سياسة دولية

تكهنات تسيطر على إعلان الرياض القبض على أمير داعش باليمن

تأخير السلطات السعودية الإعلان عن هذه العملية اعتبرها مراقبون أنها تأتي في سياق محاولاتها تسويق ورقة الإرهاب لتثبيت هيمنتها بالمنطقة- جيتي

تسيطر تكهنات وتساؤلات واسعة على إعلان السعودية عبر الناطق باسم التحالف العسكري الذي تقوده في اليمن، الثلاثاء، إلقاء القبض على أمير تنظيم الدولة في البلد ذاته، دون أن تكشف عن المنطقة التي جرت فيها العملية.

العملية التي صرح بها العقيد تركي المالكي، الناطق باسم التحالف، الثلاثاء، وقال إنها نوعية وناجحة، وجرت في حزيران/ يونيو الجاري، أثيرت حولها الشكوك؛ نظرا لحالة الغموض حول اسم أمير تنظيم الدولة وجنسيته، فضلا عن التكتم على مكان العملية.

ما يعزز ذلك أن السلطات اليمنية في محافظة المهرة، في أقصى شرق البلاد، سبق أن كشفت عن تفاصيل ما أسمتها "عملية نوعية" استهدفت خلية تابعة لتنظيم القاعدة، دون أن تشير الرواية الحكومية إلى القبض على أمير تنظيم الدولة، كما ورد في رواية التحالف، وهو ما يضع تساؤلا مهما عن دوافع التحفظ عن كشف مكان العملية المعلن أصلا سابقا.

تأخير السلطات السعودية الإعلان عن هذه العملية اعتبرها مراقبون أنها تأتي في سياق محاولاتها تسويق ورقة الإرهاب؛ لتثبيت هيمنتها في المحافظة، أي المهرة، تشتعل غضبا ضد وجودها العسكري فيها.

 

وذهب آخرون إلى القول: مثلما استخدمت دولة الإمارات ورقة الحرب على جماعة "الإخوان المسلمين"، وذراعها السياسي حزب الإصلاح، لتشكيل مليشيات انفصالية في مدن جنوب البلاد، للسيطرة على موانئها ومناطق الثروة النفطية فيها، تكرر المملكة الخطة ذاتها، عبر ورقة الحرب على الإرهاب كمدخل لضرب واستهداف قيادات الحراك الشعبي الرافض لوجودها العسكري في محافظة المهرة الساحلية على بحر العرب. 

 

أقرأ أيضا: شكوك برواية الرياض بشأن تحطم مروحية عسكرية شرقي اليمن

وكان ناطق التحالف قد أعلن، الثلاثاء، أن قوات خاصة سعودية ويمنية نفذت عملية ناجحة، تمكنت من خلالها من إلقاء القبض على أمير تنظيم الدولة باليمن، يدعى "أبو أسامة المهاجر"، والمسؤول المالي للتنظيم وعدد آخر، دون أن يحدد مكان العملية.

وبالعودة إلى رواية سلطات المهرة، المعلنة في 3 حزيران/ يونيو الجاري، فإن قواتها ألقت القبض على أخطر العناصر الإرهابية باليمن.

وذكر مركز المهرة الإعلامي، التابع للسلطات الحكومية هناك، أن قوات التحالف والشرطة العسكرية بمحافظة المهرة نفذتا اليوم عملية نوعية استهدفت منزلا بمدينة الغيضة يستخدمه إرهابيون مطلوبون للعدالة "وكرا" لتنفيذ مخططات إرهابية وتخريبية، انتهت بالقبض على أخطرهم، دون اللجوء إلى استخدام القوة.


ويشير المركز إلى أن العصابة تنتمي لتنظيم القاعدة، وليس إلى تنظيم الدولة، كما أعلن الناطق باسم التحالف قبل يومين، وكانت تخطط لتنفيذ عمليات إرهابية بالمحافظة، وإقلاق سكينتها واستقرارها.

"تسويق لمواجهة الاحتجاجات"

من جهته، رأى الباحث اليمني، رئيس مركز ساس للدراسات، عدنان هاشم، أن السعودية تبحث عن تثبيت وجودها في المهرة باسم مكافحة الإرهاب.

وأضاف في حديث خاص لـ"عربي21" أنه منذ مدة تسوق نفسها بهذا الشأن، وتبحث عن ورقة لمواجهة احتجاجات الشارع المهري وقمعه.

وأشار هاشم إلى أن الرياض تسير على خطى أبوظبي؛ لذلك تقوم باستنساخ طريقتها لتثبيت وجودها جنوبي اليمن.

كما أكد أنه في الوقت ذاته أن طموح المملكة مرتبط بأطماعها. موضحا أن ورقة مكافحة الإرهاب لن تكون مقنعة كفاية للمجتمع الدولي في تمرير القبول ببقائها في المهرة.

"كذبة مضحكة"

من جانبه، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي، إعلان المتحدث باسم التحالف بشأن القبض على أمير داعش باليمن وآخرين بأنها "كذبة سعودية سمجة لدعشنة المهرة".

وقال في منشور عبر صفحته بموقع "فيسبوك": قبل أكثر من سنة، حاولت الرياض إنشاء فقاسة إرهابية في محافظة المهرة، عبر تأسيس مركز سلفي في مدينة قشن، جنوب المحافظة ذاتها، قوبل برفض أهالي المدينة وإفشاله.

وبحسب التميمي، فإن الرياض لم تنجح في تأمين الحاضنة السلفية اللازمة لنشاط "القاعدة" و"داعش" في هذه المحافظة، مثلما نجحت في إيجادها في عدة محافظات يمنية، بينها عدن وأبين (جنوبا).

وتابع: "كم تبدو المحاولة السعودية لدعشنة المهرة مضحكة ومثيرة للاستهجان".

وأردف قائلا: لقد كشفت المملكة بكذبة إلقاء القبض على ما تزعم أنه أمير داعش في المهرة أن مهمتها العسكرية في اليمن فشلت في القضاء على ما تسميه "الإرهاب"، مثلما فشلت في القضاء على الانقلاب، وكشفت عن التخادم الحقيقي بين الرياض و أبوظبي في مهمة احتلال المهرة.

وأوضح السياسي التميمي أنه إذا كان أحد من عناصر داعش تمكن من الوصول إلى المهرة، وهذا مجرد افتراض، فلأن القوات السعودية التي تمثل الذراع العسكري للمؤسسة الوهابية جد السلفية الجهادية التي ابتليت بها أمة الإسلام، هي من أمَّنتْ الطريق والمأوى والمستلزمات الضرورية لإنجاز هذه التمثيلية الهزلية المقرفة، وفق تعبيره.

وكانت السعودية قد أعلنت في أيلول/ سبتمبر 2018 تحطم مروحية عسكرية من نوع" أباتشي"، ومقتل طاقمها، أثناء قيامها بمهام مكافحة الإرهاب والتهريب في محافظة المهرة، وهو ما دفع الكثير للتشكيك بمدى وجاهة الرواية السعودية حينها.

واستند المشككون إلى أن محافظة المهرة، التي توصف بـ"بوابة اليمن الشرقية"، البعيدة عن الصراع الدائر، تعد المدينة اليمنية الوحيدة التي لم تشهد أي عمليات أو أنشطة لتنظيمات جهادية من قبل.

وتشهد هذه المحافظة اليمنية الحدودية مع سلطنة عمان، التي تمتلك أطول شريط ساحلي في البلاد على بحر العرب، حراكا شعبيا متواصلا منذ تموز/ يوليو من العام الماضي؛ للمطالبة برحيل القوات السعودية من مدينتهم.