تذكر التظاهرات
المناهضة للحكومة التي تهز
السودان منذ ثلاثة أسابيع بالانتفاضتين اللتين حصلتا في
1964 و1985 وأدتا الى الإطاحة بنظامين، لكن نتيجة التظاهرات الحالية تبدو غير
واضحة، بحسب المؤرخة البريطانية ويلو بيريدج الخبيرة في شؤون السودان.
- ما هي جذور
التظاهرات ضد النظام؟ -
كان سبب هذه التظاهرات
في الأصل رفع أسعار الخبز، لكنها تأتي في ظرف أعمق بكثير من ذلك.
ويحكم الرئيس عمر
البشير وحزبه المؤتمر الوطني البلاد منذ 1989 بعد
انتفاضة أطاحت في 1985
بالحكومة، وكانت آخر انتخابات ديمقراطية شهدها السودان في 1986. والنظام القائم حاليا
قامت ضده حركات احتجاجية عدة خلال السنوات الـ29 الماضية.
لكن بالنظر الى حجمها
وانتشارها في أنحاء البلاد ومستوى التعبئة الشعبية، فإن التظاهرات الحالية هي
الأكبر منذ بداية الحكم الحالي.
وكانت تمت الإطاحة
بالنظامين الأولين في تاريخ السودان (المستقل) في 1964 و1985 بانتفاضتين شعبيتين
تشبهان الى حد كبير الانتفاضة الحالية.
وبدأت
ثورة 1985 أيضا من عطبرة (شرق) كما هو شأن الاحتجاجات الحالية.
هل يمكن
للتظاهرات تحقيق أهدافها؟
استمرت التظاهرات الحالية
فترة أطول من الاحتجاجات السابقة. واحتاج محتجو 1964 سبعة أيام فقط للإطاحة
بالنظام، في حين تطلبت الإطاحة بنظام 1985 أحد عشر يوما. أما الحركة الاحتجاجية
الحالية فقد بدأت قبل 21 يوما، وهو ما يؤشر إلى صلابة مقاومة نظام البشير.
من جهة أخرى، أيدّ
الجيش والشرطة خلال الأزمتين السابقتين بسرعة المحتجين في الخرطوم. في الحالة
الراهنة وحتى الآن، يبدو أن البشير لا زال يحظى بتأييد معظم قوات الأمن.
ومن أسباب صمود النظام
أيضا ان البشير سياسي محنك معروف بقسوته، لكن أيضا بفاعليته. ولأنه كان منخرطا
بقوة في انتفاضة 1985، فإنه يعرف تماما كيف تمت الأمور. وهو لذلك عزز رقابته بشكل
منتظم على أجهزة الأمن ومنها جهاز الاستخبارات.
وعلاوة على الجيش
النظامي، يحظى البشير بدعم الكثير من الميليشيات الموازية القوية والمرتبطة به
شخصيا وبحزب المؤتمر الوطني الذي يتزعمه.
هل دعم قوى
الأمن للبشير مضمون تماما؟
لا يمكن الجزم بأن قوى
الأمن، سواء الجيش النظامي أو جهاز المخابرات، لن ينقلبوا يوما ضد البشير.
ففي 1985 وبعد 11 يوما
من الأزمة، تخلّى قائد الجيش عن الرئيس جعفر النميري، نتيجة ضغط من ضباطه الذين
تأثروا بدورهم بالضباط الأقل رتبة. وكان قبل تخليه بيوم واحد يقف تماما مع
النميري.
كما أن موقف
الإسلاميين سيكون له دور مهم. فهم إجمالا يدعمون نظام البشير منذ 29 عاما، لكنهم
منقسمون. فقد انشق فصيل منهم وشكل حركة معارضة.