صحافة دولية

ميدل إيست آي: هكذا تأثر بناء نوتردام بالمعمار الإسلامي

ميدل إيست آي: تراث نوتردام أقل أوروبية مما يعتقد الناس- جيتي

نشر موقع "ميدل إيست آي "مقالا للخبيرة في ثقافة الشرق الأوسط، ديانا ديرك، تقول فيه إن تراث نوتردام أقل أوروبية مما يعتقد الناس.

 

وتقول ديرك في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، إنه "في الوقت الذي كنا نشاهد فيه احتراق كاثدرائية نوتردام في باريس يوم الاثنين، كان المثير أن هناك من الناس تعرف أن تصميم الكاثدرائية المعماري في باريس، من برجيها المحيطين بمدخلها المفصل ونوافذها الوردية الشكل، وأقواس القاعات، والبرج يدين بشكل كبير لصروح معمارية سبقتها في الشرق الأوسط".

 

وتشير الكاتبة إلى أن "المديح من أنحاء العالم كله انهمر يثني على موقع الكاثدرائية، بصفته رمزا لإرثنا وهويتنا الأوروبية، وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في كلمة وجهها للشعب قائلا: (كلنا نحترق)".

 

وتقول الخبيرة: "لنبدأ بتصميم البرجين، فأول مثال على هذا يقف في جانب هضبة في شمال غرب سوريا، في محافظة إدلب في كنيسة بنيت من حجر الجير أواسط القرن الخامس". 

 

وتلفت ديرك إلى أنه "يطلق على ذلك البناء قلب اللوزة، ويشاد به باعتباره أفضل مثال على معمار الكنائس السوري لا يزال محفوظا، فهي كنيسة بحجم مناسب، وقاعاتها عريضة، وهي سابقة لما أصبح يعرف بالفترة الرومانية".

 

وتبين الكاتبة أنه "في اعتراف متأخر بأهميتها وضعتها اليونيسكو على قائمة التراث العالمي عام 2011، تحت عنوان قرى قديمة من شمال سوريا، التي تعرف محليا بـ(المدن الميتة)، وهي عبارة عن تجمعات من حوالي 800 مستوطنة بيزنطية مبنية من الحجر، وتحتوي على 2000 كنيسة يعود تاريخها للقرنين الرابع والسادس، وأطلق عليها اسم (المدن المنسية) من وزارة السياحة قبل الحرب".

 

وتفيد ديرك بأن الكنيسة تنقسم من داخلها إلى ثلاثة أجزاء، يتوسطها الصحن، ويتكرر التثليث فيها، ففيها ثلاثة ممرات، وهناك ثلاثة اعمدة في كل جانب من جوانب الصحن، وثلاث نوافذ في الواجهة الرئيسية، وثلاث نوافذ في حنية الكنيسة، وثلاثة أقواس تفصل الممرات الجانبية.

 

وتنوه الخبيرة إلى أنه "كان للصحن سقف خشبي في الأساس، لكنه ذهب منذ زمن، إلا أن العقد الذي يغطي حنية الكنيسة لا يزال قائما، وعندما رأى الصليبيون الفرنجة هذه التصميمات في القرن الثاني عشر الميلادي عادوا بالفكرة إلى أوروبا".

 

وتقول ديرك: "ما نسميه اليوم القوس القوطي، الذي كان سائدا في بناء نوتردام وفي كل الكاثدرائيات العظيمة في أوروبا، تطور من القوس المدبب، هو تصميم معماري شوهد ابتداء في مسجد ابن طولون في القاهرة، وقام تجار أمالفي (جنوب غرب إيطاليا) بنقل التصميم إلى صقلية".

 

وتؤكد الخبيرة أن "المسلمين قاموا من خلال علمهم المتقدم في الهندسة وقوانين الميكانيكا الساكنة، بتطوير حذوة الحصان، (ويعرف أيضا بالقوس الموريسكي، الذي شوهد ابتداء في المسجد الأموي، ثم طوره الأمويون أكثر في الأندلس في مسجد قرطبة الكبير) والقوس المدبب؛ ليعطي ارتفاعا أكبر من القوس التقليدي".

 

وتبين ديرك أن "أول مبنى استخدم في أوروبا كان دير مونتي كاسينو في 1071، الذي موله تجار أمالفي، ثم انتقل شمالا إلى دير كلاني، الذي احتوى على 150 قوسا مدببا في ممراته، وانتشرت هذه التصاميم الجديدة من هذين الديرين المهمين في أنحاء أوروبا، حيث أن الأقواس المدببة (القوطية) أقوى من الأقواس الدائرية التي استخدمها كل من الرومان والنورمان، وهو ما سمح ببناء بنايات أكبر وأطول وأجمل وأعقد مثل الكاثدرائيات الكبيرة في أوروبا". 

 

وتوضح الكاتبة أن "نقلا معماريا آخر في كاثدرائية نوتردام عن المسلمين يتجسد في التقبيب (الهيكل التسقيفي المعماري المكور) الذي يعود تاريخه إلى قصر الأخيضر العباسي في العراق، أما النوافذ الوردية فشوهدت ابتداء في القرن الثامن في القصر الأموي في خربة المفجر، بالقرب من أريحا، وكذلك البرج، الذي انهار في الحريق، فأول برج عرف كان في المسجد الأموي في دمشق، الذي بني في القرن الثامن". 

 

وتشير ديرك إلى أنه "في إنجلترا بني أول برج على كاثدرائية سانت بولص عام 1221، واحترق في حريق لندن العظيم عام 1666، وقام كريستوفر رين بإعادة بنائه عام 1710، ويعد كريستوفر رين من عاشقي الفن الإسلامي، وبحث بإسهاب في المساجد الموريسكية والعثمانية".

 

وتنقل الخبيرة عن رين، قوله: "أما القوط"، في إشارة إلى النموذج "القوطي"، "فكانوا مدمرين أكثر منهم بناة: وأعتقد أنه يجب وبمنطقية أكثر أن يدعى النموذج العربي المسلم". 

 

وتختم ديرك مقالها بالقول إن "هذا المزيج بين القبة والبرج في سانت بولص، ومع تصاميم الممرات والقباب، يظهر تأثرا كبيرا بالمعمار الإسلامي، الذي هو واضح أيضا في نوتردام".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)