صحافة دولية

"السلطوية 2.0": كيف تقمع السعودية والإمارات المعارضين؟

الموقع أضاف أن ابن سلمان سجل حضوره من خلال شن حملة قمع ضد مكونات المجتمع المدني- واس

نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني تقريرا تحدث فيه عن سعي دول الخليج المتواصل لكتم صوت المجتمع المدني وإرساء أنظمة سياسية سلطوية في جميع أنحاء المنطقة من أجل تضييق الخناق على النشطاء الحقوقيين.
 
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن تضحية أحد الباعة المتجولين التونسيين بنفسه من خلال إضرام النار في جسده في شهر كانون الأول/ ديسمبر من سنة 2010، ساهمت في كسر حاجز الخوف لدى الشعوب العربية، التي ظلت صامتة نتيجة سياسات القمع والترهيب التي مارسها الحكام المستبدون لعقود.

وتجدر الإشارة إلى أن محاولة محمد البوعزيزي اليائسة في الاحتجاج على الوضع أثارت موجة من الحراك الشعبي والعصيان داخل المجتمع المدني، ما انجر عنه اندلاع ثورات الربيع العربي التي نجحت، في نهاية المطاف، بالإطاحة بأبرز رموز الدكتاتورية في البلدان العربية.
 
وأشار الموقع إلى أن الأوضاع السياسية والاجتماعية في العالم العربي تدعو إلى القلق عوضا عن التفاؤل. ففي حين أدت أهوال الحروب الأهلية في سوريا وليبيا واليمن إلى إخماد الأصوات الداعية إلى التغيير، علاوة عن انتصار القوى الرجعية في كل من مصر والبحرين، كانت تونس البلد الوحيد الذي أحرز تقدما نسبيا من خلال تحقيق درجة من التحرر على الصعيدين الاجتماعي والسياسي.  

وذكر أنه تزامنا مع ثورات الربيع العربي، شهدت منطقة الخليج ظهور اثنتين من القوى المضادة للثورة، تحديدا الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية بقيادة الأميرين الطموحين، محمد بن زايد ومحمد بن سلمان. وقد قابل وليا العهد محاولات البلدان العربية للتحرر اجتماعيا وسياسيا بالسعي للحفاظ على الأنظمة السلطوية.

اقرأ أيضا: معارضة سعودية: إلى متى يمكن للملك سلمان حماية نجله؟

وأفاد بأن حراك المجتمع المدني الذي خلق انشقاقات واحتجاجات واسعة النطاق في جميع أرجاء البلدان العربية بين سنتي 2010 و2011، دفع كلا من ابن زايد وابن سلمان إلى تكثيف جهودهما من أجل التصدي للمبادئ والمفاهيم التي تناضل من أجلها المجتمعات العربية. ومن الواضح أن حملة ابن زايد وابن سلمان لا تستهدف فقط محيطهما الضيق بل تشمل أيضا المنطقة العربية بأكملها.
 
وفي ظل الاهتمام المتزايد بالأحداث السياسية، يعمل كل من بن زايد وبن سلمان على استبعاد المجتمع المدني الذي من المفترض أن يكون فضاء يفتح المجال أمام الشعوب لمناقشة مصيرها والطعن في القرارات التي تتخذها الحكومات حول المشهد السياسي. وبمجرد أن قوبلت تنديدات مكونات المجتمع المدني ومساعيها لتغيير الوضع السياسي الراهن بالعنف والقمع، قرر نشطاء المجتمع المدني التصعيد والانتقال من مجرد انشقاق إلى القيام بثورة.

ونوه الموقع إلى أنه بالنسبة لأبوظبي والرياض، يمثل وجود حيز عام يكرس التعددية وقادرا على انتقاد الأوضاع السياسية والاجتماعية الراهنة بكل حرية كابوسا. ويؤمن وليا العهد بأن التخلي، ولو بقدر ضئيل، عن السيطرة على النقاشات التي تدور داخل هذا الحيز العام، سواء كان ذلك عبر شبكة الإنترنت أو على أرض الواقع، من شأنه أن يزعزع الأسس التي تقوم عليها الدولة البوليسية التي يرغبان في إرسائها.

في وقت لاحق، وجهت الإمارات العربية المتحدة أنظارها نحو ليبيا، حيث حاولت تجنب احتمال أن تساهم أوضاع ما بعد الثورة في ازدهار التعددية السياسية ومنح فرص متكافئة لظهور الحركات العلمانية والإسلامية. وقد حرصت الإمارات على تطبيق الاستراتيجية ذاتها في اليمن.

وأضاف الموقع أن محمد بن سلمان سجل حضوره لاحقا من خلال شن حملة قمع ضد مكونات المجتمع المدني في السعودية سنة 2016. ونسجا على منوال مرشده في أبوظبي، لم يكتف ابن سلمان باستهداف المنشقين السياسيين، الذين أرسل معظمهم إلى السجن أو المنفى، بل حرص أيضا على استبعاد قادة الفكر والنشطاء الذين من شأنهم أن يساهموا في التأثير والتعبئة ضد النظام.

 

اقرأ أيضا: إهمال معتقلة بالإمارات تصارع السرطان وتشديد على زيارة أهلها

وتعكس هذه الممارسات الجهود المكثفة التي تبذلها الدولة في سبيل ضمان احتكارها للمشهد العام. لكن مع وجود أكثر من 11 مليون حساب تويتر في السعودية فقط، يبدو أنه من الصعب التحكم في جميع النقاشات التي تدور داخل الحيز العام. ومن أجل استعادة السيطرة على مواقع التواصل الاجتماعي، لجأ كل من محمد بن سلمان ومحمد بن زايد إلى عمليات التخريب السيبراني.

وأورد الموقع أن نظام السلطوية 2.0 يعول على تعزيز تأثير قادة الرأي الذين يتناولون مواضيع غير مسيسة على مواقع التواصل الاجتماعي، على غرار المدون الإماراتي خالد العماري، الذي يشد انتباه عشرات الآلاف من متابعيه من خلال نقل رسائل إيجابية حول الحياة الأسرية في الإمارات. وتعد الحملات التي يقع تنسيقها من طرف الحكومات المستبدة، بمثابة ترويض سياسي لتحويل انتباه المجتمع المدني نحو مواضيع تخص الترفيه وأسلوب الحياة، بعيدا عن أي نشاط يتعلق بالمجال السياسي.

وفي الختام، أشار الموقع إلى أن نجاح الأنظمة السلطوية 2.0 قد لا يقتصر على طمس الحقائق وإخماد أصوات المجتمع المدني في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة فقط، بل من المحتمل أن يمنح الفرصة للدكتاتوريين في جميع أنحاء العالم العربي لمضاعفة ممارساتهم القمعية ضد المعارضين في بلدانهم.