المرأة والأسرة

كيف يؤثر إفراط الوالدين باستخدام الأجهزة الذكية على أطفالهم؟

يحتاج الأطفال إلى الاهتمام ليشعروا بالأمان والثقة لأن ذلك يساهم في تطورهم العاطفي

رغم تحذير الخبراء الدائم من التأثير السلبي على الأطفال جراء استخدام الأجهزة الذكية، لكن قلة منهم بحث في تأثير استخدام الأهل المفرط للأجهزة الذكية على أطفالهم، فهل هو سلبي أم إيجابي؟

بعض الإيجابيات

ترد أخصائية الإرشاد التربوي والأسري نوال أبو سكر على هذا التساؤل بالقول: "حينما يكون استخدام الأجهزة الذكية من قبل المربين معتدلا يكون له تأثير إيجابي على الأبناء، حيث إن المربين قد يبقون على اتصال مع ما تستحدثه تلك الأجهزة، وهذا يعمل على تقليل الفجوة المعرفية الثقافية بين الآباء والأبناء".

الجانب السلبي


إلا أن الأخصائية نوال تؤكد وجود سلبيات عديدة لإفراط الأهل باستخدام الأجهزة الذكية، خصوصا عند وجودهم مع أطفالهم، وتعدد نوال في حديث لـ"عربي21" تلك السلبيات:

علاقة الآباء بالأبناء

من أهم ما يطور العلاقة بين الأطفال ووالديهم هو التواصل البصري والحسي، لاسيما أن استخدام تلك الأجهزة قد يُبقي على الوجود جسديا لا ذهنيا، مما يؤثر على استجابة الآباء لحاجات أبنائهم، فتبدو العلاقة سطحية ضحلة خالية من المشاعر والعمق اللازم لتوطيد أواصر العلاقة الأبوية، بالإضافة إلى أنه قد لا يفهم الآباء ما يريد الأبناء منهم بحكم انشغالهم بتلك الأجهزة، التي باتت أشبه بالرفيق الذي لا ينفك عن رفيقه.

تقديم النموذج الخاطئ للأبوة

قد يكوّن الأبناء صورة عن الوالديّة، وهي تلك الأم أو ذلك الأب الذي يعتبر جهازه الإلكتروني من أولوياته في الحياة، من ثم يختلف دوره في التربية فيصبح مقتصرا على تقديم الرعاية الجسدية البسيطة من طعام وشراب ولباس، وهذا بعيد كل البعد عن تقديم النموذج التربوي القيمي المتفاعل المستمع، وبذلك قد يفقد الأبناء الشعور بالأمان، ذلك أن المرجع الحقيقي لهم أصبح منشغلا عنهم وغير مبالٍ باهتماماتهم وحاجاتهم.

التعرض للخطر

طبيعة المرحلة العمرية للأبناء ذات الشغف بالمعرفة والاكتشاف، قد يدفعهم للخوض في أمور تعرضهم للخطر، بينما الآباء منشغلون عنهم في أجهزتهم، بعيدون عن توجيههم ومراقبتهم بشكل غير مباشر.

وختمت حديثها بنصح الآباء "باستخدام الأجهزة الإلكترونية استخداما مقننا، حتى لا يصبح شغلهم الشاغل ويطغى على دورهم الأساسي في التربية والتوجيه ومتابعة الأبناء المستمرة".

ونشر موقع "برايت سايد" تقريرا ترجمته "عربي21" أشار فيه إلى سلبيات أخرى لاستخدام الأهل المفرط للأجهزة الذكية على أطفالهم:

مشاكل في التنمية الاجتماعية

عدم وجود اهتمام من الوالدين لا يجعل الأطفال يفتقرون إلى المبادرة ويتصرفون بشكل مزاجي فقط، ولكنه قد يضر بالفعل بتطور عقولهم، حيث اكتشف باحثون من جامعة كاليفورنيا أن رعاية الأمهات المجزأة، يمكن أن يكون لها تأثير سلبي على نمو الطفل وأن تكون سببا لاضطرابات عاطفية، وحتى الأشياء البسيطة مثل الرسائل النصية يمكن أن يكون لها تأثير سلبي على المدى الطويل.

يحتاج الأطفال إلى بيئة مستقرة ويمكن التنبؤ بها لضمان نمو الدماغ، ونقص رعاية الأم نتيجة انشغالها بالهاتف، يمكن أن يزيد من مخاطر تعطل هذا التطور، ويسبب مشاكل نفسية مثل الاكتئاب والسلوك المحفوف بالمخاطر وتعاطي المخدرات.

