حول العالم

قبائل غابة الأمازون المنعزلة عن العالم أمام مخاطر متنامية

تؤثر تجارة المخدرات على القبائل المعزولة - أ ف ب

ترفض قبائل من السكان الأصليين في غابات الأمازون أي اتصال بالعالم الخارجي، لكنها لا تسلم من الأضرار المتزايدة التي يسببها تجار المخدرات ومستغلّو الغابات.

 

تغطي غابة الأمازون نصف مساحة البيرو، وهو واحد من البلدان القليلة في العالم التي ما زال فيها وجود لقبائل السكان الأصليين ترفض كثير منها أي اتصال بالآخرين.

 

وتقول وزارة الزراعة في البيرو إن 16 قبيلة تعيش في غاباتها، يبلغ مجموع عدد أفرادها 4500 شخص، تختار العزلة عن العالم، بخلاف ثلاث قبائل يبلغ عدد أفرادها 2500 لا تمانع في الاتصال بالمجتمعات الأخرى.

 

وتعيش كل هذه الجماعات من السكان الأصليين في محميات طبيعية في مناطق أوكايالي ومادري دي ديوس وكوسك، في شرق البلاد.

 

وتبدي الجماعات المعزولة سلوكا عدائيا قد يتّسم بالعنف مع أي محاولة للاتصال بها، كما جرى مع المبشّر الأميركي الذي قتلته قبيلة من السكان الأصليين في جزيرة هندية في 16 تشرين الثاني/نوفمبر، حين رسا فيها لتبليغهم الرسالة المسيحية.

 

ومصدر هذا الرفض القاطع للاتصال مع الغرباء ما تعرّضت له هذه القبائل من اعتداءات أو ما التقطته من أمراض معدية.

 

ففي زمن "حمّى الكاوتشوك" بين العامين 1879 و1912، أمسك بعض المستثمرين بأفراد من هذه الجماعات واستعبدوهم، ففرّ الآخرون وانزووا في أعماق الغابة.

 

ورغم كل هذه الاحتياطات، لم ينجح السكان الأصليون في البقاء بمنأى عن الضرر الخارجي، فالاستغلال غير الشرعي للموارد وتجارة المخدرات من العوامل التي تهدد رخاء قبائل الغابات وحياتها الهادئة.

 

ويقول أرخميدس ليون المسؤول في الشرطة في البيرو: "لا يعبأ تجار المخدرات بالمناطق المحمية" بل يتوارون فيها ويُخفون فيها أنشطتهم.

 

نداء غير مسموع 

 

تجذب الثروة الطبيعية في غابة الأمازون جشع المستثمرين، فالباحثون عن الذهب يجوبون مسالكها فيما ينهمك آخرون بقطع الأشجار بما فيها تلك المهددة بالاندثار.

 

ويقول اتحاد قبائل السكان الأصليين في منطقة نهر مادري دي ديوس، عاصمة النشاط المنجمي غير الشرعي في البيرو: "يقتحم الغرباء الغابة عادة بعنف لجعل السكان الأصليين يغيّرون أماكن سكنهم".

 

ومن الأمور التي تهدد حياة القبائل أيضا ما هو قانونيّ، مثل شقّ الطرقات ومشاريع التنمية السياحية.

 

في كانون الثاني/يناير الماضي، أقرّ البرلمان في البيرو شقّ طرقات في الغابة، رغم دعوة البابا فرنسيس من البيرو لحماية جماعات السكان الأصليين، وتنديده بالضغط الذي تمارسه "المصالح الاقتصادية الكبرى التي تطمع بالنفط والغاز والخشب والذهب والزراعات الصناعية".

 

ويبدو أن نداءه لم يلق آذانا صاغية، فالسلطات في البيرو لم تتّخذ حتى الآن أي إجراء لحماية القبائل المنعزلة، فيما تفقد الغابة سنويا 120 ألف هكتار من مساحتها.

 

وتقول نانسي برتغال المسؤولة عن الشعوب المنعزلة في وزارة الثقافة: "ينبغي أن يكون أي تدخّل في الغابة مخططا له لكي لا ينعكس على السكان الأصليين أو الأنواع الحية".

 

لكن في ظلّ ضعف إمكانات المراقبة من جانب السلطات في هذه المناطق المترامية الأطراف، لا يبدو هذا الأمل قابلا للتحقيق.

 

وتعيش قبيلة ماشكو بيرو، وهم رُحّل عددهم 900 شخص يعتاشون من الصيد وجني الثمار، في محميتين طبيعيتين قرب مدينة كوسكو وموقع ماتشو بيتشو حيث يتركّز السياح. لكن وزارة السياحة تنشر عناصر تفتيش يمنعون الشركات السياحية من التسلل إلى مواطنهم.