سياسة عربية

مركز دراسات يمني يتوقع فشل مشاورات السويد.. لهذه الأسباب

تشهد السويد محادثات لأطراف النزاع في اليمن لتمهيد الطريق لحل الأزمة المستمرة- جيتي

نشر مركز دراسات يمني، تقريرا تناول المحادثات التي تجرى في السويد، متوقعا فشلها، لأسباب استعرضها، معتبرا أن طريق السلام لا يزال طويلا وصعبا في اليمن.

 

وأكد في تقريره الذي حصلت "عربي21" على نسخة منه، استبعاده أن تحقق مشاورات السلام الجارية في السويد، أي خارطة مقبولة للحل من كل الأطراف.

وذكر مركز أبعاد للدراسات والبحوث، أنه سيكون هناك تقدم في مشاورات السويد، خصوصا في ملف الأسرى والمعتقلين، كأحد إجراءات بناء الثقة ليس أكثر.

وتوقع في الدراسة التي حملت عنوان "السلام الصعب لليمنيين"، ونشرها مساء الاثنين، فشل المشاورات جزئيا في تحقيق خارطة سلام مقبولة من كل الأطراف اليمنية المتحاربة.

وأوردت الدراسة أن هناك إمكانية لعقد جولة ثانية من المشاورات، ربما تكون في الكويت"، مضيفا أن طريق السلام لا يزال طويلا وصعبا، مع دخول أطراف جديدة في الحرب، لم تكن موجودة في آذار/ مارس 2015.

 

ما بعد المحادثات


وكشف مركز أبعاد للدراسات عن استعداد ثلاث مناطق عسكرية في نهم في محيط العاصمة للتقدم باتجاه أرحب (شمالي صنعاء) والسيطرة الفعلية على مطار صنعاء في حال فشل المشاورات.

وأضاف : "ربما ينفجر الوضع عسكريا في الحديدة (غربا)، لكن إذا نجحت الضغوط الدولية في تجنيبها الحرب، ستبقى جبهة استنزاف على طول 70 كلم".

وجاء في الدراسة، أن تحرك المبعوث الدولي مارتن غريفيث الذي يقود المشاورات الجارية في ستوكهولم بالسويد "أتى محمولا برغبة دولية، لوقف الحرب في اليمن، وإنهاء ما وصفته الأمم المتحدة بأكبر أزمة إنسانية في العالم".

 

اقرأ أيضا: مبادرة أممية جديدة لوقف الحرب في الحديدة.. هذه تفاصيلها


وذكر المركز اليمني أن مبعوث الأمم المتحدة استغل الضغط الدولي بشأن مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في الضغط على السعودية من أجل تحقيق تقدم في الرؤية التي يقترحها من أجل السلام.

ووفقا للمركز، فإن استراتيجية غريفيث التي تقوم على شعار خطوة تتبعها خطوة، تبدو غير واضحة، وتستغرق وقتا طويلا، مع إمكانية جعل أحد المتحاربين المفاوضات رهينة لمطالب غير معقولة.

 

"جوهر الخلاف"


وتطرقت الدراسة إلى جوهر الخلاف بين الترتيبات الأمنية والسياسية ومن يملك القيادة الانتقالية، مشيرة إلى أن الحوثيين مصرون على أن يتم البدء في التفاوض على الجانب السياسي، وهو ما يجعل الحرب تحتاج إلى أشهر من المفاوضات، قبل أن تتجدد بشكل أكثر عنفا.

ولفتت الدراسة الصادرة عن "مركز أبعاد"، إلى أن هناك معضلة تبدو واضحة في هذه الجولة، وكل جولات المشاورات السابقة، تتمثل في الخلاف حول البدء بالجانب السياسي أم الأمني، حيث يصر الحوثيون على البدء بالأول، بينما ترفض الحكومة اليمنية وتصر على الملف الأمني.

وترى الحكومة اليمنية الالتزام بالمرجعيات الثلاث، وفقا للمركز.

وتذّكر الدراسة بأن الحوثيين وافقوا في الجولة الأولى من المشاورات في جنيف عام 2015، تحت ضغط أممي على الاعتراف بالقرار الأممي 2216، الذي يطالبهم بـ"الانسحاب من المدن وتسليم السلاح، الذي تم نهبه من مخازن الجيش اليمني للحكومة اليمنية".

لكن في هذه الجولة من المشاورات في السويد، يرفض الحوثيون الاعتراف بالمرجعيات الثلاث، التي تتمسك بها الحكومة، وهي "المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وقرارات مجلس الأمن أهمها القرار 2216"، ويريدون قرارا جديدا من مجلس الأمن يستوعب التطورات الجديدة.

 

وهو ما يشير وفق الدراسة، إلى أن الحركة الحوثية، تسعى لإبقاء سيطرتها على المدن، مع ضمان بقاء الأسلحة في أيديهم، ورفض الاعتراف بضرورة عودة السلطة الحكومية للبلاد.

