صحافة دولية

فورين بوليسي: لماذا تشن السعودية حربا ضد عمر وطليب؟

فورين بوليسي: حملة عنصرية خليجية ضد عمر وطليب- جيتي

نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا للصحافية البريطانية المصرية علا سالم، عن الحملة التي تقودها السعودية ضد السياسيين الأمريكيين المسلمين، مشيرة إلى أنه بدلا من الاحتفاء بكل من إلهان عمر ورشيدة طليب، فإن ملكيات الخليج تقوم بشن حرب عنصرية ومتعصبة، والترويج لأخبار مزيفة لنزع المصداقية عن أحدث السياسيين في تاريخ أمريكا.

وتشير سالم في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن إلهان تعرضت لحملات من اليمين المتطرف في أمريكا بسبب حجابها، فقال قس متطرف اسمه إي دبليو جاكسون إن المسلمين يحاولون تحويل الكونغرس لجمهورية إسلامية، وذلك في رد على محاولات الديمقراطيين لرفع الحظر عن ارتداء الحجاب في قاعة مجلس النواب، لتستطيع النائبة الجديدة ممارسة مهامها.

وتقول الكاتبة إن نظريات المؤامرة ضد النجمات الصاعدات في الحزب الديمقراطي ليست جديدة، لكن الجديد هو الهجمات المنظمة من الخارج، خاصة من السعودية والإمارات. 

وتلفت سالم إلى أن الانتخابات النصفية وسعت الشكوك الموجودة في إعلام الشرق الأوسط حول نشاط المسلمين السياسي في الولايات المتحدة، واتهم الأكاديميون والصحف والمعلقون القريبون من حكومات الخليج وبشكل متكرر عمر وطليب وعبدول السيد، "الذي ترشح لمنصب حاكم ميتشغان وفشل"، بأنهم أعضاء سريون في جماعة الإخوان المسلمين، التي قالوا إنها معادية للسعودية والإمارات.

وتذكر الكاتبة أن موقع "العربية" السعودي نشر يوم الأحد مقالا لمح فيه كاتبه إلى أن عمر وطليب هما جزء من تحالف بين الحزب الديمقراطي والجماعات الإسلامية من أجل السيطرة على الكونغرس، واتهم كاتب المقال طليب وعمر "بمعاداة ترامب وفريقه وخياراته السياسية، خاصة سياسته الخارجية، بدءا من فرض العقوبات على إيران، إلى عزل جماعة الإخوان المسلمين وجماعات الإسلام السياسي كلها". 

وتنوه سالم إلى أن برنامجا حواريا على قناة "أم بي سي" السعودية ناقش تداعيات فوز المسلمتين، وأثر سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب، كما ناقش ذلك المذيع الشهير عمرو أديب مع الباحث في العلوم السياسية المعتز بالله عبد الفتاح، الذي أشار إلى أن سياسة ترامب الناجحة لمواجهة الإسلاميين ستتأثر من خلال انتصار الديمقراطيين. 

وتقول الكاتبة إن "الهجمات أصبحت واسعة الانتشار في دول الخليج وموضوعا للنقاش في التلفزيون وعلى الإنترنت، وفي بعض المرات يقوم المسؤولون في هذه الدول بإصدار تصريحات كهذه تعبيرا عن القلق من تأثر حملات اللوبي والعلاقات العامة المكلفة في أمريكا، فبعد ساعات من فوز عمر في الانتخابات اتهمها مسؤول في السفارة السعودية في واشنطن بالعضوية في جماعة الإخوان المسلمين، التي قال إنها تسربت إلى الحزب الديمقراطي، وكتب المستشار الثقافي  للدائرة الثقافية لبعثة السعودية في أمريكا فيصل الشمري، وهو جزء من السفارة ويكتب في قناة (العربية) تغريدة قال فيها: (ستكون معادية للخليج، وداعمة للإسلام السياسي ممثلا بالإخوان المسلمين في الشرق الأوسط)". 

وتفيد سالم بأن السيد، المولود في الولايات المتحدة لوالدين هاجرا من مصر، لاحظ الهجوم عليه خلال الحملة الانتخابية، لافتة إلى أن الإعلام في الشرق الأوسط ضخم من اتهامات منافسه الجمهوري باتريك كولبيك بأن السيد له روابط مع الإخوان، وقالت جريدة اليوم السابع المصرية إن خسارة السيد كانت بسبب علاقاته مع منظمة "أمة الإسلام" الراديكالية، وعلاقاته مع الناشطه الأمريكية المسلمة ليندا صرصور "المعروفة بأفكارها المتشددة".

وتنقل الكاتبة عن السيد، قوله إن النخب السياسية في مصر والسعودية والإمارات شعرت أنها مهددة من السياسيين الأمريكيين المسلمين. 

