ملفات وتقارير

تونس تحيي الذكرى الثامنة للثورة على وقع أزمات خانقة

يأتي إحياء الذكرى الثامنة للثورة على وقع إضراب عام في القطاع العمومي لايزال اتحاد الشغل متمسكا به

يحيي التونسيون الاثنين الذكرى الثامنة لاندلاع  الثورة وهروب الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي للسعودية، على وقع أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة، وتناحر سياسي، وترقب لإضراب عام دعا له اتحاد الشغل.

وبينما اختارت حركة النهضة الاحتفال على طريقتها الخاصة بذكرى الثورة عبر استضافة الفنان العربي حمود خضر ضمن حفل فني بشارع الثورة، دعت الجبهة الشعبية أنصارها للاحتجاج ضد حكومة الشاهد وحليفته النهضة، محملة إياهم تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي.


وقالت الجبهة في بيان لها، إن الثورة تأتي "في سياق أزمة شاملة وعميقة تسبّبت فيها سياسيات الائتلاف الحاكم، وأوصلها إلى حالة غير مسبوقة من التدهور والانهيار".


ودعت الحركة من أسمتهم بالمتضررين من سياسات الائتلاف الحاكم إلى "المقاومة الشعبية بالوسائل المدنية والمشروعة كافة، دفاعا عن سيادته الوطنية وحقوقه الاجتماعية ومكتسباته الديمقراطية.".

وفي هذا السياق، اعتبر الأمين العام للتيار الشعبي زهير المغزاوي في تصريح لـ"عربي21" أن المسار الثوري الذي انطلق في 2011 لم يستكمل بعد أهدافه.

وعزا ذلك إلى ما وصفه بـ"تحالف  قوى الثورة المضادة من الإسلام السياسي، المتمثل بحركة النهضة والمنظومة القديمة لفلول بن علي وتكتل لوبيات المال وقوى الهيمنة الخارجية".


وأضاف: " إذا ما استثنينا الجانب المتعلق بالحريات، فإن التونسيين وجدوا أنفسهم في المربع ذاته منذ 2011، والمتعلق بالمطالبة بالتشغيل والعدالة الاجتماعية ".

وأوضح في ختام حديثه أن حزبه سيكون موجودا بشارع الثورة ضمن ائتلاف الجبهة الشعبية، "ليس بهدف الاحتفال بقدر ما هو إحياء لذكرى الثورة وتكريما لشهدائها، وتذكير بأهم المطالب التي اندلعت من أجلها".

نجاح الثورة

مقابل ذلك، اعتبر القيادي وعضو مجلس شورى حركة النهضة زبير الشهودي في تصريح لـ"عربي21"، أن الثورة التونسية على خلاف باقي الثورات العربية نجحت في إتمام مسارها الديمقراطي، من خلال التداول السلمي على السلطة وتنظيم انتخابات حرة وشفافة ونزيهة، بعيدا عن منطق الانقلابات الدموية.

لكنه أقر مقابل ذلك بصعوبة الوضع الاجتماعي والاقتصادي الذي تمر به البلاد، لافتا إلى أن المسؤولية لا تتحملها فقط الأحزاب الحاكمة، بل المعارضة التي تفتقر لأطروحات بديلة، مكتفية بالمعارضة من أجل إضعاف الحكومة.

وخلص إلى أن "النخبة السياسية فشلت في إدارة حوار اقتصادي واجتماعي، يخرج البلاد من أزمتها الحالية، لكنها أيضا نجحت في إدارة حوار فيما بينها دون الانزلاق لمنطق العنف والاحتراب".

وكانت حركة النهضة قد نشرت بيانا، ترحمت خلاله على شهداء الثورة وعلى أيقونتها محمد البوعزيزي، مؤكدة نجاحها رغم العراقيل.

وتابعت: "رغم الصعوبات والمخاطر، لا يزال الاستثناء التونسي قائما، ولا يزال كفاح شعبنا من أجل تثبيت مكاسبه مستمرّا.. ولكنّ عظَمةَ المكاسب السياسية التي تحققت لم تحجب عن التونسيين الحاجة الملحّة لاستكمال الأهداف الاجتماعية والاقتصادية والتنموية للثورة ".

ودعت في البيان ذاته  لـ"حوار وطني اقتصادي واجتماعي شامل يجمع كل القوى الوطنية، السياسية منها والاجتماعية، لمعالجة الصعوبات والمشاكل الاقتصادية وتوفير المُناخ الملائم لتحقيق الانتقال التنموي الاقتصادي والاجتماعي".

إضراب عام

ويأتي إحياء الذكرى الثامنة للثورة على وقع إضراب عام في القطاع العمومي لايزال اتحاد الشغل- أكبر منظمة نقابية عمالية- متمسكا بتنفيذه في 17 كانون الثاني/ يناير القادم، إثر تعثر المفاوضات الاجتماعية مع حكومة الشاهد.

وقال الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي خلال حشد بمحافظة سوسة الساحلية، إن الاتحاد ماض في جميع أشكال التصعيد لخوض الإضراب العام الذي سيشمل جميع القطاعات الحيوية بما فيها المواني البحرية والجوية.

ودعا الاتحاد منظوريه للاحتشاد في ذكرى الثورة أمام مقره النقابي بساحة محمد علي وسط العاصمة.


صعوبات اقتصادية


ويقول  الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان لـ"عربي21"، إنه "بعيدا عن المزايدات السياسية والحزبية، فإن الوضع الاقتصادي والمالي في تونس يعد في أسوأ حالاته، نتيجة سوء تصرف الحكومات المتعاقبة وخياراتها السيئة".


وأوضح أن نسبة التضخم شهدت نسقا تصاعديا من 2.5 بالمائة سنة  2010 إلى حدود  7.5 بالمائة في 2018 ، وبلغت نسبة الدين الخارجي مستويات خطرة، لتصل لحدود 90.3 بالمائة من الناتج القومي الإجمالي، بعد أن كانت بحدود 60 بالمائة قبل الثورة.


وحذر من تراجع نسبة النمو الاقتصادي، لتقتصر على  الخدمات غير المسوقة، والمداخيل المتأتية أساسا من الوظيفة العمومية بعد تراجع عدة قطاعات حيوية.


 ولفت إلى أن "هذا النمو المسجل خلال السنوات الأولى من الثورة بقطاع الوظيفة العمومية، ظاهره إيجابي، لكنه في الحقيقة لا يخلق ثروة ولا مواطن شغل إضافية، حيث بلغت نسبة البطالة بعد الثورة 15.5 بالمائة".


وأشار مقابل ذلك، إلى أن "إنقاذ الوضع الاقتصادي في البلاد لا يزال ممكنا لكن بكلفة أكبر، شريطة تخلص النخبة السياسية من تناحرها العقيم وقدمت مصلحة الوطن قبل الأحزاب" على حد تعبيره.

اقرأ أيضا: النهضة: التوافق بين الحكومة واتحاد الشغل قبل الإضراب قائم