قضايا وآراء

هل يكون عبد الفتاح مورو رئيسا لكل التونسيين؟

1300x600
1- شهادة مهمة

نشر موقع صحيفة نيويورك تايمز مقالا تحت عنوان "modernate islamistis make new pawer quest in tunisia"، جاء فيه: "إذا فاز مورو في الدور الثاني فسيكون أول رئيس إسلامي سني منتخب في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، علاوة على أنه معروف بتسامحه الديني بحضوره في احتفالات الغريبة بجربة التونسية.. وإن حركة النهضة في تونس تمكنت من التمايز عن الحركات الإسلامية الراديكالية في المشرق وتمكنت من التأقلم مع الخصوصية التونسية".

هذا الكلام يشي بحالة من المقبولية لدى صناع السياسة والرأي العام في الدوائر الأمريكية لشخصية عبد الفتاح مورو، ولحركة النهضة أيضا.

عبد الفتاح مورو شخصية إسلامية لها خصوصيتها داخل الحركة الإسلامية، فهو يجمع بين التكوين القانوني والتكوين الشرعي والتكوين اللغوي، إضافة إلى تكوينه الاجتماعي، بفعل معالجته عندما تولى القضاء أو وهو محام لقضايا الناس ومشاكلهم وطبيعة خلافاتهم، حتى أصبح عارفا ببنية الشخصية التونسية في ذهنيتها ونفسيتها، وهو ما سيسهل عليه التواصل مع الناس في خطبه المسجدية أو السياسية.

هو شخصية متوازنة يجمع بين الجد والمرح، شخصية محاورة جيدا ومتجاوزة عن الخلافات والأخطاء، ما جعله يحظى بمحبوبية عالية لدى جل التونسيين، خاصة وأنه قد أكد كونه ليس مرشح حركة النهضة، ولكنه مرشح الوطن وكل المواطنين.

مواقفه السياسية تمتاز بالمرونة، سواء في الشأن الوطني أو في الشأن الإقليمي والدولي، وهو ما سيجعل صعوده إلى منصب الرئاسة غير محفوف برفضٍ خارجي، رغم أن الأمر متعلق بخيار التونسيين وبسيادة وطنية.

2- حظوظ الأستاذ عبد الفتاح مورو

سبر الأراء يعطي الأسبقية لمرشح الرئاسة عبد الفتاح مورو، خاصة في ظل غياب أي شخصية قوية ووازنة رغم كثرة المرشحين. فعبد الكريم الزبيدي الذي ذاع صيته في الأيام الأولى؛ ترك انطباعا سلبيا لدى المتابعين بعد ظهوره الإعلامي الأخير في حصة حوارية بإحدى القنوات الخاصة، والسيد يوسف الشاهد، رئيس الحكومة المتخلي، يتعرض هذه الأيام لهجمة قوية من مختلف الأحزاب السياسية وكثير من المنظمات والجمعيات؛ بسبب إقدامه على إيقاف منافسه على الرئاسة نبيل القروي الذي صدرت بحقه بطاقة إيداع بالسجن؛ يرى معارضون أنها بخلفية سياسية وليست قضائية.

بقية المرشحين لا يمكن أن يكونوا منافسين جديين للأستاذ عبد الفتاح مورو، بالنظر لما يحظى به من رافعة سياسية قوية، وهي حركة النهضة كأكبر حزب تونسي وأكثر الأحزاب تنظما وأسرعها حركة.

3- السباق الانتخابي وصناعة الصورة

المشاركة الفعالة في الحملات الانتخابية لا يكون الهدف منها دائما وفقط هو الحصول على منصب رئاسة جمهورية أو على أكبر عدد من نواب البرلمان، فالحملات الانتخابية حتى وإن كانت في مشهدية مهرجانية، فإنها لا تخلو من كونها مناسبة للتعريف بالحزب (أو الحركة) وأفكاره وبرامجه وقيمه ونظمه وسلوكه السياسي. وهي مناسبة أيضا (وهذا الأهم) للكشف عن القوة الحزبية أمام المراقبين الدوليين، فيتعاملون مع كل حزب بحسب قوته ومكانته ونوعية وعدد جمهوره.

حركة النهضة لا يتعامل مع الطرف الإقليمي والدولي باعتبارها مجموعة تعرضت للظلم وتستحق رد الاعتبار، ولا بما هي مجموعة مضطهدة تحتاج رعاية حقوقية، ولا بما هي حركة تفتقد خبرة سياسية وتحتاج تدريبا ومرافقة لتطوير الأداء، الطرف الإقليمي والدولي يتعامل معها بكونها حقيقة واقعية، وليست نصا أو بيانا أو خطابا.. هي حركة تمسك بالشارع، وهي أقوى حزب تنظيما وتحركا وانتظاما وفاعلية، ولذلك فالآخرون يحتاجونها كـ"طرف" يتجهون له بالخطاب، أو يستمعون منه إلى مواقف أو وعود وتعهدات، أو يفهمون منه حقيقة الأمور. وهذا في عالم السياسة والعلاقات مع الدول يُعدّ مُهمّا؛ لأن السياسي الجيّد هو الذي يفرض نفسه لاعبا مع الآخرين، فاللعب مع الآخرين اقتدار وأهلية ومسؤولية، وليس "تبعية" دائما.

الحملة الانتخابية التي ستخوضها النهضة ستكون تحت عنوان: "خوضوها حامية كما لو أنكم ستحكمون، وخوضوها حامية كما لو أنهم سيحكمون لكم أو عليكم".