ملفات وتقارير

مختصون: تراجع مخصصات السلطة للقدس يزيد من تهويدها

يقدر عدد الفلسطينيين في القدس بنحو 280 ألف مواطن وهم يشكلون بذلك ثلث سكان المدينة- جيتي

في الوقت الذي تتعرض فيه القدس لأكبر حملة تهويد تقودها سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد الوجود الفلسطيني في المدينة، كشفت بيانات لوزارة المالية في رام الله في تقريرها السنوي قبل أيام عن تراجع مخصصات المدينة من موازنة السلطة بنسبة 18 بالمئة.


وتشير البيانات التي اطلعت عليها "عربي21" أن مخصصات المدينة من موازنة السلطة للعام 2017 بلغت 76 مليون شيكل سنويا، في حين تراجعت إلى 61 مليون شيكل للعام 2018، (سعر صرف الدولار مقابل الشيكل يساوي 3.7)، وتم تخصيص 9.8 ملايين شيكل لبند الرواتب والأجور.


على الجانب آخر، وصلت مخصصات مدينة القدس من موازنة دولة الاحتلال للعام الماضي إلى 7.5 مليارات شيكل، وهي أكثر بـ 125 ضعفا مما تخصصه السلطة للمدينة.


في حين، أشار وزير شؤون القدس عدنان الحسيني في 10 من حزيران/ يونيو 2016، أن مخصصات مدينة القدس من موازنة السلطة لم تتجاوز حاجز 25 مليون شيكل لعامي 2015 و2016، ولم يصرف منها سوى 50 بالمئة بحجة الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة.


ويقدر عدد الفلسطينيين في القدس بنحو 280 ألف مواطن وهم يشكلون بذلك ثلث سكان المدينة البالغ عددها 850 ألفا، في حين يعاني المقدسيون من إجراءات بلدية الاحتلال التي لا تتوقف عن فرض رسوم باهظة تحت مسميات كثيرة، بهدف إجبارهم على ترك المدينة، بما يسمح بتغيير الواقع الديموغرافي لصالح اليهود.


وأشارت صحيفة "هآرتس" العبرية في تقرير لها في 22 من حزيران/ يونيو 2016، إلى أن 82 بالمئة من السكان العرب في القدس يقبعون تحت خط الفقر، وهذا المؤشر في حالة ارتفاع مستمر بنسبة 2.5 بالمئة منذ العام 2010.


غياب المشاريع التطويرية


من جانبه، أشار الخبير المقدسي جمال عمرو إلى أن "مخصصات السلطة الفلسطينية للقدس تنفق بشكل أساسي على دفع رواتب الموظفين التابعين لها في مؤسسات التعليم والصحة، وبعض الدوائر الحكومية الأخرى الذين لا يتعدى عددهم 150 موظفا فقط".


وأفاد بأن "الجزء الآخر من هذه الموازنة ينفق على نشاطات رياضية وفعاليات مسرحية وغنائية تحت شعار دعم صمود سكان المدينة، دون أن تعود بالنفع على سكان المدينة الذين يعانون من الفقر والبطالة بسبب إجراءات بلدية الاحتلال بحقهم".

 

اقرأ أيضا: حملة لدعم المقدسيات وتعريف العالم بمعاناتهن (شاهد)


وأضاف الخبير المقدسي لـ"عربي21": "منذ تسلم محمود عباس رئاسة السلطة في العام 2005، لم تقم السلطة بإنشاء أي مشروع تحت مسمى تطوير البنى التحتية أو التنمية الاقتصادية، وما نلاحظه في المدينة هو تراجع تدريجي في نشاطات البلدية، وتحويل جزء من برامجها الخدماتية إلى شركات خاصة كجزء من خطة تعدها السلطة على ما يبدو للانسحاب من المدينة".


وتابع عمرو قائلا: "لا يختلف مستوى المعيشة لسكان القدس عن غيرهم في المناطق الفلسطينية فمتوسط الدخل الشهري لا يتجاوز حاجز 800 دولار شهريا، وهذا التدني في مستوى الدخل يرافقه ارتفاع في الأسعار خصوصا في العقارات التي تصل قيمتها إلى 500 ألف دولار، لذلك طالبنا السلطة في أكثر من مناسبة بتخصيص جزء من موازنتها لإقامة وحدات سكنية للشباب المقدسي، نظرا لحاجة المدينة لنحو 30 ألف وحدة سكنية بشكل طارئ ثم بيعها لسكان المدينة بأسعار التكلفة لتفادي محاولات الابتزاز التي تمارسها جمعيات الإسكان الإسرائيلية، ولكن رفضت السلطة القبول بهذه المطالب دون إبداء الأسباب لذلك".


ضغوط عربية


على جانب آخر، نوه وزير شؤون القدس السابق حاتم عبد القادر إلى أن "الإقرار بعجز السلطة عن توفير خدمات حقيقية لفلسطينيي القدس هو أمر لا شك فيه، ولكن ذلك مرتبط بمجموعة من الأسباب من أبرزها، وجود عوائق تضعها سلطات الاحتلال الإسرائيلي أمام تنفيذ مشاريعها بحجة عدم امتلاكها لسيادة حقيقية في المدينة، كون هذه المناطق تقع تحت سيطرة بلدية القدس التابعة للاحتلال".


وأقر الوزير السابق في حديث لـ"عربي21" "بوجود ضغوط من دول عربية لعدم صرف السلطة الفلسطينية لمخصصاتها في القدس أو إقامة أي مشاريع تخدم المقدسيين، أو تعزز صمودهم ضد الإجراءات الإسرائيلية"، مضيفا أن "الدول العربية لم تفِ بوعودها التي قطعتها في مؤتمر مدينة سرت الليبية في آذار/ مارس 2010، بدعم القدس بـ420 مليون دولار".


وأشار إلى أن "ما صرف منها 35 مليون دولار فقط، أما مؤتمر القمة الثاني الذي عقد في الدوحة في العام 2012 فقد أقر بتخصيص مليار دولار لدعم 13 برنامجا وقطاعا اقتصاديا في المدينة ولكن لم يصرف منها قرشا واحدا".


حجة الأزمة المالية


في المقابل، لفت مقرر لجنة القدس في المجلس التشريعي أحمد أبو حلبية إلى أن "المجلس التشريعي حينما استلم مهامه في العام 2006، قدم دراسة مفصلة لوزارة المالية تطالب فيها بتخصيص 750 مليون دولار سنويا لدعم مدينة القدس، وذلك تلبية لاحتياجات المدينة من مشاريع إسكانية وخدماتية من بينها تخصيص مبلغ 200 مليون دولار لحماية العقارات العربية من التسريب لجمعيات الاستيطان".


وأضاف أبو حلبية لـ"عربي21": "تذرعت وزارة المالية آنذاك بوجود أزمة مالية لا تستطيع من خلالها تخصيص هذا المبلغ للقدس، وأن ما يصرف على المدينة بقيمة 20 مليون دولار سنويا يكفي لاحتياجات السكان".