نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للمعلق الأمريكي المعروف ديفيد إغناطيوس، يعلق فيه على تصريحات الرئيس دونالد ترامب، التي قال فيها إن إيران لن تصمد طويلا في حال اندلاع حرب، واصفا الرئيس بأنه "جاهل كما هو واضح بدروس التاريخ".
ويقول إغناطبوس: "في السياسة الخارجية أحيانا، أفضل طريق للعمل أمام دولة قوية هو العمل المحدود، والأوضح على الأقل، وربما كان هذا هو الحال في المواجهة الأمريكية مع إيران، المحشورة في الزاوية والسامة أيضا".
ويرى الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، أن "المواجهة الأمريكية الإيرانية هي مواجهة كلاسيكية بين دولة قوية وأمة أضعف، وحاولت فيها إيران المحاصرة نكز الولايات المتحدة من خلال إسقاط طائرة دون طيار وتفجير ناقلات في منطقة الخليج، وسمحت لجماعة وكيلة لها بضرب الصواريخ على مطارات مدنية سعودية، ولم يقم الرئيس دونالد ترامب بالرد، لكن حديثه يوم الثلاثاء عن (محو) إيران من الوجود أبقى الإبريق يغلي كما تريده طهران".
ويقول إغناطيوس: "كان يجب على ترامب إبقاء الإبريق مغلقا، إلا أن هذا الأسبوع كشف عن صعوبة الوضع، ففي يوم الأربعاء رفض المرشد الأعلى للجمهورية، آية الله علي خامنئي، دعوات الحوار الدبلوماسي، وقال: (المفاوضات هي جهود لخداع إيران لتفعل ما تريده الولايات المتحدة)، ووصلت حالة التحدي الإيرانية لأعلى مستوياتها عندما قالت طهران يوم الخميس إنها ستتوقف عن الالتزام بالحجم المسموح لها ضمن الاتفاقية النووية الموقعة عام 2015 لتخصيب اليورانيوم".
ويرى الكاتب أن "التاريخ علمنا أن الحروب المدمرة تبدأ عندما تسيء القوى العظمى الحكم على قدرة الأمم الضعيفة، أو تعتقد أن باستطاعتها إملاء النتائج السياسية التي تريدها من خلال القوة، وهذا هو الدرس الواضح من الحرب في العراق وأفغانستان، حيث اعتقدت الولايات المتحدة أنها قادرة على تحقيق نصر حاسم ضد عدو ضعيف، وقدم لنا المؤرخون البريطانيون في العصر الدروس ذاتها عندما تم دفع الجنود في الحرب العالمية الأولى إلى الحرب؛ أملا في تحقيق نصر سريع دون الانتباه إلى الخنادق التي كانت تنتظرهم".
ويشير إغناطيوس إلى أن "الولايات المتحدة ولدت وسط سوء تقدير يعد الأعظم في التاريخ، فقد اعتقدت بريطانيا أنه يمكن القضاء على التمرد بسرعة، وكما كتب ريك أتكينسون في كتابه (البريطانيون قادمون) فقد دفع الملك جورج الثالث ومستشاروه للحرب، معتقدين أن المتمردين الأمريكيين ضعفاء ولا يحظون بشعبية، ومن السهل استفزازهم لمعركة خاسرة، لكن تلك (الهزيمة في أمريكا كانت بداية لنهاية الإمبراطورية)".
ويرى الكاتب أن "تصريحات ترامب لـ(فوكس نيوز) يوم الأربعاء عبرت عن غطرسة عامة بين القوى العظمى طوال التاريخ، وأكد أن الحرب مع إيران (لن تستمر طويلا)، وأن المعركة ستكون محدودة، (فأنا لا أتحدث هنا عن جنود على الأرض)".
ويقول إغناطيوس: "لو قرأ ترامب التاريخ لاكتشف ضعفا يتكرر في سياسته الخارجية، فالحروب الكارثية تبدأ عندما تتجاهل القوى العظمى حاجة الأمم الضعيفة الحفاظ على كرامتها، ويعتقد ترامب، على ما يبدو أنه يستطيع إهانة القادة الأجانب لدرجة ما ثم يخفف من حدة غضبهم بالتودد إليهم ودعوتهم للتفاوض".
ويعتقد الكاتب أن "علامة سياسة ترامب في السياسة الخارجية التي تجمع بين الإهانة ثم التملق لم تنجح بشكل جيد، فلا يزال يواجه طريقا مسدودا مع أعداء مثل كوريا الشمالية وإيران والفلسطينيين وفنزويلا والصين، كما أساء دون داع إلى الحلفاء، مثل فرنسا وألمانيا واليابان، وكانت إهانته لليابان، التي قال إنها تعتمد على النفقات الأمريكية، هي هبوط جديد وللقاع".
ويجد إغناطيوس أن "جزءا من مشكلة ترامب هو أن عدم القدرة على التكهن بتصرفاته باتت قابلة للتكهن بها، فمن خلال مراقبة الصراخ والشجار باتت الدول تعرف كيفية التعامل مع لعبته في التخريب، فقد قلل المرشد الأعلى من أهمية عرض ترامب للتفاوض، فيما هدد الرئيس الفرنسي بعدم قبوله بيان مجموعة العشرين لو لم يف بتوقعاته بشأن المناخ، وقام زعيم كوريا الشمالية بمغازلة الرئيس الصيني في الوقت الذي يواصل فيها تبادل الرسائل مع البيت الأبيض".
ويقول الكاتب إن "رد فعل إسرائيل في ظل التصعيد هو البحث عن مساعدة دبلوماسية من الصديق الجديد في موسكو، واستقبل بنيامين نتنياهو مديري الأمن القومي من روسيا وأمريكا وإسرائيل؛ للتباحث حول إخراج الإيرانيين من سوريا، وقال: (أعتقد أن هناك مجالا واسعا للتعاون بين ثلاثتنا أكثر مما نعتقد)".
ويرى إغناطيوس أن "المواجهة مع إيران تحمل مواجهة تثير الخوف، فلو قتلت إيران أمريكيين فسترد أمريكا بالتأكيد، وفي اللحظة المتطرفة، يحتاج كل رد إلى رد فعل مقابل، بالإضافة إلى أن المناوشات وإسقاط طائرة ليسا مثل الحرب الشاملة، فهجوم إيراني يجب ألا يؤدي إلى رد فعل فوري للإبادة يحتاج لسنوات طويلة ليتم إصلاحه".
ويقول الكاتب: "لم نكن بحاجة لأن نكون في هذا الوضع، ولم يكن ترامب حكيما عندما قرر الخروج من الاتفاقية النووية التي كانت ناجحة، ومضايقة الحلفاء الأوروبيين، إن أمريكا بحاجة إلى لاحتواء سلوك إيران في المنطقة، ولم يحسب ترامب ومستشاروه حساب مقاومة خامنئي لاستراتيجية (أقصى ضغط)".
ويختم إغناطيوس مقاله بالقول إن "على ترامب معرفة أنه يدخل في منطقة خطرة، سياسية وعسكرية أيضا، وربما فهم أن حربا غير ضرورية مع إيران هي الطريق لهزيمته في انتخابات 2020".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
إيكونوميست: كيف يمكن احتواء إيران والخروج من الأزمة؟
FP: هل تنجح خطة بومبيو لإنشاء قوة لحراسة مضيق هرمز؟
WP: هل سيتمكن ترامب من إطفاء النار التي أشعلها مع إيران؟