ملفات وتقارير

دوافع وتداعيات.. تواصل ظاهرة الانتحار داخل جيش الاحتلال

جميع المنتحرين لم يكونوا معلومين لدى جهات الصحة العقلية- جيتي

يكشف استمرار ظاهرة الانتحار داخل منظومة جيش الاحتلال الإسرائيلي، عن وجود معضلة عسكرية، باتت تؤثر وفق مختصين على قوة هذا الجيش الذي يعاني من تراجع في الروح القتالية لجنوده.

تفشي العنصرية

وأكدت صحيفة "هآرتس" العبرية، أن هناك استمرارا في حوادث الانتحار داخل الجيش الإسرائيلي، موضحة أن "تسعة جنود قتلوا عام 2018، في ظروف يشتبه بأنها حالات انتحار، وفي عام 2017 سجل الجيش الإسرائيلي 16 حالة انتحار، وفي كل واحدة من السنوات الثلاث التي سبقتها، تم تسجيل 15 حالة انتحار".

وأوضحت أن من بين التسعة المنتحرين ثمانية رجال، و"جميعهم باستثناء واحد، كانوا يؤدون الخدمة الإلزامية"، منوهة أن المعلومات الواردة من قسم القوى البشرية في الجيش، تفيد بأنه "لم يكن أي من المنتحرين معروفا لنظام الصحة العقلية التابع للجيش أو لسلطات الرفاه المدنية".

وذكرت الصحيفة، أن "ثمانية من المنتحرين هم من مواليد إسرائيل، بينما التاسع هو مهاجر من بلد أجنبي"، مبينة أن إجمالي عدد الجنود الإسرائيليين القتلى بلغ 43 جنديا إسرائيليا خلال العام الماضي؛ كما أصيب في ذات العام 41 جنديا "بجروح خطيرة".

وحول أهم دوافع وتداعيات الانتحار داخل جيش الاحتلال، أوضح الباحث في الشأن الإسرائيلي، عماد أبو عواد، أن "هناك العديد من مسببات ودوافع الانتحار داخل الجيش الإسرائيلي، منها سوء المعاملة وقسوتها من قبل الكثير من الضباط وكبار المسؤولين، وتفشي العنصرية داخل الجيش؛ وهي الدافع الأكبر والأهم".

التدريب المكثف

وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "وجود شعور لدى شريحة كبيرة من الشباب الإسرائيلي، بأنهم مجبرون على هذه الخدمة التي تعرض حياتهم للعديد من المخاطر، وهو ما يظهر في خوف الجنود من المواجهة".

ونبه أبو عواد، أن "استمرار انتحار الجنود الإسرائيليين خلال فترة خدمتهم وإن كان بأعداد قليلة، له انعكاسات نفسية سلبية على المنظومة المؤسساتية العسكرية الإسرائيلية، وعلى باقي الجنود وخاصة النظاميين البالغ عددهم نحو 160 ألف جندي".

إقرأ أيضا: رئيس أركان جيش الاحتلال الجديد يتسلم مهامه خلفا لآيزنكوت


ولفت المختص، إلى أن "جزءا من حوادث الانتحار هذه، مرتبط بتنفيذ عمليات فلسطينية بين الفينة والأخرى تستهدف جنود الاحتلال"، مؤكدا أن "أكبر ما يؤثر بشكل سلبي على قوة الجيش الإسرائيلي، هي تراجع الرغبة والروح القتالية لدى الجنود الإسرائيليين".

من جانبه، أوضح المختص في الشؤون الإسرائيلية، سعيد بشارات، أنه "ضمن مشاكل أخرى، تعتبر ظاهرة الانتحار داخل جيش الاحتلال وخاصة في الوحدات الخاصة، من المساوئ والإشكاليات التي تسجل ضد رئيس هيئة أركان الجيش المنتهية ولايته غادي آيزنكوت".

ونوه في حديثه لـ"عربي21"، أن "انتحار جنود الاحتلال، هي ظاهرة ليست وليدة عام وعامين، ولكنها زادت خلال فترة ولاية آيزنكوت، وخاصة الانتحار داخل المعسكرات".

وذكر بشارات، أن "الأمر وصل ببعض الجنود إلى الانتحار هربا من التدريب المكثف الذي فرضه آيزنكوت على القوات البرية، التي أراد أن يصنع منها قوات رأس حربة في أي حرب مقبلة؛ قد تقع لتدهور الوضع نتيجة إحدى العمليات السرية التي بنى عليها حربه الحالية مع العدو؛ والتي باتت تعرف بمصطلح الحرب بين الحروب".

حدة المواجهات

ورأى أن "الشدة التي خلقها آيزنكوت أدت لقتل الحافزية لدى الجيل الإسرائيلي الشاب لدخول الجيش، وفضل هذا الجيل الانخراط في الوحدات الإلكترونية التي تدر المال ويعتبرها البعض أفضل لمستقبله من الوحدات القتالية التي قد يقتل فيها".

ولفت المختص، إلى أن "هناك من جنود الاحتياط خاصة في الفترة الحالية الحساسة من انتحر لأن المهام التي طلبت منه أعلى من قدراته؛ علما بأن الاحتياط شرع في الخدمة الحالية لفترات طويلة تعطل أعمالهم".

وأضاف: "ينتظر الجميع الآن في دولة الاحتلال أن ينقشع الغبار وتمر الأيام، حتى يعرفوا ما الذي أفرزته خطة آيزنكوت التي انتحر من أجلها وبسببها الكثير من الجنود، وهل كانت ذات قيمة تستحق هذا العدد من الجنود الذين انتحروا خلال التدريب؟".

وإضافة لما سبق، فقد ربط المختص في الشأن الإسرائيلي مأمون أبو عامر، بين ارتفاع عدد الجنود الإسرائيليين المنتحرين وبين ارتفاع حدة المواجهات مع جيش الاحتلال، وأكد أن "ارتفاع حدة الصراع مع الطرف الفلسطيني، يساهم بشكل كبير في زيادة حالات انتحار جنود الاحتلال".

وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "مما يؤكد هذا، أن العدد في العام الأخير تراجع، وهي السنة الأقل حدة في المواجهات مع جيش الاحتلال"، مؤكدا أن "انتحار الجنود الإسرائيليين خلال فترة الخدمة الإجبارية، يؤكد العلاقة بين ارتفاع عدد المنتحرين بالصراع والخوف من المواجهة".