صحافة دولية

جون أفريك: منافسة شديدة بأفريقيا بين دول الحصار وقطر

صرح أحد المسؤولين القطريين قائلا إنه كان يجب علينا أن نستثمر أكثر في القارة ولو لمجرد الضغط على اللوبي الإماراتي- جيتي

نشرت مجلة "جون أفريك" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن المعركة التي تجمع بين المملكة العربية السعودية وقطر حول أفريقيا.

 

فبسبب عزلتها في شبه الجزيرة العربية، تحاول الدوحة بدقة تقديم بيادقها في القارة الأفريقية. في المقابل، وجدت الإمارة نفسها في مواجهة منافسيها السعوديين والإماراتيين.

وقالت المجلة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن القادة القطريين أحرزوا تقدما في القارة السمراء.

 

ففي أعقاب الحصار الذي فُرض على الإمارة في حزيران/يونيو سنة 2017، من قبل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر، اتّخذت عدّة دول أفريقية بدورها إجراءات دبلوماسية بهدف الانتقام من قطر، تمثّلت في سحب سفرائها من الدوحة من أجل قطع العلاقات معها.

وذكرت المجلة أن هذا الإجراء، جعل الجانب القطري يولي المزيد من الاهتمام بأفريقيا ويحاول إيجاد موطئ قدم فيه.

 

فمنذ فترة طويلة، لم تركز قطر اهتمامها سوى على المغرب والجزائر وتونس. وتجدر الإشارة إلى أن منظمة قطر الخيرية تعدّ الأثر الوحيد للتواجد القطري في العديد من الدول الأفريقية.

 

وفي هذا الصدد، صرح أحد المسؤولين القطريين قائلا: "كان يجب علينا أن نستثمر أكثر في القارة، ولو لمجرد الضغط على اللوبي الإماراتي".

وأضافت المجلة أن ضعف النفوذ الذي تتمتع به الإمارة في القارة السمراء، لم يصبّ في مصلحة البلاد. وفي هذا السياق، صرّح رئيس دولة جزر القمر، غزالي عثماني، قائلا: "لقد قررت أن أحذو حذو المملكة العربية السعودية، فهي دولة شريكة منذ 40 سنة، في حين لم تتواجد قطر في البلاد سوى منذ سنة 2008".

 

ومن جهته، اختار إدريس ديبي إتنو في البداية، قطع العلاقات مع قطر، ما دفع بأبوظبي إلى استخدام مكانتها في صلب المؤسسات المالية الدولية لصالح تشاد.

أما قطر، فتمتلك هي الأخرى بطاقة اقتصادية رابحة تتمثل في إقراض الدوحة لحوالي 1.2 مليار يورو لتشاد خلال سنة 2014، حتى تتمكن من شراء أسهم شركة شيفرون التي تستغل النفط التشادي.

 

في المقابل، تكمن المشكلة في أنه مع تهاوي سعر البرميل، أصبحت أنجمينا غير قادرة على الوفاء بديونها.

 

اقرأ أيضا :  المغرب للرياض وأبوظبي: العلاقات الثنائية ليست حسب الطلب

 

حينها، تدخلت قطر في شباط/فبراير سنة 2018، من أجل إعادة التفاوض بشأن الديون بشروط تصب في مصلحة تشاد. وكنتيجة لذلك، أرسل إدريس ديبي إتنو وزير خارجيته لاستعادة العلاقات مع قطر.

وأوردت المجلة أن الطريقة القطرية المتمثلة في الوساطة عوضا عن طلب تكوين علاقات حصرية، أدت في نهاية المطاف إلى التخفيف من حدة الحصار المفروض عليها وإجبار العواصم الأفريقية على فتح أبوابها لها.

 

وفي هذا الصدد، قال أحد كبار المسؤولين في وزارة الخارجية القطرية، فيصل آل حنزاب، "نحن بصدد فتح سفارات جديدة، ونريد إقامة شراكات مربحة لجميع الأطراف".

ونقلت المجلة ما جاء على لسان أحد الدبلوماسيين السنغاليين الذي أفاد أن "العلاقات مع الرياض لا يمكن مقارنتها بتلك التي تجمع داكار بقطر".

 

والجدير بالذكر أن السنغال سحبت سفيرها من قطر في حزيران/يونيو سنة 2017، قبل أن يستعيد منصبه بعد مرور شهرين ونصف.

 

وفي الواقع، يعدّ من الصعب استبعاد فكرة أن الاستدعاء المؤقت للسفير كان يهدف بشكل أساسي إلى إرضاء الرياض.

