ملفات وتقارير

بوسائل بدائية.. متظاهرو العراق يكافحون قنابل الغاز (شاهد)

أعداد القتلى في صفوف المتظاهرين وصل إلى 320 قتيلا ونحو 16 ألف جريح- جيتي

لجأ المتظاهرون العراقيون إلى وسائل بدائية للتعامل مع قنابل الغاز المسيلة للدموع، والتي تطلقها صوبهم القوات الأمنية منذ بدء الاحتجاجات مطلع تشرين الثاني/أكتوبر الماضي.

 

وأوقعت القنابل الغازية مئات القتلى وآلاف المصابين في صفوف المتظاهرين، وسط دعوات أطلقتها منظمات حقوقية محلية ودولية للكف عن استخدامها.

وبحسب آخر إحصائية أعدتها مفوضية حقوق الإنسان العراقية، فقد تجاوزت أعداد القتلى في صفوف المتظاهرين الـ320 قتيلا ونحو 16 ألف جريح غالبيتهم سقطوا بالقنابل المسيلة للدموع.

فريق "مكافحة الدخانية"

وفي محاولة للتصدي للقنابل المسيلة للدموع والحد من الأضرار التي تلحقها في صفوف المحتجين، شكّل عدد من المتظاهرين في ساحة التحرير وسط بغداد "فرقة مكافحة القنابل الغازية"، والذين يطلقون على أنفسهم أيضا "فريق مكافحة الدخانية".

 

اقرأ أيضا: قتلى وعشرات الجرحى بقمع الأمن لمظاهرات بغداد (شاهد)

وخلال جولة أجراها مراسل "عربي21" في ساحة التحرير مكان الاحتجاجات وسط بغداد ولقائه بعدد من المتظاهرين والفريق المعني بمكافحة القنابل المسيلة للدموع، أكدوا أن خطوتهم الأخيرة ساهمت بشكل فعال في خفض الأضرار المتوقعة من القنابل الغازية.


وقال أحد سائقي عربات إسعاف الـ"تك تك" في حديث لـ"عربي21" إن "القنابل المسيلة للدموع تطلق على المتظاهرين بشكل مباشر الأمر الذي يصيب الكثير منهم بإصابات خطيرة إما في الرأس أو الصدر، وهذه القنبلة قادرة على الاختراق، ويوميا تقريبا ننقل الجرحى من أمام خطوط الصد الأولى إلى سيارات الإسعاف".

وأضاف السائق الذي اشترط عدم ذكر اسمه، أن "الأيام الأولى للمظاهرات، كانت أعداد القتلى أو الجرحى الذين يسقطون نتيجة القنابل المسيلة للدموع كبيرة"، منوها "القوات الأمنية لم تكن تأبه بوجود العائلات والأطفال دخل ساحة التحرير".


وأكد أن "مجموعة المتظاهرين هنا في ساحة التحرير، تطوعت لصد القنابل المسيلة للدموع، وذلك من خلال التقاطهم لأي قنبلة تطلقها القوات الأمنية، ورميها إلى فريق آخر ينتظرهم داخل النفق مهمته إخماد القنبلة باستخدام البطانيات".

ويرتدي فريق "مكافحة القنابل المسيلة للدموع" قفازات سميكة، وأقنعة واقية للغازات صفراء وأخرى زرقاء داكنة، وخوذ على الرأس، للوقاية من خطر الإصابة المباشرة بالقنابل الغازية، وكلها توفرت بجهود شخصية وتبرعات عدد من المواطنين المتضامنين مع الحراك.

وسائل بدائية

وبحسب عدد من المتظاهرين الذين التقتهم "عربي21" فإن الفريق إذا تمكن من إخماد القنبلة الغازية، يقابل بتشجيع كبير من المحتجين داخل ساحة التحرير، إذ يهتف الجميع بعبارة "جووول" وذلك بعد قذفها إلى النفق وصدها من "فريق البطانيات".

ويمكث "فريق البطانيات" الذي يتخذ من النفق مقرا له ساعات طويلة والبعض منهم يبيت في مكانه، ويتناوب معهم أيضا عدد من الشباب على إخماد القنابل، وتوفر لهم مستلزمات المبيت والمأكل والمشرب أيضا.


ولا يقتصر التصدي لأضرار القنابل الغازية على "فريق المكافحة" وإنما هناك عدد آخر مهمته إيصال قناني "البيبسي، والخميرة" إلى المتظاهرين في خطوط الصدر الأولى لمعالجتهم تمهيدا لإيصالهم إلى مقر الوحدة الطبية، التي تتولى المهمة بعد ذلك، بحسب سائق "التك تك".

