سياسة عربية

"العصيان" يداعب مصريين بذكرى الانقلاب السادسة.. هل يتحقق؟

مصريون يرون أن العصيان المدني هو الحل الأمثل والبديل العملي للتظاهرات- جيتي
مع اقتراب الذكرى السادسة لتظاهرات 30 حزيران/ يونيو 2013، والتي استخدمها قائد الجيش عبد الفتاح السيسي حينها كذريعة للانقلاب العسكري على أول رئيس منتخب ديمقراطيا محمد مرسي؛ تتزايد الدعوات لتنفيذ عصيان مدني ضد النظام العسكري الحاكم.
 
أصحاب تلك الدعوات، برروا دعوتهم بأن العصيان هو الحل الأمثل والبديل العملي للتظاهرات التي لو تمت سيقمعها النظام وستزداد أعداد ضحاياه بالقتل والاعتقال والإخفاء القسري.
 
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي انتشرت تلك الدعوات على ألسنة سياسيين، ونشطاء، وقضاة سابقين، فيما وضع كل منهم روشتته الخاصة لإنجاح العصيان المدني، والذي تأتي دعواته تأسيا بالعصيان المدني بالسودان الأسبوع الماضي.
 
وعبر هاشتاغ "#العصيان_المدني_الشامل_هو_الحل"، دعا المتحدث باسم المجلس الثوري المصري، محمد صلاح، الجمعة، المصريين للعصيان قائلا: تخيل العصيان المدني الشامل بمصر؛ فيتم إيقاف الملاحة بقناة السويس، وإيقاف الموانئ والمطارات؛ حينها لن يستمر نظام الانقلاب.
 

 
وهو التوجه الذي دعا له رئيس حزب الفضيلة محمود فتحي، الخميس، قائلا: "مع نجاح دعوات (#العصيان_المدني) بالسودان ندعوكم لخطة تفصيلية للعصيان بمصر بحملة تنظيمية تعمل على بناء حاضنة شعبية لها خطة ومشروع وقيادة".
 
وأوضح أن خطته تبدأ بمقاطعة رجال الأعمال الفاسدين حتى نصل للعصيان الشامل.

 

 

أما القاضي السابق محمد جبال، فأكد أن العصيان المدني هو الحل الأسهل لأن تكلفته وتضحياته أقل من النزول للشوارع ومواجهة قوات العسكر، وأكد أنه يكفي المكوث بالبيت والامتناع عن العمل وعن سداد أي رسوم ومستحقات للدولة بحيث يتمكن الشعب من إصابتها بشلل عام بأداء وظيفتها.
 
وقال عبر حسابه بـ "فيسبوك": العصيان المدني لكي يكون له التأثير المرجو يجب أن يكون مدعوما من طوائف الشعب، مع إيمان المشاركين بنجاحه، وتحقيق رغبات المشاركين فيه لا الداعين له، وأن تكون قيادات العصيان شخصيات مقدرة وذات مصداقية، مع خطة إعلامية تخاطب قطاعات الشعب.
 

وأطلق الإعلامي المعارض عبدالله الشريف، الخميس، دعوة عبر قناته بـ"يوتيوب"، مطالبا المصريين والعرب بالتعلم من العصيان المدني بالسودان.
 

 

 


وشارك آلاف المصريين بهاشتاغ "#العصيان_المدني_شامل"، وتصدر "تويتر" في مصر قبل أيام، وتحدثوا عن نجاح عصيان السودان وكيف أصاب النظام العسكري الحاكم بمصر بالهلع خشية انتقاله للقاهرة، خاصة مع قرب انطلاق بطولة الأمم الإفريقية بمصر ولمدة شهر كامل.
 
وقال الإعلامي الرياضي علاء صادق عبر "توير": "نجاح العصيان المدني بالسودان أصاب النظام بالهلع خشية انتقاله لمصر".

