ملفات وتقارير

لماذا انسحب 32 مستثمرا سعوديا من مصر.. ما علاقة الإمارات؟

خبراء: علاقة السيسي بولي عهد أبو ظبي أقوي من السعودية- جيتي

أكد اقتصاديون وسياسيون أن قرار مجموعة "جسور المحبة" السعودية بتصفية استثماراتها بمصر، بعد عامين على تأسيسها لعدم الجدوي الاقتصادية للمشروع يمثل ضربة شديدة لرئيس الإنقلاب المصري عبد الفتاح السيسي، كما أنه قرار يعكس الأسباب الحقيقية من وراء تأسيس هذه الشركة التي لم تضخ أية استثمارات فعلية.


وكان رئيس مجلس الأعمال السعودى المصرى عبدالله بن محفوظ، أعلن أن رجل الأعمال السعودي صالح كامل و32 مستثمراً سعوديا، قرروا تصفية شركة "جسور المحبة" التى تم تأسيسها خلال زيارة العاهل السعودى سلمان بن عبدالعزيز للقاهرة منتصف 2016، برأسمال 6 مليارات جنيه (340 مليون دولار).


ووفقا لتصريحات ابن محفوظ، فإن المجموعة تم تأسيسها برأسمال كبير بناءً على عواطف ومشاعر طيبة بعد تنفيذ مشروع قناة السويس، لكن الخطوات العملية أظهرت ضعف جدواها الاقتصادية، لذا قرروا تصفيتها.


ويأتي قرار المستثمرون السعوديون ليطرح تساؤلات عن مصير الاستثمارات السعودية التي تم الإعلان عنها في إطار صفقة التنازل عن "تيران وصنافير"، والتي تبلغ 26 مليار دولار، بالإضافة لاستيعاب سوق العمل السعودي لـ 300 ألف مصري، حسب تصريحات بن محفوظ نفسه؟، وهل يمثل هذا التراجع ردا سعوديا على استحواذ مجموعة موانئ دبي على النصيب الأكبر من موانئ قناة السويس، والبحر المتوسط، خاصة وأن الاستثمارات السعودية كانت موجهة لمشروعات الخدمات البحرية بمحور القناة؟

 

أرقام مضللة


من جانبه أكد الخبير الاقتصادي أيمن النجار لـ"عربي 21" أن تصفية جسور المحبة كان متوقعا، خاصة وأن المستثمر الأساسي بها وهو الشيخ صالح كامل رهن الاعتقال منذ أكثر من عام بتهم الفساد.


وأشار النجار إلى أن ما يلفت النظر هو أن قرار التصفية تم الاعلان عنه بشكل محدود، ولم يكن من خلال بيان رسمي، وإنما من خلال سؤال موجه لابن محفوظ بمؤتمر صحفي عن مصير المجموعة الغامض.

 

واستطرد: "البيان الرسمي للسفارة السعودية بالقاهرة في حزيران/يونيو الماضي، أكد ان الاستثمارات السعودية بمصر بلغت 6.1 مليار دولار، مقابل 1.1 مليار استثمارات مصرية بالمملكة، ووفقا للبيان فقد زاد التبادل التجاري بين البلدين بقيمة 2.3 مليار دولار خلال النصف الأول من العام المالي الحالي".


وأوضح النجار أن هذه الأرقام تخالف ما سبق وأعلنته المملكة أثناء اتفاق التنازل عن تيران وصنافير، بأنها تستثمر في مصر بقيمة 26 مليار دولار، وأنها سوف ترتفع خلال الأعوام الخمسة التي تتلو 2016 لتصبح 51 مليار دولار، ولكنها أمور لم تحدث على أرض الواقع.


ووفقا للنجار فإن الجانب الآخر من الاتفاق وهو استيعاب السوق السعودية لـ 300 ألف مصري، تم تطبيقه بشكل عكسي من خلال إنهاء عقود آلاف المصريين العاملين بالمملكة في إطار حملة التقشف والسعودة التي يديرها بن سلمان، ووفقا لاحصائيات مصرية شبه رسمية فإن أكثر من نصف مليون مصري سوف يغادرون المملكة قبل منتصف 2019.

 

مصالح ابن سلمان


ويشير الباحث بعلم الاقتصادي السياسي وليد مسعود أن حزمة الاستثمارات التي أعلنت عنها السعودية في مصر كانت من قبيل الدعاية المصاحبة لزيارة العاهل السعودي للقاهرة لوضع الرتوش الأخيرة على صفقة تيران وصنافير، وهي دعاية كانت موجهة للشعب المصري أولا بأن الحفاظ على العلاقات مع السعودية سوف يزيد من التنمية الاقتصادية بما يعود عليه بالنفع.

 

ويضيف مسعود لـ "عربي 21" أن السعودية تمر بظروف اقتصادية خطيرة للغاية نتيحة الوضع السياسي الذي وضعها فيه بن سلمان، بسبب قضية خاشقجي، بالإضافة إلي أن "جسور المحبة"، تم تأسيسها نتيجة لضغوط سياسية ارتبطت بحدث معين، ولأن هذا الحدث انتهي وتم التنازل عن الجزيرتين، فليس هناك مانع من سحب الوعود، خاصة وأن الشركة لم يكن لها وجود على أرض الواقع وبالتالي لن تخسر شيئا من انسحابها.


ويضيف الباحث بعلم الاقتصاد السياسي، أن عدم نشر الخبر بشكل موسع، يؤكد أيضا أنه كان رسالة للسيسي قبل زيارة بن سلمان للقاهرة في إطار جولته الأولي بعد حادثة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده بإسطنبول، ولضمان الحصول على الدعم المصري، أراد لي ذراع النظام بمثل هذه الخطوة التي لم يكن بحاجة إليها في الأساس، لارتباط المصالح بينه وبين السيسي.


ولا يستبعد مسعود أن تكون سيطرة شركة موانئ دبي على معظم المشروعات بمحور قناة السويس سببا في ذلك، في ظل قناعة السعوديين، بأن علاقة السيسي بولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد أقوي من السعودية، وفي ظل الصراع غير الخفي بين الدولتين على السيطرة الاقتصادية والسياسية، فإن قرار المجموعة يبدوا منطقيا في هذا الاتجاه.


ويري مسعود أن تبرير المجموعة لانسحابها بعدم الجدوي الاقتصادية، يمثل دعاية سيئة للاقتصاد المصري في أهم مشروع يعول عليه السيسي وهو محور قناة السويس، والذي يشهد أزمات كثيرة، منذ إنشاءه، وبالتالي فإن هذا القرار يمكن أن يدفع شركات ومجموعات أخري لسحب استثماراتها، إما بسبب الركود الاقتصادي العالمي، أو للأوضاع السياسية المتأزمة بمصر والمنطقة.