صحافة دولية

الغارديان: لماذا على أمريكا إقصاء المهووسين بمواجهة إيران؟

الغارديان: على أمريكا ألا تسمح للمهووسين بالمواجهة مع إيران بالسيطرة على سياستها- جيتي

نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا للمسؤول السابق في الخارجية الأمريكية، والباحث في معهد التقدم الأمريكي مايكل فاكس، تحت عنوان "حلم إدارة ترامب المحموم بشأن إيران"، يقول فيه إن إدارة دونالد ترامب عالقة في حلم محموم حول إيران، مشيرا إلى أن هذه الحمى أصبحت خطيرة. 

ويشير فاكس في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه "بعد الهجمات على ناقلتي النفط في خليج عمان، التي حملت واشنطن إيران مسؤوليتها، رغم وجود الكثير من الأسئلة حولها، فإنه تم دفع الخطاب الذي تبنته الإدارة وغيرها إلى درجة الحمى، ودعا السناتور توم كوتن إلى ضربة انتقامية، فيما اقترح المعلق في صحيفة (نيويورك تايمز) بريت ستيفنز عملية أمريكية من أجل إغراق الأسطول البحري الإيراني". 

ويعلق الكاتب قائلا إن "هذا الكلام ليس مستغربا لكل من تابع النقاش حول إيران في واشنطن، لكنه نقاش منفصل عن الواقع".

ويقول فاكس إن "الجميع يدركون خطورة الحكومة الإيرانية التي تقوم باضطهاد شعبها، وترعى الإرهاب في الشرق الأوسط، والسؤال ليس فيما إن كانت سيئة أم لا، لكن حول كيفية التعامل مع هذه التهديدات، وكان الهدف في ظل كل من إدارة جورج دبليو بوش وباراك أوباما هو وقف الطموحات النووية الإيرانية، وبعد سنوات من العقوبات المنسقة استطاع أوباما توقيع اتفاق مع طهران أوقف الطموحات النووية الإيرانية، وصادقت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وحتى إدارة ترامب، على أن الاتفاقية كانت ناجحة، وقبل توقيع الاتفاقية وبعدها واجهت أمريكا الإرهاب، وعززت من دفاعات إسرائيل". 

ويجد الباحث أن "أيا من ذلك لم يكن كافيا لمن علقوا في الحلم المحموم، حيث قام أتباعه بمحاولات لإقناع صناع السياسة بالتقارب مع أنظمة مثل السعودية والإمارات العربية المتحدة، التي تعد هي نفسها مرعبة، وقدم أعضاء هذا الفريق المسكون بالحلم المحموم منطقا لدعم الحرب المدمرة في اليمن، ودفع وزارة الخارجية لدعم وحتى وقت قريب، جماعة تهاجم صحافيين وخبراء لعدم معاداتهم إيران، ومن بين هؤلاء جون بولتون، الذي ظل مهووسا بهذا الحلم المحموم، ودعا في عام 2015 إلى ضرب إيران". 

ويلفت فاكس إلى أن "هذا كله كان بدلا من تقديم مجموعة من الأهداف الواقعية، أو استراتيجية يمكن من خلالها تحقيق هذه الأهداف، ولو كان الحلم المحموم ومن أصيبوا بالحمى هم الأكثر قدرة على تقديم الحلم، فإن حلفاء أمريكا في أوروبا وآسيا أصيبوا بالإحباط من تأثير المصابين بهوس إيران على السياسة الأمريكية، وتساءلوا عن السبب الذي دفع أمريكا للتخلي عن اتفاقية نووية ناجحة كهذه".

ويجد الكاتب أن "ذلك يذكر بغرابة وتهور من تحدثوا أو فكروا في قصف كوريا الشمالية عام 2017، وهي ضربة كانت ستؤدي إلى حرب نووية لو حدثت، لكن الداعين لهذا الخيار تجاهلوا النتائج الكارثية".

وينوه فاكس إلى أن "الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أنه يذكرنا بفترة التحضيرات لضرب العراق في عام 2003، وكيف كذبت إدارة جورج دبليو بوش حول ملكية العراق لأسلحة الدمار الشامل، وعلاقته مع الإرهاب، وكيف أخبر الأمريكيين أن الغزو سيكون سهلا، وسيتم الترحيب بالأمريكيين بصفتهم محررين". 

ويرى الباحث أن "التقارير عن اللقاءات رفيعة المستوى في (سي آي إيه) التي سبقت التحذيرات الأخيرة عن إيران يجب أن تثير قلق من يتذكرون الطريقة التي تم فيها تسييس المعلومات الأمنية حول العراق، ويهدد هذا بنزاع خطير، ورغم زعم إدارة ترامب أنها لا تريد حربا، إلا أن وزير الخارجية مايك بومبيو قال إن تفويض استخدام القوة العسكرية الصادر عام 2001، الذي تم تمريره لمواجهة تداعيات ما بعد 11/ 9 يمكن استخدامه تفويضا للحرب ضد إيران". 

ويعتقد فاكس أن "أمريكا بحاجة لحوار حقيقي مع إيران، وعلينا ألا نسمح للمسكونين بحمى المواجهة مع إيران بالسيطرة على السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط". 

ويفيد الكاتب بأن "إسرائيل لديها أقوى الجيوش في الشرق الأوسط، ويمكنها الدفاع عن نفسها وبدعم أمريكي مستمر، وبإمكان أمريكا مواجهة الإرهاب الإيراني، وهي ليس بحاجة لدعم دول مثل السعودية والإمارات بطريقة عمياء وباسم مواجهة إيران، فهذه الدول تضطهد سكانها، وتثير النزاعات الإقليمية، وتمول الإرهاب والثقافة المتطرفة في الخارج، وعندما تشترك الولايات المتحدة وتساعد السعودية في حرب اليمن باسم مواجهة إيران، فإنها تخلق أزمة إنسانية، وتفقد أمريكا في هذه الحالة الموقف الواضح المتعلق بمصالحها". 

ويقول فاكس إنه "من أجل تطوير استراتيجية فعالة فإن أمريكا يجب أن تضع نفسها في مكان إيران، فبعد غزو جارتيها العراق وأفغانستان، وزيادة التوتر مع طهران بسبب برنامجها النووي والقتال بين الجماعات التي دعمتها طهران، والجنود الأمريكيين في العراق، شعرت إيران أن أمريكا تريد محاصرتها، فيما ظنت واشنطن أن طهران تقوم بزيادة عدوانها ضدها".

ويرى الكاتب أن "ما هو مفقود في ظل الهوس بإيران هو الحاجة للحوار معها، فما أدى إلى الاتفاقية النووية هو الضغط والحوار، ويجب على الولايات المتحدة الحوار مع إيران بشأن مستقبل أفغانستان والعراق، وهناك حوار أوسع يمكن أن يتم إلى جانب الضغط حول الأمن الإقليمي". 

ويبين فاكس أنه "يمكن لإيران عمل الكثير لدفع الأزمة إلى حافة المواجهة، فمع خروج ترامب من الاتفاقية النووية تقول إيران إنها ستزيد من معدلات تخصيب اليورانيوم، ولو كانت مسؤولة عن تفجير الناقلتين فلن تتوقف عند هذا الحد، ما قد يقود إلى دائرة من العنف ستقود إلى الحرب". 

ويختم الباحث مقاله بالقول: "نحن بحاجة لأن نستيقظ من الحلم المحموم، وعقد نقاش حقيقي مع إيران، وتطوير استراتيجية واضحة، وبداية حوار حقيقي مع إيران".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)