 

 

 


"أسباب النجاح.. وعوامل الفشل"


وحول إمكانية تنفيذ العصيان المدني، وأدوات وعوامل نجاحه، وأسباب فشله، يعتقد الكاتب الصحفي والناشط اليساري حسن حسين، أنه "يعتبر العمل الأخير بقائمة المهام النضالية لأي حركة وطنية تقاوم أى نظام حاكم مستبد".
 
وأكد حسين لـ"عربي21"، أن "العصيان المدني لا بد أن تسبقه عشرات المعارك الصغيرة، تمهد له الطريق، وتعد له الجماهير، وتمده بمزيد من الأدوات الفاعلة، وتوفر له الشروط الموضعية لنجاحه".
 
وقال: "وبكل أسف كل هذا غير متوفر؛ فلا توجد حركة وطنية، ولا توجد خطط ولا برامج، بل لا يوجد وعي ثوري حقيقي"، واصفا كل من على ساحة العمل السياسي الآن، بأنه "إما عاجز أو متردد أو انتهازي".
 
وتابع حسين: "وكل الأحزاب والحركات السياسية التي تدعي معارضتها للنظام، تعاني هي الأخرى من ضعف هيكلي، وعدم إمتلاك رؤية واضحة ومحددة لأساليب تغيير الواقع، مما أدى إلى إنفضاض الجماهير من حولها، بسبب فقد مصداقيتها، وعدم الثقة في رموزها وقياداتها".
 
"البديل المتكامل"


من جانبه قال رئيس حزب غد الثورة عز النجار، إن "الجماهير لن تتفاعل وتستجيب لأي دعوات سواء بثورة ومظاهرات وحتى إضراب وعصيان مدني؛ ما لم يقدم البديل المتكامل".
 
النجار، أوضح لـ"عربي21"، أن ذلك البديل هو "الرؤية الواضحة للقادم، وخطة وخطوات مدروسة، واتفاق مفصل ومعلن، ومجلس قيادة محترم ومعبر عن الجميع".
 
وأكد أنه "إذا بقينا على ما نحن عليه من غباء وعناد وتنازع ورفض أي شكل من أشكال الاتحاد والاتفاق؛ فلا تغيير لما نحن فيه إلا للأسوأ".
 
"دور العمال"


وحول دور العمال، يرى الناشط والقيادي العمالي، ناجي رشاد، أنهم "وقود الثوارات، وإن كانت الحركة العمالية قد أصيبت بمرض منذ تموز/ يوليو 2013، وهرولت رؤوس التنظيم النقابي نحو الحكومة".
 
رشاد، أضاف لـ"عربي21"، أن "بعض من ظننا بهم خيرا كقيادات حرة ظهروا على حقيقتهم وارتموا بأحضان النظام طمعا بمنصب وكرسي وخيلت لهم أوهامهم أنهم كذلك في مأمن من بطش النظام"، مشيرا إلى تحكم الأجهزة الأمنية بقيادات التنظيمات العمالية.
 
ولكن مع تلك الرؤية يعتقد الناشط العمالي، أن "الحركة العمالية ستظل تطالب بحقها وقد تمر بفترة سكينة وهدوء ولكن بلحظة ما تتحرك للحفاظ على مكسبها"، مذكرا بما فعله عمال "غزل المحلة" عام 2006، عندما كسروا قيود وأغلال الحركة العمالية، بالإضربات والاعتصامات.
 
وشدد على أن "أي نظام يضع بحساباته دور العمال بأي حراك وخاصة الأنظمة المستبدة، ودائما وأبدا تمثل صداعا مزمنا برأس النظام".
 
وعلى الجانب الآخر، تحدث عضو حزب الدستور أحمد مرعي، عن عوامل فشل العصيان المدني، قائلا عبر "فيسبوك"، إن تركز الثروة والسلطة بأيدي نسبة محدودة من الداعمين للنظام مع جبرية سيطرتهم وتحكمهم بأرزاق جموع كبيرة من الشعب، مع غياب نية المحاسبة والرقابة، واضمحلال ثقافة التغيير والركون علي الموروث الفقهي، يجعل فكرة العصيان المدني الناجع شبه مستحيلة.