وفي تصريح له للمجلة في حزيران/يونيو سنة 2018، أفاد وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني قائلا: "إننا على استعداد لإعادة التواصل مع أصدقائنا الأفارقة.

 

في المقابل، نريد أولا توضيحا حول الأسباب التي جعلتهم يتّخذون إجراءات ضدنا".


اقرأ أيضا : مصدر: وفد إماراتي بجنوب السودان لدعم "منبر أبو ظبي للسلام"


وبيّنت المجلة أن القرائن التي تشير إلى إعارة الدوحة الاهتمام بالقارة السمراء تجسّدت في الجولة التي أجراها أمير قطر في كانون الأول/ديسمبر سنة 2017 إلى غربيّ أفريقيا، التي تعدّ الأولى من نوعها بالنسبة له.

 

وكان هدف الرحلة التي شملت زيارة كل من غينيا وكوت ديفوار وغانا يتمثل في إظهار قطر لامتنانها للدول التي إما لم تنفصل عنها أو أعادت بسرعة تأسيس علاقاتها معها.

 

كما أسفر عن هذه الرحلة، توقيع العديد من اتفاقيات التعاون خاصة مع أبيدجان، التي عيّنت فيها الدوحة سفيرا في حزيران/يونيو سنة 2018.

وقالت المجلة إن قطر تعهدت بتأسيس المزيد من العلاقات المباشرة مع الدول الأفريقية، حيث تضاعفت اللقاءات الثنائية مع القادة الأفارقة.

 

علاوة على ذلك، كانت القارة ممثلة تمثيلا جيدا للغاية في منتدى الدوحة، وهو ما مثّل فرصة للإمارة للدفاع عن موقفها إزاء أزمة الخليج والمشاكل التي يشهدها العالم.

 

أما في شرق أفريقيا، وبالتحديد في منطقة القرن الأفريقي، تواجه الدوحة مخاطر هائلة، حيث أجبرها الحصار على اللجوء إلى البحث عن مصادر جديدة للإمدادات.

وأوضحت المجلة أن الاستراتيجية التي تتبعها أبوظبي من أجل الحفاظ على وجودها على سواحل البحر الأحمر والقرن الأفريقي قد توصلها إلى قناة السويس.

 

بالإضافة إلى ذلك، شيّدت الإمارات عدة قواعد بحرية في عدة دول أفريقية على غرار الصومال، من أجل دعم عملياتها العسكرية في اليمن.

وأشارت المجلة إلى السودان كان محور نزاع كل من قطر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، خاصة وأن هذه الدولة تجمعها علاقات قوية بالدوحة.

 

فعلى الرغم من أن قطر تتهم في العادة بزعزعة استقرار الدول من خلال دعم الاحتجاجات الشعبية، إلا أنها أكدت لعمر البشير دعمها "لاستقرار السودان".

 

في المقابل، يمثل سقوط الرئيس السابق عائقا أمام المشاريع القطرية على غرار وعد الدوحة بالاستثمار بمليارات الدولارات من أجل إعادة تأهيل ميناء سواكن والسماح لحليفتها تركيا بتركيز قاعدة عسكرية.  

ونظرا لتقلّد الجيش للحكم في السودان، أسوة بمصر، سارعت كل من الرياض وأبوظبي، في 21 نيسان/أبريل، إلى الإعلان عن تقديمهما مبلغا يقدّر بحوالي ثلاثة مليار دولار للسودان.

 

وفي الحقيقة، تستطيع الدوحة مخاطبة المجتمع المدني من خلال وسائلها الإعلامية، بالتالي بإمكانها أن تظهر من جديد بحلّة المؤيدة للثورة.

 

وعلى المنوال نفسه، تعدّل قطر من استراتيجية نفوذها وتحاول إيجاد موطئ قدم لها في القارة الأفريقية من خلال تقديم الامتيازات.

 

وكنتيجة لذلك، يأمل قادة الإمارة في أن تتمكن الشبكة التي يسعون إلى تأسيسها في أن تثبت أنها متينة بما فيه الكفاية لمقاومة الضغوط السعودية والإمارتية.

وفي الختام، ذكرت الصحيفة أنه منذ بداية سنة 2019، عقدت قطر العديد من الاجتماعات الوزارية والرئاسية مع العديد من الدول على غرار رواندا وتنزانيا والسودان وإثيوبيا وغانا وساحل العاج والصومال وغينيا ومدغشقر.

 

بالإضافة إلى ذلك، تؤكّد زيارة الرئيس الرواندي، بول كاغامي، للدوحة في تشرين الثاني/نوفمبر ونيسان/أبريل على تواصل العلاقة بين البلدين.