ويلجأ المتظاهرون إلى استخدام البيبسي أو خميرة العجين التي تُخلط بالماء وتوضع في أنابيب تمهد لرشها على العينين بهدف تخفيف حدة الغاز المسيل الدموع والتي تسببها القنبلة الغازية، وكذلك تُرش المادة عند الوصول إلى الوحدات الطبية التي تنتشر على شكل خيم داخل ساحة التحرير.

وعند التجوال في ساحة التحرير وصولا إلى جسر الجمهورية- الخط الفاصل بين المتظاهرين والمنطقة الخضراء- تُوزع لجان المتظاهرين بين المواطنين الكمامات وقناني البيبسي والخميرة مجانا على المارة ولا سيما عند خطوط الصد الأولى والثانية.

ويقول أحد المتظاهرين، إن بعض القنابل التي تطلق على المتظاهرين لا ينفع معها البيبسي ولا الخميرة، موضحا بدأ المتظاهرون باستخدام "الخل" حيث يتم مسح العينين به وليس بغسلهما أو رشه عليهما بشكل مباشر، وهذه طريقة نصح بها عدد من الإطباء، بحسب قوله.

قنابل قتالية

 

وحذرت "المفوضية العليا لحقوق الإنسان" في العراق، القوات الأمنية من الاستخدام المفرط في قنابل الغاز المسيل للدموع، مؤكدة أنه جرى إطلاق قنابل الغاز المسيل بشكل مباشر على المتظاهرين، ما جعلها تستقر في الرأس والصدر ومناطق أخرى حساسة أدت الى الوفاة حالا أو بعد ذلك بفترة.

وأشارت إلى أن بعض المتظاهرين أصيبوا بحالات حرق في الجلد نتيجة تعرضهم للغاز، مؤكدة وجود 50 إلى 100 حالة يوميا من هذه الإصابات، والعديد منها يلتهب ويتضاعف، منبهة بأن هذه الأعراض ليست ضمن أعراض الغاز المسيل للدموع بكل أنواعها (CS, CN,OC,CX,CS2,Pepper).

وفي ذات الإطار، دعت منظمة "العفو" الدولية السلطات العراقية إلى ضمان أن تتوقف شرطة مكافحة الشغب وقوات الأمن الأخرى في بغداد على الفور عن استخدام نوعين من القنابل المسيلة للدموع، لم يسبق استخدامهما من قبل، لقتل المحتجين بدلا من تفريقهم.

 

اقرأ أيضا: العفو الدولية تنتقد استخدام قنابل إيرانية فتاكة لقمع متظاهري العراق

ونوهت المنظمة الأممية إلى أن نموذجين من القنابل هما المسؤولتين عن إصابات المتظاهرين العراقيين: قنابل 40 ملم من طراز "إم 99 إس" الصربية، وقنابل 40 ملم من نوع "إل في سي إس" البلغارية.

 

وفي بيان لها صدر في ال7 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي أوضحت "العفو الدولية" بأن جزءا كبيرا من المقذوفات الفتاكة هو قنابل غاز مسيل للدموع إم 651  - M651، وقنابل دخان إم 713  M713 صنعتها منظمة الصناعات الدفاعية الإيرانية".


وبحسب "العفو الدولية" فإنه على عكس معظم قنابل الغاز المسيل للدموع التي تستخدمها قوات الشرطة في جميع أنحاء العالم، يتم تصميم هذه الأنواع على غرار القنابل العسكرية الهجومية المصممة للقتال.


وتزن قنابل الغاز المسيل للدموع النموذجية المستخدمة من قبل الشرطة والتي يبلغ قطرها 37 ملم، ما بين 25 و50 غراما، وتتكون من عدة عبوات أصغر تنفصل وتنتشر على مساحة ما. وفي المقابل، تتألف القنابل العسكرية الصربية والإيرانية المستخدمة من قبل العسكر والتي يبلغ قطرها 40 ملم، والموثق استخدامها في بغداد، من سبيكة ثقيلة واحدة، وهي أثقل وزناً ما بين 5 و10 أضعاف، وتزن 220 إلى 250 غرامًا.


وعلى إثر الجدل الذي أثارته القنابل الغازية، أعلن رئيس الحكومة العراقية في خطاب تلفزيوني مطلع الشهر الجاري، تكليف لجنة برئاسة وزير الصحة وجهات حكومية وغير حكومية للتحقيق في أنواع المعدات المستخدمة لدى القوات الأمنية عند دفاعها عن مواقعها، خصوصا القنابل المسيلة للدموع.