صحافة دولية

ميدل إيست آي: اختفاء خاشقجي يفتح الصراع بين الرياض وأنقرة

بدا تعاطي الإعلام التركي مع اختطاف خاشقجي قويا، في ظل تأكيدات على أن تركيا لن تتصرف بالبرود ذاته الذي أظهرته سويسرا- جيتي

نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني تقريرا، تحدث فيه عن قضية الاختفاء الغامض للصحفي والمعارض السعودي، جمال خاشقجي، التي قد تؤدي لتوتير العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وأنقرة أكثر.

 

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن هذه الواقعة ستلحق الضرر بصورة السعودية على المستوى الدولي، في ظل تعرضها لانتقادات بسبب تاريخها في مجال حقوق الإنسان.

وأفاد الموقع أن تركيا والسعودية، اللتين كانت تجمعهما علاقة تحالف وثيقة حتى وقت قريب، تبدوان الآن مقبلتين على مواجهة خطيرة، بعد اختفاء جمال خاشقجي، الكاتب والمعارض السعودي البارز، يوم الثلاثاء أثناء تواجده في إسطنبول.

وأوضح الموقع أن خاشقجي كان في زيارة للقنصلية السعودية في إسطنبول، بهدف إتمام إجراءات الطلاق. وقد بقيت خطيبته خارج المبنى، وترك معها هاتفه الجوال وبعض المتعلقات الشخصية الأخرى، ولم تره منذ ذلك الوقت.

وذكر الموقع أن هذه الحادثة خلفت حالة من القلق الشديد، بين أفراد عائلة خاشقجي وأصدقائه، وفي أوساط الصحف العالمية أيضا، ومن بينها صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.

 

ويعود السبب في ذلك إلى المخاوف من تعرضه لمحاولة اختطاف، مثلما تعرض لذلك معارضون آخرون للمملكة بين 2003 و2017.


اقرا أيضا :  توماس فريدمان يغرد عن خاشقجي ويطالب ترامب بالتدخل


وأشار الموقع إلى عمليات الاختطاف السابقة التي على الرغم من التغطية الإعلامية الكبيرة التي حظيت بها، وكشف شبكة "بي بي سي" البريطانية لمعلومات حول حدوثها على الأراضي السويسرية، إلا أن السلطات في سويسرا لم تتخذ الإجراءات اللازمة.

 

ولكن هذه المرة، يبدو تعاطي الإعلام التركي مع اختطاف خاشقجي قويا، في ظل تأكيدات على أن تركيا لن تتصرف بالبرود ذاته الذي أظهرته سويسرا.

وأكد الموقع أن ردة الفعل التركية كانت منذ البداية سريعة وقوية، إذ أنه في غضون ساعات قليلة بعد اختفاء خاشقجي، تم تداول الخبر من قبل كافة وسائل الإعلام، ومن ضمنها وكالة الأناضول للأنباء.

 

وقد ذكر المتحدث الشخصي باسم الرئيس التركي، إبراهيم كالين، أن الكاتب السعودي اختفى أثناء تواجده في القنصلية، وأن السلطات التركية تعتقد أنه لا يزال هناك.

 

كما تخضع كافة السفارات الأجنبية لرقابة شديدة، وبالتالي، يعتبر من الصعب أن يكون خاشقجي قد غادر دون أن تتم ملاحظة ذلك.

وقال الموقع إن السلطات السعودية أصدرت بيانا تدعي فيه أن خاشقجي غادر مبنى القنصلية، وربما يكون قد اختفى في مكان آخر.

 

وتعد هذه التصريحات بمثابة خطوة خاطئة، ستضعف من مصداقية المملكة أكثر، وتعقّد قضية اختفاء خاشقجي، كما ستزيد من الاهتمام الإعلامي بها في تركيا والعالم.

ولا يخفى على أحد أن النظام السعودي، وبشكل خاص ولي العهد، محمد بن سلمان، لا يشعر بالرضا على جمال خاشقجي، رئيس التحرير السابق في صحيفة الوطن، الذي كان من منتقدي التيار السلفي في الخليج.

 

اقرا أيضا : اعتصام تضامني مع خاشقجي أمام قنصلية الرياض (شاهد)

 

تجدر الإشارة إلى أنه قبل ستة أسابيع، كتب خاشقجي مقالا في صحيفة "واشنطن بوست" اعتبر فيه أن الولايات المتحدة أخطأت في عدائها للإخوان المسلمين في مصر.

ونوه الموقع بأن العلاقة بين تركيا والسعودية تمر بفترة توتر، بسبب دعم تركيا للإخوان المسلمين، ودعمها أيضا لقطر بعد تعرضها للحصار، وتقربها من طهران، العدو اللدود للرياض. وتبدو مشاعر الضغينة متبادلة بين البلدين.

 

فخلال زيارته الأخيرة للمملكة المتحدة، يُعتقد أن ولي العهد، محمد بن سلمان، وجه انتقادات لرجب طيب أردوغان أمام المسؤولين البريطانيين.

وأفاد الموقع أن كل هذه الخلافات تعني أن تركيا ليست البلد المناسب لتنفيذ عملية اختطاف لمعارض سعودي.

 

وإذا لم يتم حل هذه المسألة بشكل ودي وسلس، فسوف تؤدي لمزيد من التوتر بين أنقرة والرياض، الذي قد تطال تأثيراته المنطقة ككل.

 

ويبدو أن الموقف التركي في هذه القضية معقد، باعتبار أن القنصلية السعودية، كغيرها من البعثات الدبلوماسية المعتمدة في العالم، تتمتع بالحصانة الدبلوماسية، ولا يمكن للسلطات التركية اقتحامها.

وخلص الموقع إلى أن أسلم حل بالنسبة للسعودية، يتمثل في إطلاق سراح الصحفي المختطف، على أمل أن تمر الحادثة مرور الكرام.

 

لكن إصرار القنصلية على إنكار احتجازها لجمال خاشقجي يعني أنها لن تسلك هذا الطريق. وفي حال أصرت السعودية على مواصلة احتجاز خاشقجي، فإن السلطات والرأي العام التركي سيدركان هذا الأمر.

بناء على ذلك، ستصبح القضية أكثر خطورة، وربما تؤدي لقطيعة دبلوماسية بين البلدين، باعتبار أن السعوديين آنذاك يعتبرون مصرين على مخالفة القانون الجنائي التركي بشكل خطير.


اقرا أيضا :  انتهاكات بالجملة بحق المعارضين في عهد ابن سلمان (إنفوغراف)


وأضاف الموقع أنه في حال تم تهريب جمال خاشقجي لخارج البلاد، وهي فرضية تداولتها بعض الأطراف في تركيا، رغم أنها تبدو كمخاطرة كبيرة وصعبة جدا، فسيكون خاشقجي عندها قد بات خارج تركيا في الوقت الحاضر.

وفي الختام، ذكر الموقع أنه مهما كان مصير جمال خاشقجي، فإن قضية اختفائه جذبت اهتماما عالميا كبيرا، ومثلت دعاية سلبية للمملكة العربية السعودية، التي دائما ما تتعرض لانتقادات لاذعة بسبب تاريخها في مجال حقوق الإنسان.