

وأشاروا إلى أن القانون بصيغته الحالية لم ينص على استعادة السيارات والدور من ‏المسؤولين منذ فترة مجلس الحكم الانتقالي وحتى اليوم، مؤكدين أن بعضهم، منذ 2003 وحتى الآن، يتنعمون بامتيازات ودور فارهة ‏وعدد كبير من السيارات والحمايات، ولم ينص القانون الجديد على سحبها منهم.