ملفات وتقارير

ما الحسابات التي تؤخر إعادة نظام الأسد للجامعة العربية؟

يذكر أنه في أواخر العام 2011 تم تجميد عضوية سوريا بالجامعة العربية بسبب القمع الذي مارسه النظام- جيتي

لم تضف التصريحات الجديدة التي أدلى بها وزير خارجية النظام المصري سامح شكري، عن وجود مشاورات بشأن توقيت عودة سوريا إلى الجامعة العربية، شيئا جديدا، حيث من الواضح أن العودة لا زالت بحكم المؤجلة، رغم دفع أطراف عربية.


وكان شكري، قد قال في تصريحات صحفية، بعد اجتماع لوزراء الخارجية العرب، قبل يومين، إن "سوريا دولة عربية مهمة، وهناك مشاورات للتوافق حول التوقيت الملائم والمناسب لعودتها إلى الجامعة".


وأضاف أن "العمل على تجاوز الأزمة وتنفيذ المسار السياسي، من شأنه خلق فرصة أخرى، ومزيد من الحوار بين الوزراء العرب لتحديد التوقيت الملائم"، وكأنه يلوح إلى الشرط المجمع عليه لتحقيق هذه العودة، وهو التقدم في المسار السياسي.


ووفق مصادر تحدثت لـ"عربي21" من داخل "الجامعة العربية"، فإن تكرار الحديث عن ضرورة عودة سوريا، وليس النظام السوري، يعود إلى مطالبات من قبل هيئات ومنظمات تابعة للجامعة العربية، للانتهاء من حالة الشلل في عملها بسبب حرمان سوريا من عضويتها، من بينها "اتحاد الصحفيين العرب، واتحاد الكتاب العرب، والمركز التدريبي الإعلامي (مقره دمشق)".


رهن الحل السياسي


من جانبه، أكد الصحفي زياد الريّس أن جميع التصريحات الصادرة عن الأمين العام للجامعة، أحمد أبو الغيط، والسادة وزراء الخارجية العرب، عن ضرورة إعادة سوريا إلى الجامعة العربية، "لم تخلُ من الحديث عن بند الانتقال السياسي".


وأضاف لـ"عربي21" أن هذه الأصوات أصبحت شبه اعتيادية، لدى حصول أي اجتماع عربي، مشددا على القول إن "القرار واضح حتى الآن، حيث من المؤكد أن هناك شبه إجماع على عدم إعادة النظام السوري إلى الجامعة، ما لم يكن هناك حل سياسي".


واستدرك الريّس قائلا: "غير أن بعض الأطراف العربية، لا تمانع في أن يكون هذا الحل على الطريقة الروسية، الذي يتجاوز مرجعية جنيف"، مضيفا أنه "لا تستطيع الدول العربية إعادة العضوية للنظام، والدعوات تلك هي مجرد أمنيات، لأن هناك قرارا صارما يمنع إعادة النظام دون الحل السياسي، حيث لا زال السبب الذي جُمدّت لأجله عضوية سوريا قائما، وخصوصا عدم شرعية النظام".

 

اقرأ أيضا: شكري: مشاورات حول توقيت عودة سوريا إلى الجامعة العربية


من جانبه، لم يوافق الباحث في العلاقات الدولية، هشام منوّر حديث الريّس عن قرار صارم بعدم إعادة النظام السوري إلى الجامعة العربية، دون المضي في الحل السياسي.


وفي قراءته للأسباب التي تؤجل إعادة النظام إلى الجامعة العربية، قال لـ"عربي21" إن "ما يؤخر الإعلان عن عودة النظام رسميا أمران؛ الأول خوف المعسكر المؤيد لعودة النظام من مواقف بقية الدول العربية الرافضة لهذه العودة، حيث ينتظر تهيئة الأجواء لقبول هذه العودة من دون افتعال مزيد من الشقاق في الصف العربي".


بانتظار حسم المواجهة


أما الأمر الآخر، وفق منوّر، هو انتظار نهاية المواجهة بين إيران والغرب والولايات المتحدة تحديدا، لتسهيل عودة النظام إلى الجامعة.


وتابع: "بحكم اعتراض العديد من الدول العربية على العودة نظرا لارتباط الأسد الوثيق بإيران، فإن تزايد الضغوط على إيران وخسارتها الساحة السورية من ضمن نفوذها، سوف يسرع لاحقا من إعادة نظام الأسد إلى الجامعة العربية في نهاية المطاف".


وحول الأطراف التي تدعم إعادة النظام إلى الجامعة العربية، قال منوّر إن "دول الطوق السوري، العراق ولبنان ومعهم مصر، وبدرجة أقل الأردن، يقودون هذه المساعي بدعم خفي من بعض دول الخليج كالإمارات وعمان، وأهدافها متباينة، فبعضها، يحاول التقرب من إيران ذاتها من خلال فك عزلة النظام الإقليمية، وبعضها يرتبط بمصالح اقتصادية مع النظام ومن مصلحته تسهيل هذه العودة، كالعراق ولبنان".


