سياسة عربية

آلاف من موظفي السلطة بغزة بلا رواتب بفعل إجراءات عباس (شاهد)

قطع الرواتب طال موظفين وأسرى ومحررين وعوائل شهداء- تويتر

تسود قطاع غزة حالة من الغضب والسخط الشديدين بعد أن أقدمت وزارة المالية برام الله على قطع رواتب آلاف الموظفين التابعين لحكومة الوفاق، في إطار اجراءات عقابية جديدة اتخذها رئيس السلطة محمود عباس في غزة.

ووصل عدد المقطوعة رواتبهم إلى ما يزيد على خمسة آلاف من الموظفين المدنيين والعسكريين في غزة فضلا عن مئات آخرين من الأسرى والمحررين والجرحى وذوى عوائل الشهداء، بحسب إحصاءات غير رسمية، وذلك في إطار تشديد الإجراءات العقابية التي اتخذها عباس في نيسان/ أبريل2017 تحت ذريعة استعادة قطاع غزة، وإنهاء حكم حماس فيه. وسط تفاقم أزماته وتردي الأوضاع الاقتصادية والإنسانية فيه.

 

ورجحت مصادر مطلعة لـ"عربي21 أن يكون قطع رواتب آلاف الموظفين والشرائح الأخرى عن شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي جرى بسبب الخلاف الحاد بين عباس والقيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان، حيث يعتقد أن هؤلاء الموظفين يتبعون له، فضلا عن قطع رواتب مئات آخرين ممن يعتقد أنهم يتبعون لتنظيمات أخرى من بينها حركتا فتح وحماس.


وتوقعت المصادر أن تتصاعد حدة الاجراءات العقابية ضد قطاع غزة خلال الفترة القليلة القادمة، مدفوعة بتصاعد حدة المناكفات السياسية بين حركتي فتح وحماس بعد تعثر المصالحة ووصولها إلى طريق مسدود. ومن بين هذه الاجراءات المتوقعة قطع مزيد من رواتب الموظفين، وإحالة بعضهم إلى التقاعد، إضافة إلى تقليص حجم امدادات الكهرباء إلى قطاع غزة.

مركز الميزان لحقوق الإنسان قال في بيان له اطلعت "عربي21" عليه، إن استمرار السلطة الفلسطينية في قطع رواتب الموظفين العموميين يخالف محددات القانون الفلسطيني، وينطوي على خطورة بالغة على المجتمع برمته، لاسيما أن الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة تشهد تدهورًا غير مسبوق.

 

وأشار المركز إلى أن مثل هذه الإجراءات ستكون لها انعكاسات واضحة على أوضاع حقوق الإنسان والأوضاع الإنسانية، التي تعاني من تدهور مستمر بسبب سياسات الاحتلال والانقسام الفلسطيني. وأن الأثر السلبي الاقتصادي والاجتماعي سيتجاوز من قطعت رواتبهم بالكامل أو اقتطع جزء منها ليطال عموم سكان قطاع غزة وسيفاقم من ظاهرتي البطالة والفقر.

وتظاهر عشرات من موظفي السلطة الذين قُطعت رواتبهم الأربعاء، أمام منزل محمود عباس في غزة ضد قرار قطع الرواتب.


ورفع المتظاهرون، لافتات غاضبة منددة بقطع رواتبهم، فيما رفع بعضهم لافتات تدعو لبيع منزل رئيس السلطة في غزة( وهو مبنى مجلس الوزراء المؤقت) لـ"سداد مديونياتهم المتراكمة".





ولاقت الخطوة إدانات شعبية وفصائلية واسعة، حيث قالت حركة حماس على لسان القيادي فيها سامي أبو زهري أن "مجزرة الرواتب" جريمة ضد الإنسانية، معبرا عن استغرابه من صمت الدول المانحة على توظيف أموالها لأغراض إنسانية، فيما أكد الناطق باسم حماس عبد اللطيف القانوع أن قطع الرواتب وملاحقة الناس والتضييق عليهم بلقمة عيشهم "سلوك لا إنساني مجرد من كل الأخلاق ويستهدف صمود شعبنا ومحاولة تركيعه".

