ملفات وتقارير

هذه مكاسب تركيا وروسيا من اتفاقهما بسوتشي.. ما الثمن؟

أردوغان وبوتين اتفقا في سوتشي لتبدأ مهلة جديدة لقسد بعد انتهاء المهلة الأمريكية- جيتي

عقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتفاقين بشأن المناطق الحدودية شرقي الفرات، في أقل من أسبوع، الأول مع أمريكا، والآخر مع روسيا، ما يدعم العملية التركية "نبع السلام" في الشمال السوري.

وأتى الاتفاق الأخير بين تركيا وروسيا، قبيل انتهاء مهلة 120 ساعة المتفق عليها بين أنقرة وواشنطن، بتجميد العملية التركية التي بدأت 9 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، ولكن مع انتهاء المهلة أمس الثلاثاء، عادت "نبع السلام" هذه المرة بمشاركة روسية، وفق اتفاق سوتشي الأخير. 

وتجمدت العملية التركية بعد سيطرتها على مدينة تل أبيض بالكامل، وصولا إلى الطريق الدولي "m4"، وكذلك ما يقرب من 100 قرية شرقي الفرات.

وترصد "عربي21" في هذا التقرير المكاسب التي حققتها كل من تركيا وروسيا في اتفاقهما بشأن عملية "نبع السلام".

وفي تحليله للاتفاق، رأى المحلل السوري منير زريق، في حديثه لـ"عربي21"، أن الاتفاق التركي الروسي الثلاثاء، بدا فرصة للجانبين لتعزيز تواجدهما في مناطق شرقي الفرات، عقب الانسحاب الأمريكي المفاجئ من المنطقة. 

 

اقرأ أيضا: اتفاق روسي تركي على هذه الخطوات في المنطقة الآمنة بسوريا

ورأى أن الاتفاق أعطى صورة مبدئية لحدود المنطقة الآمنة التي تريد تركيا إنشاءها على الحدود الشمالية لسورية، المتوقع أن تشمل رأس العين والمنطقة الممتدة حتى تل أبيض، بطول 120 كيلومترا وعمق 30 كيلومترا.

بديل عن أمريكا

 
واعتبر زريق، أن من مكاسب روسيا، بعد الاتفاق مع أنقرة، نجاح محاولتها بأن تفرض نفسها بديلا في المناطق التي انسحبت منها أمريكا، بل أن تستلم الملف كاملا من واشنطن، مستفيدة من الاتفاق التركي الأمريكي بالانسحاب من المنطقة.

من جانبه، أيد المحلل العسكري والعميد السوري المتقاعد، أحمد الرحال، الأمر، واعتبر أنه كان واضحا أن انسحاب نقاط التمركز الأمريكية، التي يقال عنها قواعد عسكرية لأمريكا هناك، كانت بتنسيق مع موسكو. 

وأشار في حديثه لـ"عربي21"، إلى أنه فور انسحاب القوات الأمريكية حلت الدوريات الروسية مكانها.

ضربة لرافضي نبع السلام

 
ورأى زريق أن مشاركة روسيا بشرق منطقة عمليات "نبع السلام" وغربها، بعمق 10 كلم، شمال سوريا ما عدا القامشلي، يعد ضربة لرافضي العملية التركية.

واعتبر أن النظام السوري كان في طليعة المعترضين على "نبع السلام"، إلا أن حليفة الأبرز بوتين، بات مشاركا بما كان يصفه الأسد بـ"الاحتلال التركي"، الذي بات الآن بمشاركة موسكو نفسها.

وقال الرحال كذلك، إن تركيا حصلت على معظم ما تريد بعد الاتفاق مع موسكو وواشنطن، وحصلت على اعتراف روسي بالمنطقة الآمنة، وربما أممي أيضا بوقت لاحق. 

وأكد أنه بعد الاتفاق الأخير، ومع انتهاء المهلة الأمريكية بدأت المهلة الروسية التركية، والمنطقة الآمنة أصبحت أمرا واقعا. 

وسيط وطرف أقوى

 
ومن المكاسب الروسية أيضا، ما أشار إليه زريق، أن روسيا عززت دورها الحالي وسيطا قويا بين النظام السوري وتركيا وقسد، لا سيما مع اتفاقها في سوتشي مع أنقرة، وعلاقتها الوطيدة بنظام الأسد، وتوسطها بينه وبين "قسد" للوصول إلى الاتفاق الأخير، بدخول قوات النظام إلى مناطق سيطرة المقاتلين الأكراد خوفا من "نبع السلام".

واعتبر أن جميع الأطراف في سوريا، الآن، ستجد أن عليها أن تعود إلى روسيا مع كل تطور على الأرض.