الغضب وسوء التصرف

يقول علماء النفس، إنه يجب على الآباء وضع حدود على استخدام الهواتف الذكية ليس فقط لأطفالهم ولكن لأنفسهم أيضا، وذكروا أن الأطفال يشعرون "بالحزن والجنون والغضب والوحدة" عندما يفضل آباؤهم هواتفهم عليهم.

وقد يبدأ بعض الأطفال بالتأثر وإظهار علامات خفيفة على العدوان، مثل إتلاف هواتف والديهم للحصول على الاهتمام المطلوب في النهاية.

قلة الاهتمام بالأطفال يشعرهم بأنهم مستبعدون وليسوا ممتعين بما يكفي ليحبهم والداهم، كما يُفسد احترامهم لذاتهم ويسبب لهم مشاكل سلوكية، كما أنه يزيد من سوء جودة الأبوة ويقلل من احتياجات الطفل، مما يتسبب في توتر لا لزوم له.

خسارة القدوة الحسنة

بالنسبة لكثير من الناس، فإن الذهاب لمدة دقيقة دون التحقق من هواتفهم يعد تعذيبا، حيث تتبع الباحثون الأسر في مطاعم الوجبات السريعة واكتشفوا أن حوالي 70 في المئة منهم استخدموا هواتفهم في أثناء الوجبة.

أيضا سحب بعض أفراد الأسرة هواتفهم على الفور عندما جلسوا على الطاولة، وبهذه الطريقة يحرم الآباء أطفالهم من فرصة الانخراط في تفاعل وجها لوجه وتعلم كيفية التصرف.

يقلد الأطفال سلوك آبائهم ويكتسبون مهارات اجتماعية من خلال التواصل معهم، ويتعلمون كيفية إجراء محادثة والتعبير عن الحب وإظهار الاهتمام بالأشخاص الآخرين، من ثم إذا لم يكن الوالدان مثالا على ذلك، فإن الأطفال يفتقدون هذه المهارات المهمة، وقد يواجهون مشاكل في بناء علاقة عاطفية مع أشخاص آخرين في وقت لاحق من الحياة.

على الرغم من أن الآباء يحبون ويقدرون أطفالهم بغض النظر عن أي شيء آخر، إلا أن الإفراط في استخدام الهواتف الذكية يجعل الأطفال يشعرون أنهم ليسوا مهمين بدرجة كافية، ويصيبهم ذلك بالجنون لأنهم يضطرون إلى التنافس على اهتمام والديهم.

ويقول الأطفال إن "فحص الهواتفي  فأثناء المحادثة" هو أحد أسوأ عادات الوالدين، وقال 56 في المئة منهم إنهم سيصادرون هواتف والديهم الذكية إذا كانت لديهم فرصة.

ويحتاج الأطفال إلى الاهتمام ليشعروا بالأمان والثقة؛ لأن ذلك يساهم في تطورهم العاطفي ويجعل من السهل عليهم التفاعل مع الآخرين، وعندما يشعرون أن آباءهم يحبونهم ويقدرونهم، فهم يفهمون قيمتهم الذاتية ويعرفون أنهم يستحقون الأفضل فقط، ويعرفون أنهم جيدون بالفعل بما فيه الكفاية، وليس لديهم ما يثبت ذلك.

أكثر سلبية

يقول العلماء، إن الرابطة العاطفية بين الآباء وأبنائهم قوية لكنها ضعيفة بسبب استخدام الأجهزة الذكية، ولإثبات ذلك قاموا بتقييم سلوك الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 7 إلى 24 شهرا في موقف عندما توقفت أمهاتهم عن اللعب وتحول انتباههن إلى هواتفهن بدلا من ذلك، فكان رد فعل الأطفال العاطفي مفاجئا للغاية.

اتضح أن الأطفال أظهروا علامات الضيق ولم يهتموا باستكشاف البيئة المحيطة بهم عندما كانت الأم تستخدم هاتفها، وظهرت هذه العواقب السلبية: فكلما طال استخدام الأم للهاتف، أصبح الطفل أكثر انشغالا وغير مهتم، حتى عندما كانت والدته جاهزة للعب مرة أخرى، حيث لم يشارك في التواصل بالقدر نفسه من قبل.