ملفات وتقارير

هل يتطور التوتر بين روسيا وإيران إلى مواجهة مسلحة بسوريا؟

استبعد محللان أن يتطور الخلاف الروسي الإيراني بشكل كبير يؤثر على تواجدهما في سوريا- جيتي

ارتفع منسوب التوتر بين القوات الروسية والإيرانية المتواجدة في منطقة شرق سوريا، إلى حد الاستنفار العسكري في صفوف الجانبين، بحسب ما نقلته شبكة "بي بي سي" البريطانية عن مصادر أمنية.


وقال مصدر أمني عراقي السبت، إن "التوتر بين البلدين كاد أن يتدحرج إلى اشتباك بينهما"، موضحا أن سبب التوتر "يعود إلى قيام القوات الروسية بمنع فصائل حليفة لإيران بالتمركز في عدد من المناطق، بما في ذلك نقطة حدودية مع العراق".


وأمام هذه التطورات، يرى المحلل السياسي السوري سامر خليوي أن "هذه الخلافات لا ترقى لتصبح حقيقة"، موضحا أن "هناك خلافا بالمصالح، لكنه لا يرقى إلى عداوة حقيقية بينهما، لأن كلا منهما يحتاج إلى الآخر خاصة روسيا، التي اجتمعت مع أمريكا وإسرائيل في القدس".


ويشير خليوي في حديث لـ"عربي21" إلى أن "روسيا اتفقت في القدس على بعض النقاط واختلفت في أخرى"، مبينا أن "موسكو جددت تأكيدها بعدم رغبتها في إخراج إيران من سوريا، لأنها تساعدها في القضاء على ما تسميه الإرهاب".


ويؤكد خليوي أن "هذا الخلاف سيبقى محدودا ولن يرقى لعداوة كبيرة بينهما، لأن إيران وروسيا تحتاجان إلى بعضهما البعض"، لافتا إلى أن "موسكو قدمت نصائح لطهران والتزمت الأخيرة بها، ومنها الانسحاب من بعض المواقع العسكرية لتجنب الضربات الإسرائيلية".

 

اقرأ أيضا: مصادر: توتر غير مسبوق بين إيران وروسيا في شرق سوريا


ويلفت إلى أن "هناك توافقا روسيا إسرائيليا على استهداف المصالح الإيرانية واستهداف مليشيات حزب الله، وهذا توافق ليس بجديد، لكنه يتجدد بين فترة وأخرى"، مشددا على أن "روسيا لا تريد أن يتطور ذلك إلى أبعد من ذلك".


"BBC" قالت إن التباين الإيراني الروسي بدأ يأخذ شكلا جديدا مختلفا عن الصورة النمطية، وذلك لتقاطع المصالح بين الطرفين اللذين توليا مهمة الدفاع عن بقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد.


وفي هذا الصدد، يقول خليوي إن "روسيا تستثمر كثيرا الوجود الإيراني بسوريا، وتساوم الأطراف الأخرى على هذا التواجد"، وهو ما يبرر تمسكها برفض إخراج القوات الإيرانية من سوريا، على الأقل في الوقت الحالي.


وينوه المحلل السياسي السوري إلى أن "هناك أهدافا مشتركة بين روسيا وإيران، أولها القضاء على الثورة السورية ودعم نظام بشار الأسد، وعدم حدوث أي عملية انتقال سياسي، والسيطرة على كافة الأراضي التي خرجت عن سيطرة الأسد"، معتقدا أنه "بتحقيق بعض هذه التوافقات، ظهرت مصالح مختلفة بينهما".

 

اشتباكات محدودة


ويضيف أن "روسيا لم تسمح لإيران بالاستثمار كثيرا في سوريا، وطهران تزعم أنها قدمت تضحيات واستثمرت ماليا وبشريا فمن حقها أن يكون لها دور وجزء من الكعكة السورية"، مبينا أن "روسيا استحوذت على الكثير من ثروات سوريا ولم تترك لإيران إلا الجزء القليل".


ومن بين الخلافات الروسية الإيرانية، يفيد خليوي بأن "طهران تعترض على التوافقات الإقليمية التي لم يكن لها دور فيها، مثلما حدث في إدلب بين أنقرة وموسكو، وهو ما تسعى إيران لإفشاله من خلال تحريك مليشياتها".


ولم ينفِ خليوي حدوث اشتباكات "محدودة" بين مجموعات موالية لإيران وأخرى لروسيا، وتحديدا في محافظة دير الزور، لكنه يؤكد أن "ما حصل لن يتطور بشكل كبير، يؤثر على تواجد البلدين في سوريا"، معتقدا أن "إيران تريد القول إنها هنا ولن تخرج ولن تستطيع أي قوى إخراجها، لأنها تمكنت في مفاصل الدولة السورية بشكل كبير وأصبح لها دور كبير ليس عسكريا فقط، بل في مجالات أخرى متعددة".


في المقابل، يقلل المحلل السياسي المختص بالشأن الإيراني طلال عتريسي من حجم التوترات بين روسيا وإيران، قائلا إنها "ليست المرة الأولى التي يحصل فيها مثل هذا التباين في حال صحة المعلومات"، مرجئا ذلك إلى أن "التعاون بين البلدين قد يصطدم ببعض الرؤى المختلفة".


ويوضح عتريسي في حديث لـ"عربي21" أن هذه الرؤى المختلفة متمثلة في الهدنة أو بداية عمليات عسكرية أو التفاهم مع تركيا أو إسرائيل أو الولايات المتحدة، مؤكدا أن "التعاون الاستراتيجي ثابت بين البلدين، وهناك تفاهم واضح واستراتيجي حول النظام السوري والمواجهة مع الولايات المتحدة".

 

اقرأ أيضا: اعتقالات لقيادات بـ"الفرقة الرابعة" بدرعا السورية.. ما سببها؟


ويستدرك عتريسي بقوله: "قد تختلف بعض التكتيكات التفصيلية، لكن لن يصل هذا التباين إلى حد الصدام، لأن كلا من إيران وروسيا يحكمهما تعاون قوي في جبهة واحدة، ولا يمكن أن يؤدي إلى هذا الاشتباك المفترض كسيناريو متوقع".


ويتابع: "التباين ممكن لكن الخلاف أن يصل إلى حد الصدام العسكري غير ممكن"، مستبعدا أن "يكون هناك صفقة ثلاثية بين أمريكا وروسيا وإسرائيل على حساب الوجود الإيراني في سوريا".


ويبين المختص بالشأن الإيراني أن "الموقف الروسي ليس جديدا حول التزامه بأمن إسرائيل واعترافه بها وضمان الحفاظ على مصالحها"، منوها في الوقت ذاته إلى أن "موسكو لا تستطيع أن تعمل من أجل إخراج إيران من سوريا، لأن المسألة ليس بيدها"، وفق تقديره.


وبحسب عتريسي فإن "روسيا ليست في مجال حماية إيران والدفاع عنها في سوريا"، مشددا على أهمية التفريق بين "التعاون بين البلدين في سوريا، وبين حفظ أمن إسرائيل، وبين رغبة إسرائيل في إخراج إيران من سوريا، لأن المسألة الأخيرة لا يمكن لروسيا القيام بها".


وكشفت مصادر أمنية عن استنفار غير مسبوق بين مليشيات تابعة لإيران وقوات روسية في منطقة شرق الفرات بسوريا، بعد إجراءات روسية هدفت لتحجيم النفوذ الإيراني والحد من تواجد طهران على الأراضي السورية.