ما الثمن؟

 
واهتم الرحال في حديثه لـ"عربي21"، في تساؤل مهم، بعد اتفاق تركيا وروسيا، وهو: "ما الثمن؟".

إذ يتضح وفق الرحال، أن تركيا أخذت من موسكو ما تريد، "فماذا أخذت موسكو في المقابل، فلا يوجد أمر مجاني". 

وشدد على أن "روسيا ليست جمعية خيرية"، متسائلا: "هل كان المقابل إدلب، أو منبج وعين العرب مثلا، أم المقابل تفعيل اتفاقية أضنة، ما يستعدي عودة الحرارة إلى خط أنقرة دمشق".

 

اقرأ أيضا: نظام الأسد وموسكو استبقا سوتشي بالانتشار بهذه المناطق

ويتخوف الرحال من عودة الاتصال بين أنقرة ودمشق، مشيرا إلى أن "الموافقة الروسية على الخريطة لنبع السلام التركية، واستثناء القامشلي، وكلام بوتين عن اتفاق أضنة، أمر مخيف، يعني أن يصير هناك تواصل بين النظام وتركيا، ولكن لا نعرف إن كان الأمر واقعي الحدوث أما لا، إنما هو مربك قليلا، ونتمنى أن لا يكون هذا هو الثمن".

ولفت إلى أن إدلب غابت عن الحديث بين موسكو وأنقرة، مؤكدا أن بوتين لم يتطرق للموضوع أبدا، وأن أردوغان أتى على ذكرها سريعا.

من جانبه، توقع زريق أن يكون الثمن في قادم الأيام "تل الكبانة المستعصي على النظام السوري في اللاذقية، وكذلك بعض مناطق ريف إدلب المحسوبة على تحرير الشام، وأرياف حلب، لا سيما مع زيارة الأسد الأخيرة بالقرب من إدلب، ما أثار تكهنات عن عودة اشتعال المنطقة لا سيما في ريف حماة الشمالي أيضا".

عودة طوعية للاجئين

 
وأعرب الرئيس الروسي خلال حديثه في سوتشي، عن "رضاه" عن الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع الجانب التركي، مشيرا إلى أنه سيسهم في تسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى أراضيهم وتخفيف العبء عن المجتمع الدولي، على حد تعبيره.

وقال أردوغان: "سنقدم على مشاريع مع أصدقائنا الروس، من شأنها تسهيل العودة الطوعية للاجئين السوريين".

وتابع الرئيس التركي: "سيتم الحفاظ على الوضع الراهن في المنطقة الواقعة ضمن عملية نبع السلام التي تضم تل أبيض ورأس العين".

وأوضح، أنه سيتم إسكان مليون لاجئ سوري في المرحلة الأولى في المناطق التي ستصبح آمنة بموجب عملية "نبع السلام"، ومن ثم مليون سوري آخر في المرحلة الثانية، مشيراً إلى أنه أطلع نظراءه المعنيين على خطط تركيا بهذا الصدد.

وتعليقا على هذا الأمر، اعتبر الرحال أن "تركيا وروسيا حققتا ما تريد، والنظام السوري مستفيد، إنما الثورة السورية هي الطرف الذي سيدفع الثمن، وربما تكون قد ربحت عودة مليوني سوري من اللاجئين، ولكن هناك ثمن ستدفعه المعارضة".

إخراج الوحدات الكردية


وخلال المؤتمر الصحفي الذي عقده الجانبان، الثلاثاء، قال أردوغان إنه اتفق مع نظيره الروسي على إخراج "وحدات حماية الشعب" (الكردية) عن الحدود التركية مسافة 30 كيلومترا داخل الأراضي السورية، خلال 150 ساعة تبدأ من الساعة الـ12 ظهر الأربعاء.

ومن المقرر أن تبدأ "الوحدات" وقوات "قسد" بالانسحاب من مدينتي تل رفعت ومنبج في البداية، بحسب الاتفاق الروسي التركي، الذي نص أيضا على تسيير دوريات تركية روسية مشتركة بعمق 10 كيلومترا شرق المنطقة وغربها، الواقعة ضمن مخطط العملية العسكرية التركية شرقي الفرات.

وختم الرحال بالقول: "صحيح أن العملية التركية لن تمتد شرقا وغربا، بين رأس العين وتل أبيض، إنما ستخلو من الوحدات الكردية"، الأمر الذي تريده تركيا، التي "لا يهمها إن وجد النظام السوري أو أي طرف آخر، طالما أن الوحدات الكردية تبعد عن حدودها"، على حد تقديره.