عاد الحديث عن "
النقاب" إلى عناوين الأخبار في
مصر مجددا؛ بعدما تقدمت النائبة
البرلمانية غادة عجمي، بمشروع قانون يحظر ارتداءه بالأماكن العامة، ويقر غرامة ألف جنيه للمخالفات، وألفين جنيه لتكرار المخالفة، مع احتمال توقيفهن في الشارع.
النائبة عجمي، قالت بتصريحات صحفية إن القانون سيتم طرحه يوم 11 تشرين الثاني/نوفمبر، بالبرلمان، ويتكون من 8 مواد عرفت فيها النقاب، وأماكن
منع ارتداءه، والعقوبة المقررة، ومضاعفاتها مع تكرار المخالفة.
وزادت النائبة حالة الجدل بمداخلة هاتفية مع المذيع عمرو أديب مساء السبت، بقولها: إنه "حال إقرار القانون سيتم القبض على أي سيدة ترتدي النقاب بالشارع وتحرير محضرا لها وعدم الإفراج عنها إلا في حال دفع غرامة 1000جنيه ويتضاعف المبلغ في حال تكرر الأمر".
وأضافت: "النقاب ليس حرية شخصية ونتجت عنه الكثير من الجرائم ، ومفتي الجمهورية السابق الدكتور علي جمعة، قال: إنه ليس فرضا، والدكتورة آمنة نصير، قالت: إنه ليس من الإسلام بل عادة يهودية".
وعجمي، كانت أثارت الجدل في تشرين الأول/أكتوبر 2017، بمطالبتها تحديد النسل ورفع الدعم عن الطفل الثالث وقولها إن "الزيادة السكانية أحد أسباب انتشار الفقر والتسرب من التعليم وزنا المحارم وزواج القاصرات".
وقبل أيام من الإعلان عن مشروع القانون، شن أدباء ومثقفون يساريون وعلمانيون حملة ضد النقاب، وبينهم الروائي علاء الأسواني، الذي قال عبر "تويتر"، في 27 تشرين الأول/أكتوبر : "حريتك تنتهى عند حدود حريات الآخرين، وكذلك النقاب ليس حرية شخصية لأنه ليس من حق أى شخص رجلا أو امرأة أن يغطى وجهه ويتعامل مع الناس".
وتزعمت الكاتبة الصحفية فريدة الشوباشي، تلك الحملة عبر الفضائيات، وأعربت بحوار لفضائية "صدى البلد"، عن رفضها للنقاب بحجة أنه يمثل اعتداء على حريتها الشخصية وأن من حقها أن ترى وجه من تتعامل معه.
وجاء رد أحد علماء الأزهر قاطعا حول تلك الهجمة، حيث قال أستاذ الشريعة والفقه المقارن بجامعة الأزهر، الدكتور أحمد كريمة، لفضائية "إل تي سي": "بدلا من محاربة النقاب والحجاب يجب محاربة العري، وأكد أن "الحملة الموجهة حاليا لمنع النقاب، تسيء للدولة".
وأثناء ذلك الجدل؛ أوصت هيئة مفوضي الدولة، بعدم اختصاص قضاء مجلس الدولة ولائيا بنظر الدعوى المقدمة من المحامي الهيثم هاشم بـ "حظر النقاب"، والتي طالب فيها بإلزام مجلس النواب وشيخ الأزهر بإصدار قانون لحظره.
وفي 23 تشرين الأول/أكتوبر، رفضت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة حظر فرنسا ارتداء النقاب، وأكدت أنه يمثل انتهاكا لحقوق الإنسان، وأمرتها بمراجعة التشريع وأمهلتها 180 يوما لمراجعة القانون، الذي أقره البرلمان الفرنسي عام 2010 وفرض غرامة 150 يورو لمرتديات النقاب.
فرنسا لم تنجح
وفي تعليقه على مشروع القانون، قال الشيخ السلفي، أحمد لبيب، "من جانب الشريعة الإسلامية لا يجوز مواجهة نصوص صريحة في الدين بالقوانين"، مضيفا أنه "لو تبين أن الهدف هو الطعن بالدين والحرب عليه فهذا يصل للخروج منه، وإذا كان الهدف فرض رأي معين -كون النقاب عليه خلاف فقهي- بقوة القانون فهذا يصل لدرجة الفسوق".
وأوضح لـ"
عربي21"، أن من يزعمون بأن النقاب يؤثر سلبا على المجتمع فهم بذلك يخالفون صحيح الدين، وينفذون ما يملى عليهم من الغرب الذي يقول لهم "إفعلوا ولا تفعلوا".
وحول دور الدعوة السلفية حال إقرار القانون، قال إن "تم فلا تأثير له ولن يتم تطبيقه بشكل فعلي، فكم من قوانين وقرارات لم ينجح أحد بفرضها"، مشيرا لوجود قوانين منع النقاب بعدة دول أوروبية موضحا أن "فرنسا على سبيل المثال رغم أنها أولى الدول التى منعت النقاب وبها عدد قليل من المنتقبات؛ إلا أنها لم تنجح"، مضيفا "فما بالك بمصر التي ينتشر بها النقاب".
وأكد الباحث الإسلامي أن "المحاولات السابقة لمنع النقاب من الجامعات باءت بالفشل فبعد منع دخول المنتقبات جامعة القاهرة والتشديد والمضايقات حتى أثناء الامتحانات؛ زاد عدد المنتقبات، كما مثل منعه ضغطا كبيرا على إدارة الجامعات وأمن البوابات".
وبشأن السر وراء تركيز بعض أعضاء البرلمان مع المنتقبات، قال إن "تلك المحاولات ليست جديدة والضغط على أصحاب الطريق الصحيح دائمة لوقف الصحوة الإسلامية"، مؤكدا أن "كل تلك المحاولات تأتي على عكس ما أرادوا منها".
يخالف الشرع والقانون والدستور
ويرى الأستاذ بجامعة الأزهر، الدكتور ياسر محمد، أن هذا القانون لو تم إقراره فإنه "مخالف للدستور؛ الذي ينص على اعتبار الشريعة الإسلامية مصدر التشريع"، موضحا أنه "مخالف أيضا لحق الحرية الدينية ويناقض المواثيق الدولية التي وقعت عليها مصر والتي من بينها حرية اللباس ما دام غير مخالف للآداب العامة والنظام".
محمد، أكد لـ"
عربي21"، أنه بناء على ماسبق فإن القانون الذي يتحدثون عنه باطل قانونا وشرعا، مشيرا لاعتقاده بأن "المقصود منه هو إثارة اللغط الإعلامي، وصرف الإنتباه عن المشاكل الأساسية، وتهديد المنتقبات".
وقلل الأكاديمي الأزهري، من نتائج إقرار هذا القانون بالبرلمان برغم توافقه مع توجه النظام بحجة العمليات الإرهابية واستجابة للحملات الاعلامية المستمرة ضد النقاب على ألسنة يساريين وعلمانيين، وقال "حتى لو صدر القانون ستجد من يطعن عليه قانونا وربما تكون نتائجه على خلاف المتوقع".
وحول توقعه لوجود رد فعل قوي من الأزهر ونواب السلفيين بالبرلمان والدعوة السلفية، أكد أن "موقف الأزهر معروف، وأتوقع رد فعل ضعيف، أما السلفيين فلا أتوقع لهم ردا فقد باعوا القضية"، مؤكدا أن "العبرة في الاحرار وأصحاب المبادئ أيا كانوا وأيا كان فكرهم".