صحافة دولية

فورين بوليسي: كيف تغلب الجيش السوداني على الثورة؟

لفتت المجلة إلى أن المجلس العسكري استخدم بعض الأساليب من أجل التعامل مع قادة الحراك الشعبي المدني- جيتي

قالت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، إن "الجيش السوداني حقق نجاحا في السيطرة على الثورة بالبلاد، وهو ما تؤكده الاحتفالات بالدستور الانتقالي الجديد".


وأضافت المجلة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، أن "العديد من قادة الحراك الشعبي بالسودان صرحوا أنهم يعلمون أن المؤسسة الأمنية السودانية أطاحت بثورة البلاد بالفعل في 11 نيسان/ أبريل، وهو اليوم ذاته الذي أقيل فيه الدكتاتور عمر البشير رسميا من منصبه في مواجهة المظاهرات الحاشدة".


وذكرت المجلة أنه "في الوقت الذي خرج فيه أكثر من مليون شخص إلى شوارع الخرطوم للاحتفال برحيل البشير، كان الجيش منشغلا في تنفيذ خطة كان قد أعدها منذ سنة على الأقل، وقد أطاحت المؤسسة الأمنية السودانية، بقيادة رئيس المخابرات السابق صلاح قوش بالبشير، ناهيك عن أنها سرعان ما أجرت محادثات مع قادة المعارضة للتفاوض معهم حول المرحلة الانتقالية، ومن خلال توجيه المحادثات، تمكّن الجيش من المحافظة على مكانته وهيمنته".


ولفتت المجلة إلى أن المجلس العسكري استخدم بعض الأساليب من أجل التعامل مع قادة الحراك الشعبي المدني على غرار اتباع الدبلوماسية والخداع خلال الأشهر الأربعة التي تلت عملية الإطاحة بالبشير، "وبعد توقيع وثيقة الإعلان الدستوري الرسمي يوم 17 آب/ أغسطس خلال حفل سيقام في الخرطوم، من المقرر أن تبدأ الحكومة الجديدة عملها في مطلع شهر أيلول/ سبتمبر، وفي هذا السياق، أشار قادة الحركة الاحتجاجية إلى أن هذه الصفقة لا ترقى إلى مستوى تطلعاتهم".


وأكدت المجلة أن الاتفاق ينص على إنشاء مجلس مدني وعسكري مشترك لقيادة البلاد لأكثر من ثلاث سنوات حتى تنظيم الانتخابات سنة 2022، كما أن الجيش يملك حق النقض على القرارات التي تتخذها أعلى سلطة في البلاد، فضلا عن عدم خضوع المجلس العسكري لأية رقابة مدنية، وفي هذا الصدد، أفادت المتحدثة باسم تجمع المهنيين السودانيين، سارة عبد الجليل بأنه "لم نحقق بعد ما نحارب من أجله، فعلى الرغم من أن عمر البشير ليس موجودا، إلا أن النظام نفسه لا يزال قائما".

 

اقرأ أيضا: أبرز الحضور لمراسم التوقيع النهائي بالخرطوم.. بينهم السيسي


وأضافت المجلة أنه "ليس من المستغرب أن الجيش السوداني كان قادرا على إجهاض ثورة البلاد،  فقد سهلت الطريقة التي ضيق بها المجلس العسكري في السودان الخناق على الحركة الديمقراطية في البلاد عملية التغلب على الثورة، وخلال حفل التوقيع، أشار رئيس المجموعة شبه العسكرية لقوات الدعم السريع في البلاد، حميدتي، والذي يتهمه السودانيون بارتكاب العديد من المجازر، إلى التزامه بسيادة القانون أثناء عرضه للوثيقة النهائية".


وبينت المجلة أن القصة التي تشير إلى كيفية إحكام الجيش السوداني السيطرة على السلطة بدأت قبل سنة ونصف على الأقل، عندما كان قوش يفكر بالفعل في تغيير السلطة، وقبل أن يعيد البشير تعيين قوش في منصب رئيس للمخابرات في السودان في مطلع سنة 2018، صرح قوش إلى أحد كبار مسؤولي المعارضة أن "هناك حاجة إلى وراثة رئيسه المستقبلي".


وأوضحت المجلة أنه بعد أن اندلع الحراك الشعبي في البلاد خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر سنة 2018، التقى قوش بكبار المسؤولين المدنيين في السجن، من بينهم رئيس حزب المؤتمر السوداني، عمر الدقير، الذي أكد بدوره عقده لهذا الاجتماع إلى مجلة فورين بوليسي الأمريكية، وفي شأن ذي صلة، صرّح أحد قادة الحركة الاحتجاجية أن "قوش كان يروج لنفسه باعتباره بديلا للبشير".


وأردفت المجلة أن ملايين الأشخاص انضموا إلى الاحتجاجات التي استمرت عدة أشهر بغية الإطاحة بالبشير ونظامه، غير أن الانقلاب هو من نجح في تحقيق ذلك الهدف في الحادي عشر من شهر نيسان/ أبريل، وعلى الرغم من أن ملابسات الانقلاب كانت غير واضحة، اعترف قوش بتورطه في تدبيره خلال حوار أجراه مع فورين بوليسي؛ مؤكدا أن دولة الإمارات العربية دعمت المؤامرة لكنها لم تكن القوة المحركة له.


ونوّهت المجلة إلى أن عددا من السياسيين المقربين من المجلس العسكري والمسؤولين المدنيين الذين أطلعهم حميدتي على الخطة أكدوا رواية قوش، وقد وافق قادة حركة الاحتجاج على الجلوس على طاولة مفاوضات مع المجلس العسكري من أجل ضمان المسار الانتقالي، وفي سياق متصل، أفاد الدقير بأن "حركة المعارضة طلبت الدخول في مفاوضات للاتفاق على ترتيب تسليم السلطة".


وفي الختام، أشارت المجلة إلى أن قوش أفاد خلال حوار أجراه مع مجلة فورين بوليسي الأمريكية أنه "استقال في اليوم التالي من الإطاحة بالبشير من منصب رئيس المخابرات باعتبار أنه إذا ظل في منصبه، لكان السودانيون ظنوا أن نظام البشير لا يزال قائما".