 

وترى سالم أن "قصة السيد تظل ملهمة للمواطن العربي والمسلم العادي، مع أن باراك أوباما، الذي كان أول رئيس اسود ينتخب لرئاسة الولايات المتحدة مصدرا لإلهام الكثيرين، ولم ينج مع ذلك من تهمة الإسلام. 

وتجد الكاتبة أن "صعود السيد وطليب وعمر يقوض رؤية الديكتاتوريين في المنطقة العربية، وهي أن شعوبهم ليست جاهزة للديقمراطية، وقال السيد: (لن يتمكن الناس من الوصول إلى السلطة في بلادهم، لكنهم يحصلون عليها لو تركوها، وهذا يدمر نقاش السيسي وابن سلمان)، مشيرا إلى الرئيس المصري وولي العهد السعودي، ويضيف: (من المفارقة أنني لا أحلم في القيادة في مصر بلد والدي)". 

وتشير سالم إلى أن حلفاء أمريكا في المنطقة يخشون من دعوة القادة العرب الجدد في الحزب الديمقراطي إلى تغيير الأنظمة في بلادهم الأصلية، فقد أنفقت دول الخليج الملايين من الدولارات على حملات العلاقات العامة في العواصم الغربية، ولهذا فهي تشعر بالتهديد من قادة مستقلين يعرفون المنطقة جيدا، ولهذا تم تأطير مواقف هؤلاء القادة المبدئية تجاه انتهاكات حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية بكونها تحيزات شخصية. 

وتفيد الكاتبة بأن معلقا عادة ما يعكس مواقف الحكومة في بلاده قام بنشر تغريدة لمسؤولين حكوميين تهدف لنشر الشائعات، بأن عمر من "أصول حوثية"؛ وذلك لتقويض هجومها على الدعم الأمريكي للتحالف السعودي في اليمن، مشيرة إلى أن مدونة سعودية وصفت المسلمين الأمريكيين في الحزب الديمقراطي بـ"الإخونجية". 

وبحسب المجلة، فإن الهجوم على المسلمين الأمريكيين بدأ قبل انتخابات العام الحالي، ففي عام 2014 أصدرت حكومة الإمارات قائمة للجماعات الإرهابية، ضمنت فيها مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير)؛ بسبب مزاعم ارتباطه بالإخوان، وزادت الهجمات على عمر وطليب وربطهما بالإخوان المسلمين بعدما رحبت "كير" علنا بانتخابهما للكونغرس، مشيرة إلى أن الأكاديمية في الإمارات نجاة السعيد انتقدت احتفاء الصحافة العربية بفوزهما، وأشارت إلى دعم "كير" لهما كدليل على ارتباطهما بالإخوان المسلمين.

وتبين سالم أن الهجوم على عمر لم يخل من تلميحات عنصرية، فرغم تعرضها مع طليب لحملات تشويه، إلا أنه سهل على المهاجمين استهداف عمر لتراثها الإفريقي، فالنمطيات السلبية عن الأفارقة الذين يعملون في دول الخليج تنتشر بشكل واسع في المنطقة.

وتجد المجلة أن هذا كان واضحا في وسائل التواصل الاجتماعي والهجوم الذي شنه الكاتب السعودي أحمد الفراج، الذي يعمل مع المؤسسة الإماراتية "تريندز ريسيرتش أند أدفايزي" على عمر، وهاجمها لأنها انتقدت رد ترامب على تقييم المخابرات الأمريكية بشأن تورط محمد بن سلمان في مقتل الصحافي جمال خاشقجي، وغرد الفراج لأكثر من 60 ألف متابع له، قائلا: "هذه المخلوقة البائسة التي جاءت من بلاد متخلفة، ويكره فيها الناس عرقهم أكثر من عدوهم"، وتبعت ذلك موجة من التعليقات العنصرية، حيث رد أحدهم بعنوان من بيت شعر للمتنبي، يقول فيه: "لا تشتر العبد إلا والعصا معه إن العبيد لأنجاس مناكيد".

وتعتقد الكاتبة أن "الهجوم العنصري على عمر قام على افتراضين خاطئين، وهما أنها عنصر في جماعة الإخوان المسلمين، والثاني أنها متزوجة من شقيقها، وظهرت هاشتاغات باسماء مجهولة، لكنها عكست لغة موجودة في حسابات مرتبطة بالحكومة، إن شكل الهجوم واضح في الهجمات الإلكترونية التي استخدمها أنصار محمد بن سلمان وبشكل منتظم ضد معارضيهم". 

وتختم سالم بالقول إنه "ليس من المفاجئ رد حلفاء أمريكا الديكتاتوريين بنوع من الفزع على ظهور الأصوات السياسية المسلمة في الولايات المتحدة، فقد انتفعت هذه الأنظمة من الخيار المزيف الذي تقدمه لصناع السياسة في الغرب، وهي أن البديل الوحيد لهم هو المتطرفون، وقد أضعف هذا النقاش السياسيون الأمريكيون الذي يشتركون مع هذه الأنظمة في الدين، لكن ليس في موقفها من الديمقراطية".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)