مصالح اقتصادية


وعلى صعيد المصالح الاقتصادية، أكد أستاذ العلاقات الاقتصادية الدولية حسن الشاغل، أن دولا عربية تحاول تحريك ملف إعادة النظام السوري إلى الجامعة العربية، لأهداف اقتصادية مرتبطة بضبط عملية إعادة الإعمار.


وفي حديثه لـ"عربي21" أكد في هذا الجانب، أن في مقدمة هذه الدول الإمارات العربية المتحدة، حيث ترغب الأخيرة بأن تعيد النظام إلى الجامعة، كي لا تكون الساحة السورية فقط بيد طهران وموسكو في ما يخص عملية إعادة الإعمار، مشيرا إلى حضور الإمارات في "معرض دمشق الدولي" مؤخرا، وطرحها مشاريع اقتصادية داخل سوريا.

 

اقرأ أيضا: اجتماع لوزراء الخارجية العرب بالقاهرة.. هذا جدول أعمالهم


وأضاف، "بالمقابل باعتقادي فإن إرادة الدول التي لا تريد عودة النظام إلا بشروط وأهمها خروج القوات الإيرانية هي التي سوف تفرض رؤيتها".


وتابع قوله: "أما بالنسبة لإعادة الإعمار، فهي عملية سياسية قبل أن تكون اقتصادية، أي أن الدول التي سوف تمول إعادة الإعمار هي التي سوف تفرض شروطها، ودول الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية وقطر، من أكثر الدول التي تعهدت بتمويل إعادة الإعمار إلى جانب دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية.


روسيا لن تعدم الوسيلة


الكاتب الصحفي، المختص بالشأن الروسي، الدكتور نصر اليوسف، لفت إلى دور بارز تمارسه روسيا في سبيل إعادة النظام السوري إلى الجامعة العربية.


وقال في حديثه لـ"عربي21" إن روسيا تسترت بالقانون الدولي الذي يمنع إسقاط الأنظمة بالقوة، وعلى رأس هذه الأنظمة نظام بشار الأسد.


ووفق اليوسف، فإن روسيا بعدما دعمت النظام، تريد اليوم أن تثبت أن خطها هو الخط الحقيقي الملتزم بالقانون الدولي، والمراعي للشرعية الدولية، وهي لن تعدم الوسيلة لفرض رأيها على الدول العربية، مستغلة الفجوة في الموقف العربي من إعادة النظام السوري إلى الجامعة العربية، الناجمة عن تباين المواقف العربية من هذه المسألة.


وأوضح أن دولا مثل "لبنان، والعراق، والجزائر، ومصر بعد قدوم السيسي لاحقا"، لم تكن موافقة أصلا على تجميد عضوية النظام السوري من الأصل.


وتابع اليوسف، أن روسيا تضغط من خلال عملائها لإعادة النظام إلى الجامعة العربية، كما فعلت من قبل عندما أرسلت الرئيس السوداني المعزول، عمر البشير إلى دمشق على متن طائرة روسية، معتبرا أن الصراع بين الأطراف الخليجية ساعد موسكو على توسيع الفجوة، بعد تهافت الأطراف المتصارعة إليها.


عناوين وادعاءات


وفي سيبل زيادة الضغط، تفتقت أذهان بعض الأطراف العربية، عن نظرية ترى أن "استمرار تجميد عضوية النظام السوري، سيجعل الأخير أكثر ميلا إلى تقوية العلاقة مع إيران"، وفق اليوسف، الذي اعتبر أن الغرض من هذه الإدعاءات، التبرير وذر الرماد في العيون.


والسؤال الذي يتعين طرحه، هو ما الذي يؤخر الإعلان عن إعادة النظام السوري إلى الجامعة العربية، يرد اليوسف "الجرائم التي لا زال يرتكبها النظام، من قتل وتهجير، تبطل كل مفاعيل الإدعاءات التي تسوقها بعض الأطراف العربية".


وإلى جانب ذلك، أشار إلى موقف الولايات المتحدة الذي لا زال رافضا لتعويم النظام السوري عربيا، ودوليا، وقال: لا زالت الولايات المتحدة، حتى اللحظة، رافضة لإقامة علاقات مع النظام السوري، فهي مؤخرا حذرت الشركات العربية ورجال الأعمال من المشاركة في "معرض دمشق الدولي".


يذكر أنه في أواخر العام 2011 تم تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية، على خلفية القمع الذي مارسه النظام السوري ضد المتظاهرين خلال الاحتجاجات الشعبية المطالبة بإسقاطه، ومن ثم أعادت بعض الدول علاقاتها مع النظام السوري، منها البحرين والإمارات عبر افتتاح سفارتيهما في العاصمة دمشق، العام الماضي.