من جانبها، وصفت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين قطع الرواتب بـ"جريمة أخلاقية ووطنية".ونبهت في بيان صحفي إلى أن ذلك سيؤدي إلى المزيد من تدهور الأوضاع في القطاع وتفاقم معاناة المواطنين، وإلى مخاطر سياسية كبيرة تفتح الباب واسعًا أمام انفصال القطاع. بحسب وكالة صفا.

واعتبرت الجبهة أن أساليب الخداع التي تتعامل بها قيادة السلطة حول ملف الرواتب والأوضاع في غزة لن تنطلي على أحد، ولا يمكن تبريرها على الإطلاق سوى محاولة لابتزاز شعبنا ووضعه رهينة للخلافات السياسية.

أما حركة الجهاد الإسلامي فقالت إنها فوجئت بقرار قطع رواتب مئات من الأسرى والأسرى المحررين وعوائل الشهداء، مشددة على أن أي خطوة في هذا الاتجاه تأتي متساوقة مع الاحتلال الذي سعى دائماً لتركيع عوائل الشهداء والأسرى من خلال قطع رواتبهم.

ودعت "الجهة التي اتخذت هذا القرار الجائر الرجوع عنه فوراً لأنه يتنافى مع أبسط مبادئ وأخلاقيات شعبنا، وجميع الأخوة الفاعلين والمؤثرين وذوي الصلة وخاصةً الأخوة في حركة فتح العمل على إلغاء هذا القرار الجائر".

وفي موقف لافت أدانت اللجنة القانونية في حركة فتح بغزة زيادة وتيرة الإجراءات العقابية التي تتخذها السلطة الفلسطينية ممثلة برئيس السلطة محمود عباس بحق الموظفين العموميين المدنيين والعسكريين في محافظات غزة.

ولفتت إلى أن ذلك يأتي في ظل ظروف اقتصادية وإنسانية صعبة للغاية في قطاع غزة، مما يشكل انتهاكًا جسيمًا لحقوق الموظفين والجرحى والأسرى وعائلات الشهداء بطريقة مخالفة للقانون الأساسي الفلسطيني الذي نص على أن "العقوبة شخصية، وتمنع العقوبات الجماعية، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي".

وأكدت اللجنة القانونية بفتح أن قطع رواتب الموظفين المدنيين والعسكريين ورواتب الأسرى والجرحى وعائلات الشهداء في محافظات غزة جريمة إنسانية.

من ناحيتها، أكدت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين رفضها وإدانتها لسياسة قطع رواتب موظفي السلطة الفلسطينية وأسر الشهداء والجرحى، واستمرار الخصومات بحق الموظفين والأسرى والمحررين وتفريغات 2005 في قطاع غزة.

وقالت في بيان لها إنها ترفض هذه السياسة الممنهجة التي تحاول امتهان كرامة الموظفين أو النيل من صمودهم في لقمة عيشهم وحقهم في الحياة الكريمة"، مؤكدة على أحقية الراتب لكل موظف أو كل أسير أو شهيد أو جريح، دون تمييز.

يشار إلى أن السلطة الفلسطينية برئاسة عباس، تفرض عقوبات على قطاع غزة منذ نيسان/ أبريل 2017 ضمن مساعي ما تسميها "خطوات تهدف لإعادة القطاع للشرعية"، وتتضمن العقوبات تقليص كميات الكهرباء الواردة لغزة، إلى جانب تخفيض نسبة رواتب الموظفين العموميين التابعين للسلطة في القطاع.

ويحذر مسؤولون في السلطة من اتخاذ مزيد من العقوبات ضد غزة، في حال لم تسلم حركة حماس كامل المسؤوليات الأمنية والمدنية في القطاع، في حين تطالب الأخيرة بتنفيذ اتفاق المصالحة 2011، الذي ينص على خطوات تشاركية في السلطة واتخاذ القرار الوطني.