 

اقرأ أيضا: صحيفة روسية: الرياض "مستاءة" من فرض السلام في اليمن


وأوضح مركز أبعاد أن هذه المعضلة الرئيسة تدور في إطار من الاختلاف الحاد الذي قد يُفشل أي تقدم في الملفات الأخرى المتبقية، إذ إن الحوثيين يشترطون سلطة انتقالية جديدة لا تتضمن الرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي يعتبرون أنه "انتهى" بحسب تعبير أحد أعضاء وفدهم.

 

وتكون لهذه السلطة الانتقالية التي يقترحها الحوثيون أن تكون بين عامين وثلاثة أعوام، القدرة على استلام السلاح من جميع الأطراف، وهو تلميح أيضا، إلى سلاح الحكومة نفسها أو الجيش الوطني.

 

نقاط هامة بالنسبة للحوثي


وتطرق المركز إلى نقطة مهمة، شكلت دافعا لجماعة الحوثي، بالقول: "تمثل مشكلة المليشيات التي تعمل خارج إطار الحكومة والمدعومة من بعض أطراف التحالف العربي مبررا للحوثيين، بالإضافة إلى أن ضعف سيطرة الحكومة على المناطق الخاضعة لإدارتها يعد مبررا آخر للجماعة، سعيا منها لفرض رؤيتها على الحكومة والدول العشر الراعية، التي يتواجد سفراؤها ضمن جهود خلفية للضغط على الأطراف في السويد".

بموازاة ذلك، لم يستبعد المركز أن تنجرف مدينة الحديدة وميناؤها، إلى حرب دموية يتوقع أن تكون الأوسع والأكثر تدميرا، وقد توقفت المعارك مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بسبب ضغط كبير من المجتمع الدولي على التحالف العربي بقيادة السعودية.

وأكدت الدراسة أن التحالف يعي خطورة خوض معركة برية في شوارع وأزقة المدينة، فالعملية العسكرية المخطط لها أن تستمر أربعة أسابيع، قد تستمر أشهرا عدة.

ولذلك، فإنه لا يمكن التنبؤ بدرجة الاستعداد ولا بطريقة حرب العصابات في المدن التي قد تتحول إلى استنزاف طويل، وفق قولها.

وتفيد الدراسة بأن الحوثيين يحاولون أن يكون جهدهم منصبا على عدم فقدان الميناء، بالتالي فهم يعتبرونها معركة مصيرية.

في المقابل، يفترض أن ترى الحكومة في معركة "صنعاء" وتحريرها من الحوثيين معركة مصيرية، يمكن من خلالها إعلان انتصار على الجماعة تعود من خلاله لممارسة سلطتها من عاصمة البلاد الأصلية، وفق ما ذكرته الدراسة.

لا يمكن التعويل عليها 

وفي السياق ذاته، خلصت الدراسة إلى أنه لا يمكن التعويل على المشاورات الحالية في إيجاد نهاية للحرب أو إيقافها، حيث ستنتهي يوم 14 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، وستكون هناك جولة جديدة في كانون الثاني/ يناير مطلع العام المقبل في دولة أخرى ربما تكون الكويت.

وقالت إن تقدما قد يتحقق بشأن مطار صنعاء، إذا قبل الحوثيون بالتفتيش في المطارات اليمنية.

لكنه استبعد، حدوث أي تقدم في ما يخص ميناء الحديدة والبنك المركزي لصعوبة ذلك.

وأشارت إلى أن انتهاء هذه الجولة من المشاورات دون اقتناع الحوثيين بعودة الحكومة كسلطة انتقالية يشاركون فيها وتقديم الأمني على السياسي، قد يؤدي إلى عودة التحالف في دعم الحكومة وخوض حرب السيطرة على ميناء الحديدة، وإن كان ذلك مكلفا. مؤكدة أن الضغوط الدولية قد تتجدد لمنع حدوث مثل هذا الأمر لتبعاته الإنسانية.

وطرحت احتمالية تحرك عسكري، للقوات الحكومية، في منطقة "نهم" شرقي صنعاء باتجاه مديرية أرحب، خلال الفترة بين كانون الأول/ ديسمبر الجاري وكانون الثاني/ يناير المقبل.

وبحسب الدراسة التي أعدها مركز "أبعاد"، فإن تحرك جبهة نهم، يبدو هذه المرة بدافع شعبي (قبلي) عسكري، أكثر من كونه توجها للتحالف العربي، الذي قد يقدم خدمات لوجستية، وبعض طلعات الطيران الجوية، لكنه لن يستطيع منع هذه المعركة.

واختتمت الدراسة بالقول: "ما لم يحصل الاتفاق أو انتصار طرف على طرف، فإن البلد أمام حرب طويلة تؤسس لفوضى، سرعان ما تخترق جدار الأمن الاقليمي وتهدد أمن دول الخليج تحديدا، وتضع ممرات التجارة الدولية في قلب تلك الفوضى".